وزير الاستثمار يشهد الافتتاح الرسمي للملتقى الاقتصادي العربي الألماني    إزالة 88 حالة تعد على أراضي أملاك الدولة في أسوان    التقديم غداً.. فتح باب حجز «سكن لكل المصريين 7» بمقدم 100 ألف جنيه (المساحات والأماكن)    إسرائيل بعد موقف بريطانيا: الضغوط الخارجية لن تجعلنا نحيد عن موقفنا    باكستان والهند توافقان على سحب قواتهما إلى مواقع وقت السلم    الجيش السوداني يعلن تطهير ولاية الخرطوم من «الدعم السريع»    رونالدو يقود البرتغال أمام ألمانيا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    "سقوط النادي في الهاوية".. عضو مجلس إدارة الإسماعيلي يتقدم باستقالته    لابورتا: لامين يامال مشروع نجم مختلف عن ميسي    القبض علي 3 من قائدي السيارات قاموا بحركات استعراضية بالشرقية | صور    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    المهرجان القومي للمسرح المصري يطلق 8 ورش احترافية لتطوير أدوات المسرحيين الشباب    في ذكرى يوم فارق من 2020... هل يعود شبح كورونا من جديد؟    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    مشاهدة مباراة الأهلي والزمالك بث مباشر اليوم في نصف نهائي دوري سوبر السلة    «سنطبق اللائحة».. رابطة الأندية تهدد بيراميدز بخصم 6 نقاط    بعد 9 سنوات.. تطوير ملاعب الناشئين في نادي الزمالك    20 مليون جنيه عقوبة الانسحاب من الدوري في الموسم المقبل    رئيس الوزراء: نتطلع لتفعيل المجلس الأعلى التنسيقي المصري السعودي    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    وزارة التعليم تكشف إجراءات التعاقد على وظائف المدارس المصرية اليابانية    وفاة عجوز بآلة حادة على يد ابنها في قنا    محافظ سوهاج يسلم التأشيرات والتذاكر للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    جدل لغز ابن نجم شهير.. هل موجود أم لا ؟ | فيديو    تغير اسم أحدث أفلام نيللي كريم من «جوازة ولا جنازة» ل «بروفة فرح»    القائمة الكاملة لأبطال فيلم «الست لما» ل يسرا    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    الوطنية للصحافة تنعي محمود صدقي التهامي الرئيس الأسبق لمجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف    وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    عامل يشرع في قتل صاحب ورشة بسبب الخلاف على أجرة إصلاح موتوسيكل بسوهاج    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    سالم: نجهز ملف كامل حول أزمة القمة قبل الذهاب للمحكمة الرياضية.. ومتمسكون بعدالله السعيد    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    "أمين عام مجمع اللغة العربية" يطلب من النواب تشريع لحماية لغة الضاد    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    أنطلاق فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز ويامسين صبري بدور العرض السينمائى    دينزل واشنطن يوبخ مصورا قبل حصوله على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    نتنياهو: أدين بشدة تصريحات يائير جولان ضد إسرائيل وجيشها    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لآلئ وأصداف..محمد عبده في إعلان الحب
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 06 - 2013

يبدو لك صوت فنان العرب محمد عبده الذي بلغ عمره64 عاما- قبل ثلاثة أيام'12 يونيو'- عندما تسمعه في كل مرة مثل القطيفة في حنوها ونعومة ملمسها وبهاء ألوانه التي تلمع ببريق أخاذ يخطف الألباب قبل العقول.
في علو صوته نحو' الجواب' وهبوطه نحو' القرار' يلامس شغاف القلوب برقة وعذوبة, ويحلق بك في عوالم رومانسية حالمة قادرة علي إزاحة الهموم اليومية المثقلة بالحزن والكآبة بفعل الساسة ودمار الاقتصاد, وتمزق أوصال العرب علي جزالة ما يغني من كلمات ومعان تجنح نحو البيئة الشعبية الخليجية.
