بلغ عدد اللاجئين السوريين في مصر ودول الجوار حوالي1.7 مليون لاجئ, مسجل منهم بمفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين بمصر66 ألفا فقط فيما ينتظر الآلاف دورهم في التسجيل للحصول علي الإعانة التي لاتتعدي1300 جنيه للأسرة الواحدة شهريا مهما كان عدد افرادها حيث إن المانحين وعدوا بضخ1.5 مليار دولار لم يحصل منها السوريون اللاجئون إلا علي300 مليون دولار و400مليون يورو. جاءوا للكنانة بحثا عن المأوي, الأمان, الدفء, الاستقرار, تركوا بلادهم ومنازلهم وأعمالهم علي أمل العودة هربا من شبح القتل, تري في أعينهم الأمل المختلط بالصبر في انتظار سماع الجديد عن حلم الوطن الضائع, غابت البسمة وظهر التعب والحزن الشديدان علي تلك الوجوه البيضاء ذات الحمرة, فتري الجمال السوري لأول مرة يرتدي السواد, حدادا علي بلاد عرف الشقاق طريقها, ومزق الصراع ما تبقي من أرضها, ولم يبق لهم فيها إلا الخوف, فأختاروا الرحيل الي وطن أخر يحميهم. أنهم لاجئو سوريا في مصر. البداية تأتي مع( دارين يوسف العودة) امرأة في العشرينات متزوجة ولديها أربعة أبناء منهم واحدة معاقة وأصغرهم عمره عام ونصف العام. تحكي دارين أنها وصلت إلي القاهرة قادمة من دمشق العام الماضي, بعد أن باعت ما تبقي من ذهبها بالإضافة إلي الأجهزة الكهربائية في منزلها الذي قصفه جيش النظام بعد أن استولي علية الجيش الحر وحوله إلي مخزن للسلاح. قالت دارين إن الجيش الحر هو المتسبب الأول في هدم بيتها الذي تساوي بالأرض فلولا احتلال الجيش الحر لمنزلها وتحويله إلي ثكنة عسكرية ما استهدفه جيش النظام. تضيف دارين إنها كانت تمتلك وزوجها مصنعا صغيرا للملابس الجاهزة وتركت كل شئ خوفا علي أولادها, واشترت بكل مدخراتها تذاكر الطيران, وعندما وصلت إلي مصر تبقي معها 100 دولار فقط. لم تكن تعلم إلي أين تتجه ولا إلي من تلجأ, حتي دلها البعض علي منزل أحد المصريين الذي وافق علي اقامتها وعائلتها في شقه يمتلكها دون مقابل. وبعد أن استقرت دارين بدأت مع زوجها مشروعا صغيرا بعد أن بعث لها أحد أقاربها بالمال اللازم لشراء ماكينة للخياطة وبدأت في تفصيل الملابس بمساعدة زوجها, ولكن المشكله كانت ابنتها المعاقة التي ذهبت بها لمكتب الإغاثة الاسلامية, لعلاجها منذ أكثر من ثلاثة أشهر ولم تحصل علي رد, هذا بالإضافة الي معاناتها داخل مستشفي( مصطفي محمود) الذي تجلس فيه بالساعات انتظارا لدورها في طابور المرضي ليؤكد لها الطبيب في النهاية أن ابنتها في حاجة إلي عملية لا يمكن اجراؤها في مصر وأشارت دارين أيضا إلي مشكله المنح الدراسية لأبنائها حيث إنها تريد أن يكملوا دراستهم في مصر حفاظا علي مستقبلهم, ولكن يشترط لذلك الحصول علي أوراق تثبت المرحلة التعليمية التي حصل عليها الطالب في سوريا لاستكمالها في مصر, وهو ما تعجز عنه معظم الأسر السورية, نظرا لأن الأغلبية جاءوا هاربين من بطش النظام وتركوا معظم أوراقهم هناك. وأنهت دارين حديثها بكبرياء سوري معروف عن أهل الشام أنها لاتريد أموالا من أحد ولا مساعدات مادية وإنما ترغب فقط في علاج إبنتها التي كان يرعاها النظام, وهو الشئ الوحيد الذي تعترف بفضله عليها, علي الرغم من أنه هدم بيتها وتسبب في اعطائها وأبنائها لقب لاجئ. أما غمرة محمد حسون وهي سيدة في منتصف الخمسينيات, فقد وصلت إلي القاهرة بصحبة عائلتها(11 فردا), تقول غمرة إن زوجها مريض, وزوج ابنتها مفقود منذ اندلاع الثورة السورية, ومشكلة غمرة هي عجزها عن التسجيل في مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حتي الآن, نظرا لتعنت المفوضية علي حد قولها وقبول أشخاص دون آخرين حسب التوزيع الجغرافي. وتؤكد غمرة أن دعم الأممالمتحدة يصل إلي السوريين المقيمين في مدينتي6 اكتوبر والعبور فقط علي اعتبار أنها المناطق الأكثر كثافة في أعداد السوريين, وهناك تجاهل تام للمقيمين في القاهرة وضواحيها