المستحيلات الثلاثة. هي الغول والعنقاء والخل الوفي أي الصديق الوفي.. وبالفعل نحن نعيش زمنا عز فيه الوفاء, فمن الصعب أن تجد الخليل الصديق الوفي الحق الذي يساندك ويؤازرك وأنت في موقف ضعف أو حاجة, أو من يؤنس وحدتك ويضمد جراحك عندما تعصف بك المحن أو يغدر بك الزمان, ومن الصعب أن تجد من يرد لك الجميل ومن يعترف لك بفضلك وكرمك لما قدمت له من معروف وما ضحيت من أجله عندما ضاقت به الدنيا, وأعظم مثال للوفاء قدمه سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه لرسولنا الكريم عليه السلام فكان خير صديق جاد به الزمان ووهبه الله هذه الصفة الإنسانية ليكون خير مثل أعلي لكل البشر, وكذلك فقد سمي الصديق. إن الجحود ونكران الجميل هما من الصفات التي تحجب عن صاحبها أسمي معاني الفضيلة وتدل علي ظلام نفسه وسواد سريرته, وتغيب أحاسيس الوفاء ومشاعر الامتنان عن الفرد الذي يمتليء بالأنانية والحقد والكراهية لأخيه الإنسان وينقصه صفات الإيثار والتسامح وحب الخير للغير, وتسيطر عليه روح الطمع والجشع والتجبر والتكبر والسعي وراء المكاسب المادية والبعد عن إحقاق الحق والعدل. إن الوفاء ليس سلعة تباع وتشتري وخاضعة لحسابات المكسب والخسارة, وإنما هو عطاء إنساني رفيع المستوي لا يصدر إلا عن نفس صافية ناضجة مؤمنة قانعة, وفي حالة من السلام والاتزان والأمان. إن شجرة الوفاء عندما تظلل المجتمع الإنساني تزيح عنه كل ألوان الشر والقبح وتعطي للحياة معني وتبعث علي الأمل في حياة كريمة رفيعة المستوي. وترجمة مشاعر الوفاء بالفعل الحميد غير مكلفة ولها فوائد جمة, وثوابه عند الله كبير. فليقدم كل منا العطاء ورد الجميل بما هو أحسن منه والتسامح واحتساب عمل الخير من أجل الآخرة عند الله الذي لا يضيع عنده الودائع. د. يسري عبدالمحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة