مع أضخم تجمع ديني مسيحي عالمي حدث علي أرض مصر الطيبة احتفل الرئيس جمال عبدالناصر والامبراطور هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا والبابا كيرلس السادس(19711959) البطريرك116 بافتتاح أضخم كاتدرائية في الشرق الأوسط وذلك يوم الثلاثاء25 يونيو.1968 في هذا اليوم أتجهت أنظار العالم كله نحو القاهرة حيث كان يجتمع رؤساء كنائس العالم لمشاركة الكنيسة القبطية في هذه المناسبة الجليلة, ومن خلفهم جميع وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لتذيع وتنشر في أنحاء العالم أخبار هذا الحدث الفريد. أيام وتقترب ذكري مرور45 عاما علي هذا الحدث التاريخي والخالد الذي يعتز به كل مصري علي أرض مصر. للتاريخ نسجل أنه في عام1967 أعلنت البطريركية عن مسابقة عامة بين المهندسين لتقديم أفضل مشروع للكاتدرائية المرقسية الجديدة بالعباسية, وتشكلت لجنة لاختيار أفضل المشروعات وهو المشروع الذي تقدم به الدكتور عوض كامل فهمي عميد كلية الفنون الجميلة العليا, وشقيقه المهندس سليم كامل فهمي. وفي أغسطس1967 بدأ حفر الأساسات وتم هذا العمل الجليل في نحو عشرة أشهر!! بعد أن جندت الشركة المختصة نخبة كبيرة من المهندسين التنفيذيين,700 عامل فني,300 صانع,1000 عامل. وبتوجيه مباشر من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تمت جميع أعمال الشركة بتنفيذ ذاتي بنحو85%. ومن هذه الإنجازات: أعمال حفر أتربة قدرها نحو17 ألف متر مكعب, أعمال خرسانة مسلحة نحو12 ألف متر مكعب, أعمال بناء قدرها150 مترا مكعبا. ولتنفيذ هذا العمل أستخدمت الشركة1300 طن حديد,2400 طن أسمنت, ثلاثة أرباع مليون طوب أحمر. بلغت التكاليف المبدئية حتي25 يونيو1968 نحو350 ألف جنيه مصري. أقيمت الكاتدرائية علي مساحة6200 متر مربع. يوجد بالكاتدرائية مدفن خاص بالقديس مرقس كاروز الديار المصرية والذي عادت رفاته من كاتدرائية سان ماركو بفينيسيا بإيطاليا والتي تسلمها وفد بابوي برئاسة الأنبا مرقس مطران أبوتيج من البابا بولس السادس- بابا الفاتيكان- في22 يونيو1968 في ذكري مرور19 قرنا علي استشهاد القديس مرقس بشوارع مدينة الإسكندرية. هذا المدفن من الجرانيت الأحمر مربع الشكل طول ضلعه170 سنتيمترا, أما أرتفاعه فيصل إلي المتر. يوجد بالكاتدرائية قاعة للأحتفالات تقع أسفل الكاتدرائية- مساحتها تبلغ1440 مترا مربعا, وتسع لنحو2000 مدعو. أما الكاتدرائية الكبري فبها تسعة أبواب وتبلغ مساحتها2500 متر مربع, وارتفاعها نحو25 مترا, وتسع لعدد8000 شخص. مساحة قدس أقداس الكاتدرائية( الذي يطلق عليه اسم الهيكل) نحو126 مترا مربعا. يعلو الهيكل قبة كبيرة ارتفاعها نحو55 مترا. في يوم25 يونيو عام8691 وفي تمام الساعة التاسعة صباحا حضر إلي السرادق الكبير الذي أقيم بجوار الكاتدرائية الجديدة الرئيس جمال عبدالناصر وفي صحبته الأمبراطور هيلاسلاسي والسيد حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية والسيد أنور السادات رئيس مجلس الأمة والسيد عبدالخالق حسونة سكرتير عام جامعة الدول العربية وكان في استقبالهم قداسة البابا كيرلس السادس وأعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية وضيوف قداسة البابا كيرلس من أنحاء العالم من ممثلي كنائس العالم من نيوزيلندا والهند جنوبا إلي الدنمارك والهند شمالا ومن اليابان والفلبين والاتحاد السوفيتي شرقا إلي كندا وأمريكا غربا. ويسرني أن أذكر بالفخر والاعجاب في هذه المناسبة ما تفضل به السيد الرئيس جمال عبدالناصر من إرساء حجر أساس هذه الكاتدرائية خلال أعياد العام13 للثورة المجيدة في24 يوليو1965 ومن المساهمة القيمة التي قدمها سيادته في إقامتها تعبيرا عن سماحته وكريم مشاعره..). وفي نهاية الكلمات العديدة التي ألقيت نهض البابا ومعه الرئيس والأمبراطور يتبعهم رؤساء الوفود وكبار الزوار إلي الكاتدرائية حيث تقدم البابا والرئيس والأمبراطور فأزاحوا الستار عن اللوحة التذكارية. ثم أنصرف الرئيس والأمبراطور وعاد البابا كيرلس إلي قلايته البسيطة بالمقر البابوي بالأزبكية محدثا بكم صنع الله معه من عظائم في ذلك اليوم العظيم. كما قام قداسته بمناسبة تلك المناسبة الخالدة بتكليف الأستاذ بديع عبدالملك(19791908) خبير رسم الخط والنقش الفرعوني بالمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية وأحد مؤسسي جمعية مارمينا للدراسات القبطية بالإسكندرية التي تأسست في نوفمبر1945, بإعداد لوحة تذكارية تحمل أسماء الآباء البطاركة الخمسين الأوائل فوق المقبرة التي تحمل رفاتهم بالكنيسة المرقسية الكبري بالإسكندرية. وفعلا تم هذا العمل الضخم في صورة رائعة تليق بمكانة الكنيسة القبطية, حيث قامت الوفود المشاركة في الاحتفال بزيارة كنيسة الإسكندرية وزيارة مدفن الآباء البطاركة بها. كما أنه في لفته كريمة من هيئة البريد المصرية أصدرت في هذه المناسبة التاريخية طابعا بريديا فئة80 مليما( خاص بالبريد الجوي) يحمل رسم الكاتدرائية وبجوارها رسم القديس مرقس. وفي هذه الذكري الطيبة نطلب أن تحل بركة الله علي الكنيسة ويغدق بخيراته علي ربوع مصر ونحيا في سلام, ونجتاز هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها وطننا الغالي في هدوء واستقرار.