والجيزة, وهو ما يتسبب في لجوء البعض إلي تزوير العنوان وكتابة عنوان آخر غير الذي يسكنه للحصول علي الدعم. وعن حال اللاجئين السوريين في مصر, لا تجد أفضل من محمد الطريخم المنسق العام لهيئة دعم الشعب السوري ليتحدث عن الوضع, الطريخم معارض سوري قديم وسخر نفسه لخدمة لاجئي بلده في مصر منذ اندلاع ثورة سوريا, واتخذ من بيته مكانا لتوزيع المساعدات الإنسانية من( غذاء وملابس وحليب للأطفال) علي الأسر السورية المحتاجة. يقول الطريخم إن عدد الاسر التي تحصل علي تلك المساعدات بلغ حتي الان166 أسرة متوسط عدد الأسرة8 أفراد, ومعظمهم غير مسجل بالمفوضية, نظرا لتأخر ميعاد المقابلة الذي تحدده المفوضية مع اللاجئين والذي يفرق بينه وبين ميعاد التقديم أكثر من ثلاثة أشهر, بالاضافة إلي تفرقة المفوضية في تقديم الدعم لتجمعات السوريين في العبور و6 أكتوبر وبين نفس التجمعات في القاهرة والجيزة. وشكك الطريخم في مبالغ الدعم التي تعطيها المفوضية للاجئي سوريا حيث تضاربت الأقوال ما بين 200 و450 و1200 جنيه للفرد, مطالبا بضرورة توثيق ما يحصل عليه الفرد من خلال إيصال يثبت هذا الدعم, حتي يكون هناك شفافية. من جانبه أكد السفير محمد الدايري الممثل الإقليمي للمفوضية السامية لشئون اللاجئين بمصر أنه لا يوجد أي تفرقة بين من يقومون بالتسجيل في القاهرة وأي محافظة أو منطقة أخري, فهناك سوريون من الإسماعيلية وبورسعيد قاموا بالتسجيل في المفوضية دون عناء, كما أن المفوضية تتواصل مع التجمعات الكبري للسوريين في مصر, وتحديدا في6 أكتوبر التي يسكنها حوالي 20 ألف سوري, والإسكندرية التي تحتضن14 ألف لاجئ. وأضاف الدايري إنه أمر بإضافة مجموعة عمل ثانية تعمل من الثانية ظهرا وحتي الثامنة مساء, بالإضافة إلي المجموعة الصباحية, للمساعدة في تسجيل أكبر عدد ممكن من اللاجئين. واشار الدايري الي أن المشكله بدأت عندما تباطأ السوريون في التسجيل خلال عام 2012, حيث قام 13 ألف سوري فقط بالتسجيل خلال هذا العام, بينما قام بالتسجيل في شهري مارس وإبريل من العام الحالي52 أالف سوري ليرتفع عدد المسجليين في النهاية إلي66 ألفا و692 لاجئا حتي الآن, بالإضافة إلي 18 ألف في انتظار التسجيل. وتوقع السفير زيادة عدد من يرغبون في التسجيل خاصة عقب غلق السفارة السورية في مصر ليصل إلي 200 ألف مع نهاية العام الجاري. وحول المساعدات الإنسانية أكد الدايري أنه جار الاتفاق مع بعض الجمعيات الأهلية الجديدة لتقديم مساعدات للسوريين فقط مثل جمعية( رسالة), كما قامت المفوضية بمناشدة هيئة الإغاثة الاسلامية العالمية بزيادة ورفع الأداء لمواكبة الزيادة غير المسبوقة في أعداد عداد اللاجئيين. وحول حقيقة المبالغ التي تصرف للاجئين, قال الدايري إنه يصرف للأسرة 450 جنيها شهريا بحد أقصي1300 جنيه حسب عدد أفردها, كما يصرف برنامج الغذاء العالمي' كوبنات غذائية' بقيمة 200 جنيه لكل فرد, ولم يحصل علي تلك' الكوبنات' إلا 30 ألفا فقط, نظرا لعدم توفر الدعم الكافي. وبشأن ما تردد أخيرا من وصول مليار دولار دعم من دول الخليج لحل مشكلة اللاجئين السوريين, أكد الدايري أنه لم يصل من هذه المبالغ إلا300 مليون دولار من الكويت و400 مليون يورو من الإتحاد الاوروبي, وتم الوعد بوصول1.5 مليار دولار من دول عدة إلا أن بعضها فقط أوفي بالوعد مثل الولاياتالمتحدة واليابان والنرويج وكندا,إلا أنه تم الحصول علي33% فقط من مجموع احتياجات المفوضية. وحول المشاكل الطبية التي يعاني منها لاجئو سوريا, قال الدايري إنه يسعي لتعيين طاقم أطباء سوري لمساعدة الأطباء المصريين داخل مستشفي مصطفي محمود, بالإضافة إلي التواصل مع جمعيات مصرية طبية أخري. وفي النهاية حذر الدايري من تفاقم مشكلة اللاجئين السوريين الذين بلغ عددهم أكثر من مليون و 700 لاجئ في مصر ودول الجوار, مؤكدا أن حل الأزمة سياسي فقط, ولا يوجد حل إنساني لمشكلة تتفاقم كل يوم.