في البومه الجديد' بعلن عليها الحب' يبدو لك هذا الصوت العريي الخليجي القابض علي آلاته الشرقية بثقة طيعا حانيا في انسجام مذهل مع الأرتام الغربية, وعلي سرعتها لابد أن تصيب أذناك نشوة خاصة لتلك الزخارف اللحنية المطعمة بالعود والكمان والناي والقانون, وحتي آلات النفخ الشعبية في توظيف غير مخل, فضلا عن الدفوف التي جعلها الملحن' طلال' في غالبية الألحان عمودا فقريا يقود الصوت نحو عوالم سحرية مبطنة بالصور والأخيلة المعبرة عن أوجاع القلوب' الملتعاة', تلك التي غني لها هذا الفنان القدير لنصف قرن من النظام, ومع ذلك وعبر أدائه العذب استطاع أن يحدث نوعا من التمازج الجميل مع عصر يموج بثورة في الموسيقي الصاخبة.
وفي تزواج نادر استطاع الموزع الموسيقار أمير عبد المجيد بحسه الفني المبدع مع الملحن الشاب' طلال' أن يستغل تلك الزخارف والحليات التي تشكل ملامح صوت فنان العرب بصفاء اللؤلؤ وبهاء الأصداف لحظات تجليه العاطفي وشقائه الرومانسي كما جاء في أغنية' الهيد' الرائعة لحنا وموسيقا وأداء يبعث علي الشجن المحبب' بعلن عليها الحب', وباستهلال موسيقي ناعم جدا مستمد من التخت الخليجي, مع أرتام غربية مختارة بعناية تتصاعد معها الوتريات والبيانو في تلازم رائع مع الدفوف ينطلق صوت محمد عبده كحصان جامح يضرب بطن المعاني ولا يخشي وعورة الرتم السريع ليصل إلي جوهر المعاني بثبات ورباطة جأش وفي لحظة دخول خفيف ل' الساكس', تتجلي حالة الانكسار الرومانسي قائلا:' حبيبتي آخر محطة في سكتي/ حبيبتي آخر محطة في دنيتي'.
ثم يتخذ اللحن والأداء معا منحي آخر من التعبير الصادق في ارتعاش الكف لحظة وداع الحبيبين, ويذهب بك لأعلي قمة جبل التصعيد الدرامي مع ترديد الكورال, والذي جاء مسندا قويا للحالة الشعورية في مجملها, ثم يعاود الحنين مرة أخري مع نعومة البيانو الذي يمهد للإعلان عن كشف سر ذلك الحب الذي' غطي واندفن' مسدلا عليه ستار الصمت بعد طول انتظار, وفي أدب جم يقول:' يالطيف.. يالطيف ألطف علي بردها', يقولها بعناء الذي لايقوي علي الرد من فرط الألم, ولتتأمل صوت محمد عبده في تمديد كلمة' بردها' نهاية الأغنية, وكأنه يتواري خلف التخوم, مثل حصان جريح أضناه التعب فانسحب دون أن يكمل السباق.
ومن أغنية إلي أخري تلمح ذلك التجسيد التمثيلي الذي يشبه' المونودراما' في المسرح فأنت دوما تشعر بلحظات الصد والهجير والعناد المر, كما جاء في أغنية' حاولت' والتي من خلالها يأخذك' عبده' إلي وجهة أخري علي جناح الاعتراف والندم الذي لايعرف الانكسار بقدر ما يحفظ الكرامة بين حبيبين, علي عكس من نسمعه الآن من عبارات التذلل والتزلف والاستخفاف المنزوع من دسم الصور والأخيلة التي صاغها محمد عبده بشياكة ودبلوماسية عبر أحبال صوتية تمتزج مع روح موسيقي غاية في العذوبة, ورغم انتماء هذه الموسيقي لعصر' التكنو', وهو غالبا ما يخلو من ثراء تعبيري, بقدر الجنوح نحو الإيقاع اللاهث الذي يصعب ترويضه, لكن قدرة الملحن بدت في وضع سياق فني يجمع الصوت الرصين بأرتام سريعة في تواز بديع مع شخصية محمد عبده الغنائية.
في أغنيته الرائعة' نجم عالي' استطاع محمد عبده بصوته الشجي اجتياز الاختبار الصعب, فعلي قدر الحيرة والتمني لحبيب استلب كل خلجات قلبه وعقله, ولا يقوي علي الوصول إليه في سمائه العالية, إلا أنه استطاع بصوته أن يطوف حوله كحلم ضائع في ارتعاشات المني للوصول لحبيب أشبه بالمجهول, ومع ذلك لاتري العين سواه, ولا ينبض القلب إلا بمحياه, مكتفيا بنظرة عين واحدة يبقي عليها في عوالم خاصة لايدرك مداها سوي قلب متلهف للقاء ذلك النجم العالي, والموسيقي هنا أضفت بريقا علي الأداء الصوتي في تمازج رومانسي لحلم صعب المنال.
