تعويد الصغار علي الصيام خاصة في شهر رمضان مسئولية كبيرة ملقاة علي عاتق الوالدين, والجانب الأكبر منها تحمله الأم, فما هو السن المناسب لصيام الأطفال؟ وكيف يدربون علي الصيام؟ وهل من الجائز إجبارهم عليه إذا لزم الأمر؟ يجيبنا علي ما سبق فضيلة الدكتورمحمود عاشورأستاذ الشريعة ومن كبار علماء الأزهر الشريف قائلا: ان صيام الطفل في نهار رمضان لا يكون علي وجه التكليف وانما الترغيب والتحبيب. وتكاليف الشريعة الإسلامية لا ترد إلا علي البالغ العاقل; وذلك لحديث النبي صلي الله عليه وسلم:( رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتي يستيقظ, وعن الصبي حتي يحتلم, وعن المجنون حتي يعقل) رواه أبو داود. لذلك فإن صيام الطفل في نهار رمضان ليس علي وجه التكليف والوجوب, وإنما علي وجه التحبيب والترغيب, ويبدأ استحبابا من سن السابعة, كي يتدرب علي التزام الشريعة بالتدريج, حتي إذا ما كبر وبلغ وجد في نفسه الطواعية الكاملة للتقرب إلي الله سبحانه, وابتغاء الأجر والمثوبة. ومن هنا يعرف الوالدان حقيقة مسؤوليتهم تجاه أبنائهم, بتحبيب الصيام إلي نفوسهم, واستعمال وسائل الترغيب التي تعينهم عليه كالجوائز المادية والدعم النفسي, وتعظيم المشاعر الرمضانية التي يحبها الصغار والكبار, ليكون الشهر الفضيل أحب إليهم مما سواه من الأشهر, وليعلم الأبناء أن الله عز وجل يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر, وإنما يريد سبحانه التقوي من عباده, وأن الصيام ليس هو الامتناع عن الطعام والشراب فقط, بل أخلاق حسنة ومعاملة كريمة وتحمل للمسؤولية, وعناية تامة بالتربية والتعليم, وبهذا يتحقق المقصد الشرعي في صيام الأطفال.وروي الشيخان البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها- في حديثها عن صيام عاشوراء وقد كان واجبا في صدر الإسلام- قالت:( فكنا نصومه,ونصوم صبياننا, ونجعل لهم اللعبة من العهن- أي الصوف-, فإذا بكي أحدهم علي الطعام أعطيناه ذاك حتي يكون عند الإفطار).فينبغي علي الوالدين التوسط في صوم صغارهم, ولايكلفونهم ما لا يطيقون حتي يشق عليهم الصوم مشقة بالغة, فيصوم الصبي خوفا من تعنيف والديه أو السخرية منه إن أفطر, فتخور قواه حتي يلحقه العنت من ذلك. وفي الوقت نفسه لا ينبغي إهمال الأمر وفسح أنواع الطعام والشراب لهم في نهار رمضان, بل يراعي الوالدان مقصد الصيام, ويلاحظان أيضا البناء الجسدي لطفلهما وعمره وقدرته علي تحمل الصوم, وبناء عليه يأمرانه إما بإتمام الصوم أو بالفطر درءا للضرر.والمهم ألا يؤدي الصوم بالطفل إلي الشدة, وألا ينفر عن تلك العبادة فيكره تكاليفها, ويكون الفهم الخاطئ لحديث( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين, واضربوهم عليها وهم أبناء عشر) سببا للعسر والعنت, فقياس الصوم علي الصلاة في هذا الحديث مقيد بطاقة الطفل وتحمل بنيته.وأخيرا فإن علامات البلوغ هي: بلوغ سن الخامسة عشرة, أو الاحتلام, أو إنبات شعر العانة, أو الحيض للنساء.