أكتب اليك هذه الرسالة فور قراءتي رسالة الحساب المشترك وأقول لك إنني اؤيد زوجة كاتبها, وأري أن معها كل الحق في سحب المدخرات الموجودة في حساب مشترك لهما, وقد أحسنت التصرف تماما حفاظا علي أموال أبنائها, بل انني أري أن وفاة زوجها جاءت رحمة بها قبل أن يدمر نفسه ويدمرها معه. فلقد سافرت مع زوجي منذ عشرين عاما وعملت في مدارس مهمة هي التي كانت تخرج حارسات معمر القذافي.. ولك أن تتخيل من يعمل في مكان له علاقة بالقائد من توفير شقة وسيارة ومرتب محترم.. وما أن عملت في إحدي هذه المدارس حتي اشترط زوجي فتح حساب واحد لنا وباسمه وحده لا أشاركه فيه, وإلا فإنه سوف يجبرني علي الجلوس في البيت بلا عمل, ولا خروج منه الي النهاية, فوافقت مرغمة علي طلبه. ومرت الأيام هادئة وأنا أتصور أن ما فعله اجراء عادي لا شيء فيه وربما يكون ذلك من باب إحساسه بنفسه كرجل.. وعدنا الي مصر واستقررنا فيها واشترينا شقة كبيرة أثثناها بأفخم أنواع الأثاث وسجلها باسمه وانجبنا ثلاثة ابناء ولدين وبنتا.. ولم يمض وقت طويل حتي رمانا في الشارع ونسي شقائي وتعبي وألقي علي يمين الطلاق.. ورحت أتخبط هنا وهناك.. ولم يعد لدي أي أموال أصرف منها علي الأولاد.. وأصبحنا نتسول مساعدات الأهل والجيران بعد أن عرف الجميع بقصتي المؤلمة. ومرت سبع سنوات وكبر الأولاد وجاء من يطلب يد ابنتي الكبري فوافقت عليه وافهمته ما نحن فيه, فوافق علي أن ينتظرها حتي تتحسن الأحوال وذات يوم قابلت والدها في الشارع فوجدته وقد شحب لونه وظهرت علامات الشقاء والبهدلة عليه فقالت له يا بابا أنا اتخطبت وأمي عاجزة عن تجهيزي فرد عليها.. يا ريت أمك دست السم لي قبل أن أفعل فيكم ما فعلته. نعم يا سيدي: أقسم بالله قال لها هذا الكلام وتمني الموت لأنه هجرنا وشردنا من أجل سيدة جردته من كل شيء وتركته في الشارع كما سبق أن فعل فينا. لقد مات بطل قصة الحساب المشترك محسورا علي ما فعلته فيه زوجته, أما أنا فلقد أوكلت أمري الي الله وكافحت وتنقلت بين شقق الايجار الجديد, وكنت أصحو في منتصف الليل ابكي حزني وغمي فأشعر بالرضا واشكره في كل صلواتي.. وحمدته أن أولادي بخير وان استطعت أن أربي هذه العروس الحاصلة علي ليسانس البنات والتربية شعبة اللغة الانجليزية بتقدير جيد جدا, وهي جميلة ومؤدبة.. ولا أتصور أن تفشل زيجتها بسبب أربعة آلاف جنيه هي ثمن الأجهزة فقلبي يحترق, فلقد بلغت من العمر أربعا وعشرين سنة ولم تتزوج بعد ومازال مشوار تربية اخوتها طويلا. انني أردد دعاء امرأة بالبادية كان لديها زرع فجاء البرد فذهب به فرفعت طرفها الي السماء وقالت اللهم أنت المأمول لأحسن الخلف وبيدك التعويض عما تلف, فافعل بنا ما أنت أهله, فإن أرزاقنا عليك وآمالنا مصروفة اليك. وأرجو ابلاغك بأن زفاف هالة قد اقترب فالموعد الذي اتفقنا عليه هو يناير المقبل فلعلك تدخل الفرحة علي قلبها وقلب اخوتها فيسهم بريد الأهرام في ستر فتاة قاست الأهوال, ولك كل الحق في الإطلاع علي كل المستندات التي تثبت صدق كلامي.. وأرجو أن تكون قصتي عبرة للأخريات بتحري الدقة في التعامل مع أزواجهن من نوعية مطلقي.. ولله الأمر من قبل ومن بعد. ما حدث لمطلقك من تشرد وضياع علي يد زوجته الثانية هو نتيجة طبيعية لكل من يقع أسيرا للمال ويصبح كل همه اشباع نزواته العابرة التي يندم عليها بعد فوات الأوان.. والمؤسف أن أمثاله من الموتورين لا يتعلمون هذا الدرس ولا يتعظون من تقلبات الدهر أبدا, فنراهم سائرين في غيهم وظلمهم, ولا يعبأون بما يعانيه أبناؤهم وذووهم من مآس وآلام. انني اتخيل صورة زوجك وقد بدت عليه علامات الندم بعد أن جردته زوجته الثانية من ممتلكاته, واسقته كأس المرارة التي اسقاكم منها من قبل.. اتخيله ولسان حاله يقول لكم: سامحوني فأنا الذي جنيت عليكم بما فعلته فيكم, وها أنا ذليل ومتخبط ولا يغمض لي جفن من هول ما أعانيه علي يد من تصورت أنها ستكون لي جنة الدنيا. وتأكدي يا سيدتي أن الله سبحانه وتعالي لن يخذلك أبدا ويكفيك ما أنت فيه الآن من طمأنينة, وراحة بال, حتي وإن كنت تعانين المتاعب المالية من أجل متطلبات الحياة. وأقول لابنتك: سوف تتزوجين قريبا وتنتقلين الي حياة جديدة فلتتعلمي الدرس مما حدث, ولتكن بينك وبين زوجك أرضية مشتركة ومنهج عمل تسيران عليه في حياتكما المستقبلية لأن ما بني علي المصارحة هو الذي ينمو ويكبر, وما بني علي الخديعة ينهار مع أول عثرة تواجهه. وأرجو أن تتفضلي بزيارتي لبحث الأمور المتعلقة بجهاز ابنتك وليدبر الله أمرا كان مفعولا.