لم تتوقع حماس حينما اختارت الانحياز إلي تنفيذ أجندتها الايديلوجية المنتمية إلي الإخوان علي حساب أجندة المقاومة الوطنية الفلسطينية, بأنها ستخسر معظم أوراقها التي كانت تراهن عليها بتلك السرعة في معركة إرادة الشعوب الرابحة, وذلك مع سقوط دولة الإخوان في مصر, وانتصار الهوية الوطنية المصرية ودولة المؤسسات في ثورة30 يونيو التي استجاب فيها الجيش المصري لنداء الديمقراطية. علي الرغم من الدعوة التي وجهتها فتح إلي حماس من أجل اتباع سياسة النأي بالنفس, والتوقف عن توريط الشعب الفلسطيني بالصراعات والقضايا الداخلية للبلدان العربية, إلا أنها لم تستجب لتلك الدعوة وتجاهلت خطورة تفضيل مصالحها الحزبية الضيقة علي مصالح الشعب الفلسطيني, تلك السياسة التي تبنتها حركة فتح وحرص عليها الرئيس أبو مازن, وأكد عليها كموقف فلسطيني ثابت تجاه حركات التغيير الثوري التي تشهدها النظم العربية, تجنبا لتكرار أخطاء الماضي, والتي تسببت في انجراف القضية الفلسطينية إلي صراعات تسببت في إلحاق أضرار بمصالح الشعب الفلسطيني, مثلما حدث في أحداث أيلول الأسود في الأردن, والحرب الأهلية في لبنان, وحرب الخليج. وقد تجلي ذلك الحرص في مساعي أبو مازن علي رأب الصدع بين الشعبين الفلسطيني والكويتي, فضلا عن زيارته التي قام بها مؤخرا إلي لبنان, من أجل إبقاء الفلسطينيين علي الحياد فيما يخص التناحر السياسي الداخلي في لبنان. وسقط حكم الإخوان قبل أن تقطف حماس ثمار تأييدها وانحيازها لهذا الفصيل, الذي دفعها نحو فك ارتباطها مع حلفائها في محور الممانعة( سوريا وايران وحزب الله), بل والمشاركة في إسقاطه من خلال تورط بعض عناصرها مع الإرهابيين القادمين إلي سوريا لإسقاط النظام تحت غطاء فتاوي إخوانية تجيز الجهاد في سوريا لإسقاط وتفكيك الجيش السوري العربي, التي خرجت من دائرة المواجهة العربية, بعدما صارت هناك عملية استنزاف داخلي للقدرات العربية. وقد أكد علي ذلك رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق جابي اشنكازي في أحد تصريحاته بأن الدول العربية جميعها لم يعد بها جيوش قادرة علي مواجهة إسرائيل. وقد خسرت حماس حينما وافقت أن تكون شرطة لإسرائيل يضمن أمنها من خلال هدنة عامود السحاب الإخوانية القطرية التركية, التي وافقت عليها في شهر نوفمبر الماضي كضريبة ولاء لتنظيم الإخوان, حتي يحظي برضا الأمريكيين من أجل دعمهم في مشروع أخونة الدولة المصرية, وصار الإخوان كنوزا وليس مجرد كنز استراتيجي لمصالح أمريكا وأمن إسرائيل واتضح ذلك في الدعم المفضوح لإدارة أوباما وسفيرته في مصر آن باترسون للاخوان. إلا أن الخسارة الكبري فهي نبذها من جانب غالبية الشعب المصري خاصة مع وجود دلائل وشواهد تشير الي احتمال تورط حركة حماس في سلسلة جرائم تمس السيادة المصرية, منذ ثورة25 يناير وحتي وقتنا الراهن. إلا أن الشعب المصري لن يقع في فخ العداء للشعب الفلسطيني الشقيق الذي يرفض هو الآخر الزج بالقضية الفلسطينية بمثل تلك المشاحنات الساعية نحو تنفيذ أجندات أيدولوجية راغبة في التمكين من السلطة. ومن غير المستبعد أن نشهد في المستقبل المنظور تدشين حركة تمرد في غزة لإعادة توحيد الفلسطينيين بالضفة وغزة. وتبقي حماس أمام خيارين إما فك الارتباط العضوي بأوامر وولاءات وانتماءات الجماعة, والانحياز فقط للمقاومة وتجريدها من المصالح الحزبية الضيقة, فضلا عن إبداء انحيازها للشعب المصري وليس إلي فصيل بعينه أضر بمصالح الشعبين, وإما التعنت وتجاهل تلك الاستحقاقات, بما يعني إنعزالها وسقوطها ونبذها للأبد من جانب الشعب الفلسطيني.