لماذا ينجح البعض في الوصول إلي أهدافهم ويفشل آخرون؟ هناك أسباب متعددة, ولكني أري أهمها في أن الذين ينجحون في تحقيق أهداف مشروعة رسموها لأنفسهم, أنهم لم يكونوا فقط مقتنعين بالأهداف التي يريدون تحقيقها, وإنما كانوا يستعذبون طرق الوصول إليها, أي أنهم كانوا يستمتعون بما يفعلون في طريقهم إلي تحقيق أهدافهم..لم يبذلوا جهدهم متذمرين متأففين كارهين.. وهذا هو سبب استمرارهم فيما يفعلون ولا يضيقون به ولا يتبرمون منه,, في حين أن الآخرين الذين فشلوا في الوصول إلي أهدافهم كانوا يعتبرون ما يفعلونه وكأنه عقوبة مفروضة عليهم, وعليهم أن يتحملوها كرها في سبيل الوصول إلي ما ينشدون تحقيقه.. هذه الكراهة صعبت عليهم مهمتهم وجعلتها فوق احتمالهم, فنكصوا وتراجعوا, واكتفوا من الغنيمة بالإياب, كما يقولون.. الحماس لشيء ليس وحده كافيا للاستمرار, لأن الحماس قد يفتر بعد فترة من الزمن والمعاناة..ولكن الاستمتاع بالشيء هو الذي يضمن الاستمرار فيه حتي خط النهاية.. وهو تحقيق الأهداف.. وهناك اعتبارات أخري قد تبدو أقل أهمية مما تقدم, وإن كان يحسب لها حساب, علي أي حال.. منها الاستعداد الطبيعي للإنسان وقدرته علي تحمل الألم أو المشقة أو طول الوقت أو بعد المسافة.. وهذه تختلف من شخص لآخر اختلافا قد يكون كبيرا. وإن كان هذا العامل يمكن التحكم فيه بالإرادة والممارسة, وهذا من شأنه أن يزيد من قدرة الإنسان علي التحمل والتحكم في النفس.. ومنها مدي أهمية الهدف عند الإنسان, فكلما زادت أهمية الهدف, زادت الرغبة والقدرة علي التحمل في سبيل تحقيقه.. كذلك هل هناك تشجيع من شخص نحبه أو نحترمه أو نثق فيه, علي الاستمرار في السعي من أجل تحقيق الهدف؟ إن كان هناك مثل هذا التشجيع, كان ذلك حافزا علي الاستمرار, وتذليل الصعاب التي تواجهنا.. هذا في الدنيا وآمالها وتطلعاتها.. فما بالك بالآخرة وجنة الخلد التي وعد المتقون؟ هذا الهدف الذي تتضائل إلي جانبه كل أهداف الدنيا قاطبة؟ فلو وضعناه كهدف أسمي نسعي إلي تحقيقه, واستمتعنا بما نفعله في سبيل ذلك من مشقة والتزامات خلقية ودينية, فسوف نمضي قدما في هذا السبيل ولن نتراجع أو ننكص علي أعقابنا, بل سنستمر حتي النهاية, ولن نجد في ذلك مشقة, إذ سيحل الاستمتاع بما نفعله محلها, وسيزيحها جانبا, ونري ذلك بأعيننا ونلمسه بأنفسنا فيمن يصوم النوافل ويصلي النوافل ويتصدق بشيء مما لديه, ويساعد الناس علي قضاء حوائجهم, ويصون نفسه عن لغو الحديث وإضاعة الوقت فيما لا طائل تحته.. هل تراه يضيق بهذا أم أنه يفعله عن رضا واستمتاع بما يفعل؟ الإجابة هي أنه لو كان يضيق بهذا ولا يستمتع به لما فعل.. وهذا مصداق قوله تعالي ومن أراد الآخرة وسعي لعل سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا( الإسراء19) أي أنه من يرد الجنة فعليه أن يسعي من أجلها سعيا حثيثا متصلا, فسيشكر الله له سعيه, ويحقق له هدفه... لمزيد من مقالات د. فتحى مرعى