اذا كان شهر يونيو هو شهر النكسة في معركتنا مع العدو الإسرائيلي فإنه أيضا هو شهر الأحزان في السينما والمسرح والغناء. ففيه رحل عدد من العباقرة, ونجوم الفن الذين ستظل اسهاماتهم كبيرة وباقية, بل إنهم جميعا هم وغيرهم من أسسوا وأثروا السينما المصرية بأهم أفلامها. ومن أهم الذين رحلوا في شهر يونيو الحزين' المخرج صلاح أبوسيف والمخرج عاطف الطيب, المخرج رضوان الكاشف, النجمة سعاد حسني, العملاق محمود المليجي, الفنانة الكبيرة هدي سلطان, المطرب الكبير محرم فؤاد, الفنان عبدالله محمود' فكل هؤلاء رحلوا في شهر الحزن يونيو, وللاسف ذكري هؤلاء العباقرة مرت دون اهتمام أو إشارة من وسائل الاعلام الكثيرة, لأن بعضها لايهتم إلا بما يمثل لها الرواج والبحث عن قضايا أو مشاكل ومواضيع فنية لاتترك في الأذهان, إلا كل ما هو سلبي عن الفن ونجومه, أما الحديث عن القمم والقيم فلا مساحات له علي صفحات الصحف. شهد يوم21 يونيو2001 وفاة سندريلا الشاشة وملكة البهجة سعاد حسني التي ملأت السينما فنا ولم يأت بعدها أو قبلها أحد له موهبة بهذه الروعة, فهي كانت بلا مبالغة عبقرية في التمثيل والأداء وحتي صوتها وأغانيها تظل شاهدة عن نجمة استثنائية رحلت وسر وفاتها لايزال يحمل الكثير من الغموض. وفي5 يونيو2002 كان رحيل المخرج رضوان الكاشف بشكل مفاجئ عن عمر يناهز الخمسين عاما, وقد أثري الراحل حياتنا السينمائية, ليس فقط من خلال أفلامه الروائية الثلاثة' ليه يابنفسج عرق البلح الساحر', وإنما بما أثير حولها من حوارات ومناقشات خاصة أنها شاركت في عشرات المهرجانات المحلية والدولية. فقد كان أحد المبدعين الذين أضفوا علي الحركة السينمائية الحيوية والطزاجة في فترة التسعينيات. أخرج رضوان الكاشف ثلاثة أفلام طويلة وقد حصل علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في عام1992 عن' ليه يابنفسج' كما حصل الفيلم علي العديد من الجوائز داخل مصر, وبلغ عدد الجوائز التي حصل عليها نحو26 جائزة من المهرجانات. الفنانة الرائعة هدي سلطان توفيت يوم الاثنين5 6 2006 عن عمر ناهز81 عاما, بعد مايزيد علي نصف قرن من العطاء الفني, وقدمت العديد من الأعمال الفنية التي تظل في قلوبنا, ومنها' الأسطي حسن, جعلوني مجرما, رصيف نمرة خمسة, إمراة علي الطريق, الاختيار وداعا بونابرت, عودة الإبن الضال'. ورحل عملاق السينما محمود المليجي في6 يونيو1983 بعد رحلة عطاء مع الفن استمرت أكثر من نصف قرن, قدم خلالها أكثر من700 عملا فنيا, ما بين سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة, وكان أداؤه في فيلم الأرض من أعظم أدواره علي الإطلاق. ورحل المخرج عاطف الطيب في23 يونيو1995 بعد إجرائه لعملية في القلب وهو يعد أهم مخرجي السينما المصرية, وقدم خلال مشواره21 فيلما سعي فيها إلي تقديم صورة واقعية عن المجتمع والمواطن المصري ومنها' سواق الأتوبيس, التخشيبة, الحب فوق هضبة الهرم, ملف في الآداب, البريء, أبناء وقتلة, ضربة معلم,, كتيبة الإعدام. أما يوم22 يونيو1996 فكان يوم رحيل المخرج الأكثر تأثيرا وواقعية الكبير صلاح أبوسيف, فهو يعد من أبرز المخرجين السينمائيين العرب, باعتباره أحد مؤسسي مدرسة الواقعية في السينما العربية, ومهما كانت واقعيته علي الشاشة تحمل ألما وفكرا, ولكنها لن تصل إلي الواقعية والألم الذي نعيشه هذه الأيام ونراه صوتا وصورة في زمن الإنترنت و'الفيس بوك واليوتيوب', والتي من خلالها نشاهد مالم يتخيله عقل من مشاهد إهانة للمواطن والانسانية. ولم يقتصر الرحيل علي نجوم السينما ولكن من أهم الفنانين الذين رحلوا في هذا الشهر المطرب محرم فؤاد' فتي النيل الأسمر', الذي رحل يوم27 يونيو بعد رحلة حافلة بالنجاحات الغنائية والسينمائية, ويكفي أنه كان واحدا من أبرز المنافسين للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ, ومن أشهر أغنياته' ياغزال إسكندراني, أنا عايز صبية, مسا التمسي, غدارين, ندم' وغيرها, أما في السينما فقدم حوالي13 فيلما غنائيا. آخر الراحلين هو عبدالله محمود في9 يونيو2005 الذي شارك في العديد من الأعمال المهمة, وكانت بداية انطلاقته السينمائية الحقيقية في فيلمه الأول' إسكندرية ليه' مع المخرج العالمي يوسف شاهين عام1978, ومن أبرز أفلامه' المواطن مصري, طالع النخل, عرق البلح, الامبراطور, الطريق إلي إيلات, الطوق والإسورة, المصير.