ما أسهل الصراخ والاعتراض والرفض الدائم وما أصعب الفهم والتأني وإيجاد الحلول, ما أسهل السباب والتخوين والكذب دون رقابة ومحاسبة وما أصعب الصدق والموضوعية والرغبة الحقيقية في البناء والتنمية. ما أسهل تهييج المشاعر وإثارة النفوس والتحريض الدائم لكن ما أصعب تهدئة النفوس وبث الطمأنينة وإطفاء نيران الفتنة, ما أسهل إثارة الفوضي وما أصعب السعي إلي الاستقرار, ما أسهل الهدم وما أصعب البناء!. تلك هي المعادلة التي يحياها الشعب المصري هذه الأيام بين قلة تدعو لثورة جديدة علي رئيس منتخب يدعون سقوط شرعيته لأنه لم ينجز شيئا خلال العام الذي وفروا له فيه الهدوء! بعيدا عن السباب والتخوين والكذب وإثارة الرأي العام عليه من أول يوم!!! وبين مؤيدين يمثلون أغلبية متحمسة له, منهم من يحترم علي الأقل- العقد الذي منح الرئيس مدة أربع سنوات لينجز ما وعد به رغم حالة البلاد الاقتصادية والأمنية بعد تجريف وفساد وإفساد طال لمدة أكثر من ثلاثين عاما! أعقبها حالة من الفوضي زادت من عبء الوطن وأرهقت ميزانيته وأضعفت من كفاءة مرافقه المتدهورة أصلا! الموازنة التي نوقشت طوال الشهرين الماضيين في مجلس الشوري وأرهقت العاملين في كل الوزارات لأول مرة في تاريخ عملهم عند إقرار الموازنة! توضح الفروق التي تكلمنا عنها بين من يدعو إلي الهدم ومن يدعو إلي البناء بشكل عملي وبالنظر في المشروع الموازنة نجد أن الحكومة قد ورثت تركة ثقيلة من الأعباء المالية حيث بلغت مديونيات الهيئة العامة للبترول في يونيو2012 نحو125 مليار جنيه واتحاد الإذاعة والتليفزيون نحو17 مليارا مع احتياطي نقدي من العملات الأجنبية ينخفض من36 مليارا في ديسمبر2010 الي15 مليارا في يونيو2012 م ورغم هذا الإرث وهذا المناخ السييء فقد تحقق معدل نمو من1.5% عام2009-2010 م إلي2% خلال2011 و2012م ارتفع في النصف الحالي إلي2.4% في المتوسط ومستهدف أن يصل إلي3.8% العام القادم تمهيدا للخروج من الأزمة الحالية وحالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد القومي. قامت أسس الخطة الجديدة علي ثلاثة محاور رئيسية: الأول الاستثمار والتشغيل والثاني العدالة الاجتماعية والثالث مكافحة الفساد حيث يعتبر محور الاستثمار والتشغيل لكونه الأداة الحقيقية لرفع مستوي معيشة المواطن وزيادة دخله الحقيقي وهو خط الدفاع الأول في محاربة الفقر ويبقي المحور الثاني وهو العدالة الاجتماعية الذي يعني انتفاء الظلم والاستغلال والقهر والحرمان من الثروة أو السلطة ويبقي المحور الثالث وهو محاربة الفساد متربعا علي قمة أولويات الدولة عن طريق تفعيل عمل الأجهزة الرقابية ومنحها الاستقلالية اللازمة لأداء دورها, وتحسين آليات التحصيل ومكافحة التهريب الذي يهدر أموالا طائلة علي ميزانية الدولة, وترشيد دعم المواد البترولية والطاقة وإحكام الرقابة علي الأسواق مع إصدار تشريعات جديدة مثل قانون حرية تداول المعلومات وقانون تضارب المصالح وقانون حماية الشهود والمبلغين وتعديل قانون المناقصات والمزايدات مع سرعة البت في قضايا مكافحة الفساد والمساواة بين جميع المواطنين في الخضوع للمساءلة القانونية, وهناك تفاصيل تؤكد أن زمن الفساد والمحسوبية وغياب المعلومات قد ذهب دون رجعة!! هذا ما يسعي اليه نظام الرئيس المنتخب بل هناك ما تم انجازه رغم24 مليونية ضد الرئيس خلال العام الأول لرئاسته وأكثر من50 حملة تشويه للرئيس و5821 مظاهرة وصداما وأكثر من7709 وقفات احتجاجية وفئوية وحملة إعلامية لتشويه وإهانة الرئيس بشكل غير أخلاقي!! ورغم ذلك زادت الرواتب وتم تثبيت عمالة مؤقتة وتعيينات من أوائل الخريجين وذوي الاحتياجات الخاصة ومصابي الثورة بميزانية بلغت3 مليارات و500 مليون جنيه وتأمين صحي ل13 مليونا و200 ألف طفل بميزانية160 مليون جنيه وتم تخصيص ميزانية100 مليون جنيه لمصلحة معاش للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي لما يقرب من نصف مليون امرأة معيلة وتم صرف إعانة مدارس لمدة ثمانية أشهر في السنة بحد أقصي4 أفراد للأسرة, وتم حل مشكلة أنبوبة البوتجاز! وانتهت المرحلة الأولي لتوفير رغيف عيش جيد تليها مراحل أخري لإنهاء المشكلة من جذورها! أما حق الشهداء الذي يطالب به الثوار الذين تحالف بعضهم مع القتلة ويخرجون في حماية تنظيم البلطجة الذي هاجم الثوار في موقعة الجمل يوم30 يونيو مع خروج رموز النظام من محبسهم في أحكام متتالية تسبق هذا اليوم بناء علي لائحة اتهامات تافهة قدمها النائب العام السابق الذي يطالب هؤلاء الثوار بعودته مرة أخري! فماذا فعل لهم الرئيس المنتخب للتذكرة لمن لا يري إلا ما يريد أن يري!!! فقد تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق وإنشاء نيابة لحماية الثورة وقدما أدلة جديدة في أكثر من عشرة آلاف صفحة عند إعادة محاكمة الرئيس المخلوع وأعوانه بعد فشل أدلة النائب العام السابق!! ليس هناك علي عكس ما يدعي الكاذبون- معتقل واحد في السجون حيث تم إلغاء قانون الطوارئ الذي بموجبه يتم الاعتقال!!! وفي مفاجأة لاتتمشي مع الأحداث فقد زاد عدد السائحين من8.2 مليون عام2012 إلي9.3 عام2013 م وتقرير البنك المركزي يحتاج إلي مراجعة حيث ذكر أن حصيلة الصادرات عن شهور3 و4 و5 عام2013 مقارنة بنفس المدة من العام الماضي زادت بمبلغ700 مليون دولار مع ثبات الاستيراد بمبلغ43 مليار دولار مع زيادة الليالي السياحية من100 مليون ليلة خلال ذات الشهور من العام الماضي إلي114 مليون ليلة سياحية, كما ارتفعت تحويلات المصريين بالخارج مليار دولار من13 إلي14 مليارا, كما انخفض العجز في الميزان التجاري بمقدار3 مليارات ليصبح4 بدلا من7 مليارات خلال ذات الشهور من العام الماضي وارتفع الاستثمار الأجنبي عن ذات الشهور200 مليون دولار ليصل إلي مليار و400 مليون مقابل مليار و200 مليون دولار! نذكر ذلك لهواة الفرقة والهدم ودعاة الفوضي والعنف الذين أنكروا وجود أي إنجاز للرئيس طوال العام الأول ونذكرهم بأن أخطر ما يدعون إليه هو إلغاء فكرة تداول السلطة عبر صندوق الانتخاب واللجوء إلي وسيلة الحشد التي لن تجعل لمصر رئيسا في المستقبل القريب مما يعني بشكل رسمي فشل الثورة وهو مالن يسمح به المصريون المحبون لوطنهم حفظ الله مصر والمصريين لمزيد من مقالات د. محمد جمال حشمت