ونفس الشيء فعله في موقف آخر أمام الغرور والتكبر من جانب الحبيب في أغنية' شكينالك' قدم لنا صوت محمد تابلوها خفيفا في حركاته وسكناته, معبرا عن حالة الصد والرجاء بجواب بسيط تصاحبه تنهيدة لا تخرج عن السياق بقدر ما تؤكد الموقف الدرامي, ثم يتمرد الصوت كاسرا حدة الغرور والكبرياء لحبيب لاه عن إدراك ذلك الشوق الجارف, فيرد بكبرياء أكبر بعد انقطاع الرجاء:' واذا يرضيك نتألم لنا الله وهنيالك/ شكينالك وقلنالك وأنت شايف حالك'.
ويبدو محمد عبد أكثر قدرة علي التصوير والتجسيد معا في أغنية' حس طار: التي بدأها بدخول ناعم وحالم مع البيانو, وظلت الكلمات تنساب في عذوبة مع صوت مع الكورال, ورغم صعوبة الكلمات التي تجنح قليلا نحو الشعبيات, لكنها مع العود والدفوف تتحول إلي سهل ممتنع يعبرعن حالة التياع المشاعرالمبطنة بالوجد, وكأنه ينقل لنا نقلا حيا بصوته أجواء جلسة اجترار خاصة في ليلة مقمرة, ومع ترديد الكورال لابد أن يتسرب إليك إحساس خاص في نهاية الأغنية, إحساس غير ملموس لايدركه سوي الخيال الذي يسكن الصوت.
وما أجمل' شايق النعمان' بصوت محمد عبده مقرونا بأهازيج موسيقي شعبية خالصة في تجليات المزمار الخليجي, وهو يقول' شقائق النعمان ترقص علي الخدين/ كل الحلا/ كل الحلا قد بان من طرفك النعسان/ ياورد يافواح لاجلك تميل العين/ ياراحة الأرواح متي اللقا يازين', وكأنها مع نبرات صوته خليط فريد من الموشحات الأندلسية مع الشعبيات الخليجية, وقدر من جزالة الشعر العربي, مع قليل من اللهجة البيضاء الآسرة, وهو ما يجعلك حتما تشتم روائح الجزيرة العربية المعتقة بالعود والعنبر صادرة لتوها من جوف خيمة ضربت بين وديان وسهول وجداول رقراقة, أو ترسو علي سفح جبل عتيق يطل علي واد فسيح.
أما' كلام القلب' فتلك حالة خاصة ونادرة فعلا, فالأداء الصوتي يتأرجح مابين طريقته القديمة في الغناء القديمة في التطريب, وأسلوبه العصري الذي يخاطب ذائقة الشباب الجديد, في تمازج يؤكد صدقه العود مع الدفوف وتبدو روعة الصوت أكثر في قوله' يا أغليكلامفي دنيا الغرام/ لوحدك انت فاهمها ومين غيرك يترجمها/ لأحلي مذاق لغات الحب للعشاق التي قدمها مع' فالس' راقص وخفيف تستشف منه خبرة المطرب في توظيف ألون الموسيقي برقي بالغ.
وتبقي' وحده بوحده' هي التجربة الأكثر جرأة في الألبوم حيث يبدأ ب' عرضة نجدية' تسبق الموسيقي, ثم ايقاع خليجي سريع تري من خلاله قدرة الملحن والمغني, كأنما تقدم ساحة فسيحة تلمع فيها السيوف علي إيقاع راقص متصاعد في حركته كما صوره عبده برشاقة تشبة الرقصات الهندية المفعمة بالإثارة, لاهثة بالحركة والحيوية لتجسد مباراة بين حبيبين' وحدة بوحدة والبادي أظلم', هي تجربة جديدة جدا عليه في الغناء, لكنها تبدو ثرية علي مستوي التصوير الصوتي الذي يظهر في شكل موسيقي متحرر يضفي شعورا بالاسترخاء رغم سرعة الأداء والإيقاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.