يمر الوطن العربي بشكل عام و مصر بشكل خاص بمرحلة تحول حاسمة نحو الديمقراطية تواجهها مخاطر الهيمنة الاجنبية لدول كبري تتعارض مصالحها مع هذه التطورات, مما يستدعي بناء حركة شعبية قوية تواجه الهيمنة الاجنبية وتؤكد قدرة الشعوب العربية علي تصفية هذه الهيمنة من خلال برنامج متكامل للاصلاح الديمقراطي هدفه الأساسي تحقيق ديمقراطية المشاركة التي تتيح لأوسع الجماهير مشاركة سياسية حقيقية وتكون خطوة علي الطريق الديمقراطي بتوفير المقومات الأساسية اللازمة باعتبار الديمقراطية نظاما للحياة يشمل مختلف جوانب المجتمع, وباعتبارها إطارا سياسيا لنضال القوي الشعبية له مضمون اقتصادي واجتماعي, ويوفر لكافة المواطنين القدرة الاقتصادية التي تكفل لهم قدرا من القوة السياسية في الصراع السياسي, وأن تكون هذه المقومات أساس العمل الفكري والنضال السياسي من أجل الانتقال إلي الديمقراطية مثل: 1 احترام التعددية السياسية والنقابية والثقافية, وتوافر الحقوق والحريات المدنية والسياسية الأساسية, وإقرار مبدأ سيادة القانون, ودولة المؤسسات, وتداول السلطة من خلال انتخابات برلمانية دورية حرة ونزيهة. 2 توافر حد أدني من الدخل يضمن المستويات الغذائية والصحية والتعليمية والسكنية اللائقة بحياة كريمة من خلال الالتزام بإشباع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. 3 حكم محلي ديمقراطي حقيقي يقوم علي انتخابات المجالس المحلية ورؤسائها, وإعطاء المحليات علي كافة المستويات( قرية مدينة مركز محافظة) سلطات فعلية في اتخاذ القرار والتنفيذ وتدبير موارد مالية محلية. 4 مشاركة العمال في إدارة الوحدات الإنتاجية لضمان انتظام العملية الإنتاجية وتعميق التفاهم بين العمال والإدارة حول الشروط الواجب توافرها لاستقرار العمل. 5 مشاركة المستفيدين في إدارة الوحدات الخدمية بحيث ينتخب المنتفعون من خدمات الوحدة الصحية والمستشفي والمدرسة.. إلخ. 6 إطلاق الحرية كاملة للقطاع الأهلي وسائر مؤسسات المجتمع المدني طبقا لما أقرته الدساتير من مباديء عامة وإنهاء الوصاية الحكومية عليها. 7 حرية وتعدد وسائل الإعلام فمن حق المواطن أن يعرف حقائق الأمور وأن يتابع اختلاف الآراء باعتبار حرية تدفق المعلومات من مصادر مختلفة شرط اساسيا لكي يشارك المواطنون فعلا في صنع القرارات والاختيار بين البدائل المطروحة عليهم. 8 ثقافة ديمقراطية تقوم علي قيم الحوار واحترام الرأي والرأي الأخر والتسامح.. إلخ. 9 تبني مفهوم جديد للتنمية يقوم علي التنمية للشعب بالشعب, وتوفير ضرورات الحياة للمواطنين, والتوزيع العادل لعائد التنمية. 10 وفي المجال الاقتصادي يتعين تقليص الاعتماد علي الخارج ودعم الاعتماد علي النفس باعتباره الشرط الضروري لمواجهة التبعية, ويتطلب ذلك الدعوة إلي الحد من الاستيراد وزيادة القدرة الإنتاجية في الزراعة والصناعة, ودعم التكامل العربي. 11 و في المجال الاجتماعي يتعين اهتمام الحركة الشعبية العربية بتحقيق العدالة الاجتماعية بتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحماية الطبقات العاملة وذوي الدخل المحدود من النتائج المترتبة علي تكثيف الاستغلال الرأسمالي. 12 و في المجال الثقافي لا تكتمل المواجهة الشاملة للهيمنة الأجنبية إلا بالمواجهة في المجال الثقافي للحيلولة دون سيادة القيم الأمريكية ونمط الاستهلاك الأمريكي وذلك من خلال تطوير الثقافية العربية التي تغذي مختلف الثقافات القطرية بسمات أساسية وروافد مشتركة وتصيغ لمختلف الشعوب العربية وجدانا مشتركا هو الأساس الحقيقي للرابطة القومية العربية إلي جانب العوامل الأخري ولا يمكن للثقافة العربية أن تصمد في وجه الغزو الثقافي الخارجي إلا إذا نجحنا في تطويرها لتكتسب السمات الأساسية التالية. 1 ثقافة إنسانية: تؤمن بالمساواة بين الشعوب وترفض العنصرية وجميع أشكال التمييز بين الشعوب أو بين الناس بسبب اللون أو الدين أو الجنس. 2 ثقافة عقلانية: تعلي من شأن العقل والعلم, فهي لن تكون فاعلة ما لم تسلح الشعب بالقدرة علي فهم الواقع المحيط سواء كان هذا الواقع هو الطبيعة التي نهدف إلي مزيد من السيطرة عليها وتطويعها لخدمة الإنسان أو كان هذا الواقع هو العلاقات الدولية المعاصرة وكيف يتم من خلالها السيطرة باستخدام آليات غير مباشرة عكس ما كان يحدث في الماضي, وباكتشاف هذه الآليات غير المباشرة للسيطرة والتحكم تستطيع الشعوب مواجهتها بنجاح. 3 ثقافة تقدمية: لأنها ترفض الاستغلال سواء كان مصدره الخارج أو قوي داخلية تلتقي مصالحها مع مصالح قوي السيطرة العالمية, ولأنها تكتشف بذلك أن العنصر الأساسي للمقاومة الناجحة للهيمنة الأجنبية هو استئثار الشعوب بثرواتها علي أساس من العدل الاجتماعي. 4 ثقافة ديمقراطية تتوجه لكل الناس وتكتسب تأثيرا متعاظما إذا أتيحت للجماهير أن تنظم نفسها بحرية, وأن تعبر عن رأيها دون قيود. 13 و في المجال العسكري تتطلب المقاومة الشاملة للهيمنة الأجنبية مواجهة حقيقية للهيمنة العسكرية التي يتعين علي الحركة الشعبية العربية أن تعطيها اهتماما كبيرا بحيث يشمل نشاطها تعبئة الجماهير العربية ضد وجود قواعد عسكرية أجنبية علي الأرض العربية والمطالبة بتصفية هذه القواعد والمطالبة أيضا بعدم تقديم أي تسهيلات عسكرية علي أي أرض عربية تساعد علي غزو أراض عربية أخري أو تهديدها بالعدوان. إن المواجهة في المجال العسكري أمر ضروري كجزء من المواجهة الشاملة بعد انتشار الوجود العسكري الأجنبي بكثافة في العديد من الأقطار العربية وكذلك بعد احتلال دولتين عربيتين فلسطين والعراق وتهديد دولة ثالثة هي سوريا. لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر