آمن أن مهمة السينما هي «الحلم والثورة» من أجل حياة أفضل، لم ينفذ إلا ما رآه صحيحا.. مجمل أعماله ثلاثة أفلام روائية فقط هي «ليه يا بنفسج»، «عرق البلح» و«الساحر» بجانب بضعة أفلام تسجيلية وروائية قصيرة. إنه «رضوان الكاشف» المخرج العبقري والذي نجح في تسجيل اسمه في تاريخ السينما المصرية وحصل علي 47 جائزة من مهرجانات مختلفة، وصف البعض أفلامه «بالصدمة الفنية»، و«السينما الفريدة» انتباه الكاشف لتيار الواقعية في أدب أمريكا اللاتينية جعله يمعن النظر في أدب الستينيات الذي عبر عن المهمشين ليشعر بمدي ثراء حياة هؤلاء ليس من منطلق مشوه كما نري الآن قدر ما هو منطلق إنساني أخذ منه وأعطاه الكثير لينتج تحفا فنية سجلت باسمه. البداية كانت بفيلم «الجنوبية» فيلم التخرج روائي قصير، لم يره الكثيرون ولكن رآه أصدقاء الكاشف الذين أكدوا أنه الأفضل في التعبير عن رؤيته السينمائية المميزة، تلاه فيلم تسجيلي بعنوان «الحياة اليومية لبائع متجول» مدته 27 دقيقة. كل هذا كان مجرد بدايات لانطلاق فنان وصفه نقاد بفارس الواقعية حيث قدم بعدها «ليه يا بنفسج» والذي حصد الجوائز ومنها جائزة لجنة التحكيم بمهرجان القاهرة الدولي 1992 وجائزة أحسن فيلم بمهرجان باريس، وأحسن فيلم بمهرجان المركز الكاثوليكي، ويلي هذا فيلم تسجيلي بعنوان «الورشة» ثم الفيلم الصدمة «عرق البلح». «عرق البلح» لم يكن غريبا في فكرته فقط إنما في عدم الإجابة علي أي شيء لتمتزج حيرة الفنانين والأبطال مع حيرة المتفرج في أسئلته وتضع حالة سينمائية خاصة، وهو السيناريو الذي قال عنه الفنان خالد جويلي موجها حديثه للكاشف «هذا السيناريو مهما كنت تحبه لن تجد منتجا أبدا له ولو وجدته ستكون محظوظا لو احتفظ ب 75% من الأصل دون تشويه» ورد عليه رضوان قائلا: «علي جثتي» الفيلم يتحدث عن قرية يسافر كل رجالها بإغراء المال للعمل في مكان بعيد تاركين قبيلة من النساء فيما عدا شاب «محمد نجاتي» واحد يرفض السفر ويستمر في النجع مع جده وجدته وتظل محاولات النساء لجره لهن يقف أمامها حب سلمي «شريهان» له ويمنعه هذا الحب من السقوط وتتوالي الأحداث المفاجئة. والجدير بالذكر أن الفيلم الذي اعتبره البعض بداية فارقة لسينما مختلفة لم يستمر أسبوعا في دور العرض في حين احتفت به دور العرض العالمية بشكل آخر حيث ظل ستة أشهر كاملة في دور العرض بباريس وحصل علي ذهبيتين من مهرجان القاهرة ليأتي بعده فيلمه الأخير «الساحر» تجربته الحاملة معها نبض المهمشين وآلامهم وفرحتهم، البطل الأب «محمود عبدالعزيز» ولعبة «السحر» التي يسترزق منها و«الحفافة» «سلوي خطاب» التي تخرج من دائرة الزوج السيء لتبدأ حياة جديدة وتظل الابنة «منة شلبي» المستقبل القلق دائما والحائر أحيانا فدائما هناك ما يجذب لعالم المال في أعمال الكاشف ليواجه الجذور والخير والحب وينتصر لهؤلاء في النهاية. الكاشف مواليد الحارة الشعبية بالسيدة زينب في 6 أغسطس 1952 وجذوره «الصعيدية» بسوهاج وحياته في منيل الروضة ودراسته للفلسفة خلقت منه ذلك المخرج المخضرم الذي اشترك في انتفاضة الخبز (1977) والتي أطلق عليها النظام السابق انتفاضة الحرامية واتهم الكاشف بالتحريض عليها ضمن من اتهم ليخرج براءة ويقرر دخول السينما ليعبر عن عالمه الخاص ويترجم معتقداته «العادلة» للحم ودم وسينما. بعد أن عمل كمساعد مخرج ليوسف شاهين في أفلامه «اسكندرية كمان وكمان، وداعا بونابرت» ليصنف رضوان الكاشف من ورثة الجيل الثاني «للواقعيين» ليبقي مؤلفا ومخرجا وفنانا.. وأنشودة خالدة، ويرحل في 5 يونيو 2002.