أعادت ثورة يونيو الأستاذ فهمي هويدي إلي مكانته التي تأرجحت طوال عهد الرئيس الإخواني, فقد ظلت مقالاته في الأهرام علي مدي اربعين سنة نموذجا للمقاومة المفعمة بروح الدين, وكان القراء ينتظرون مدفعيته الثقيلة كل ثلاثاء ضد النظام بحرفية حافظت علي تميزه, وتحمل في سبيل مبادئه الكثير حتي غادر الأهرام, وقامت ثورة يناير, وأسفرت ظروفها ومناوراتها عن وصول جماعة الإخوان وأخواتها للحكم, ببرلمان مشوه, ورئيس طلب أن نقومه إذا رأينا فيه اعوجاجا, وبعد أن اعوج أداؤه وتحصن بالجماعات الدينية المتطرفة, ولم يقدم حلا أو تفسيرا مقنعا للأزمات المتلاحقة, ألقي شبح المشروع الديني ظلاله علي كتابات الأستاذ هويدي وشكل مأزقا صحفيا يلخصه سؤال: إذا كنت صحفيا بنيت مشروعيتك الصحفية علي النقد المستقل سبيلا للدعوة الي مشروع إصلاحي ديني, وقامت ثورة أسفرت عن وصول جماعتك للحكم, فهل تظل مؤمنا بالنقد وأنه السبيل لإصلاح النظام؟ أم تهادن السلطة وتفعل ما فعل الأستاذ فهمي هويدي؟ تري أن ما يصنع من الرئيس ديكتاتورا هو أن يضعوا له سجادة مميزة داخل المسجد, لا أن يصدر إعلانا دستوريا ودستورا طائفيا بليل, وأن مكانة الأزهر تتحقق بعدم تدخله في السياسة وتنتقد زيارة الدكتور الطيب شيخ الإسلام لدول الخليج لأنها كانت علي خلاف مع نظام الجماعة, ولا نسمع كلمة نقد توجه للشيخ القرضاوي الذي دعا أمريكا لدعم فئة من المسلمين بالسلاح ليقتلوا فئة أخري مسلمة في سوريا, وحث الأستاذ فهمي الرئيس مرسي في18 يونيو الماضي علي المبادرة بالحل قبل30 يونيو قائلا: إن أعداد البشر ربما تفوق الذين نزلوا في25 يناير وأن الوطن أهم وأبقي من الجماعة ومن الرئاسة, وبعد أن فشل الرئيس كعادته في إدارة الأزمة وتعامل مع ملايين المعارضين بعقلية الكادر في الجماعة لا بعقلية رجل الدولة الحريص علي حقن دماء المصريين, واضطر الجيش لتنفيذ مطالب الشعب بعزله, رأي الأستاذ فهمي أن ما حدث كان انقلابا وأدي الي تقسيم البلاد إلي معسكرين متناحرين, ولم يحزنني تجاهله لمن قسم البلاد والدين سنة وشيعة- وعرض أمنها القومي للخطر, وقاد الشباب بفتاوي مضللة لمذبحة الحرس الجمهوري, بقدر فرحتي بعودة الأستاذ فهمي فارسا معارضا مقاوما, لا كاتب سلطة مؤيد لسلطان بليد! لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف