فاجأ الدكتور ابراهيم غنيم وزير التربية والتعليم اولياء الامور والمدرسين بقراره إلغاء الشهادة الابتدائية ليطبق مباشرة اعتبارا من العام الدراسي المقبل. الوزير اعلن في البداية ان اعتبار الصف السادس الابتدائي مجرد امتحان للنقل علي مستوي المدارس سيوفر للوزارة400 مليون جنيه, ثم عاد واكد ان الغرض ليس توفير المال, وانما هو تفعيل لنص قانون التعليم, والذي ينص في المادة18 منه علي عقد امتحان من دورين علي مستوي المحافظة في نهاية مرحلة التعليم الأساسي, أي الصف الثالث الاعدادي, ولم يأت ذكر' للشهادة الابتدائية', وبالتالي فانه لم يأت بجديد, وان الاصل في الصف السادس الابتدائي انه سنة نقل عادية. غنيم اضاف ايضا في مبررات قراره انه يعالج مشكلات المسمي الوظيفي لمعلمي المرحلة الابتدائية حتي لا يشعرون بأنهم اقل من زملائهم في التعليم الاعدادي, فيكون المسمي لكليهما معلم تعليم اساسي. بالطبع كان لاطراف العملية التعليمية ردود افعال بشأن القرار, وان كانت متباينة بحكم اختلاف المواقع والادوار.. المعلمون اعترضوا علي القرار, حيث اعتبرهنبيل محمود معلم بادارة حدائق القبة التعليمية عبثا, وخطوة لمزيد من التراجع في هيبة التعليم الاساسي, ويشرح قائلا' نهاية المرحلة الابتدائية عبارة عن مصفاة للمرحلة التالية الاعدادية ومعظم الطلاب في المرحلة الاولي لا يجيدونالاملاء فكيف يستمرون بهذا الشكل حتي السنة التاسعة ؟!' بينما تري أمال سيد مدرسة لغة عربية بادارة الهرم التعليمية ان القرار سيؤدي الي غياب الاهتمام من قبل اولياء الامور بمستوي ابنائهم التعليمي, خاصة في السنة السادسة بعد ان اصبحت سنة عادية, ويضيف عبدالله بادارة المرج التعليمية ان القرار من شأنه افراز جيل من الجهلاء بالقراءة والكتابة. علي الجانب الآخر تراوح استقبال اولياء الامور للقرار ما بين الترحيب والشك في جدواه وتأثيره الايجابي علي مستوي ابنائهم التعليمي. ياسمين طه بالصف الخامس وينطبق عليها القرار في العام القادم سعيدة بالقرار لانها ليست مضطرة للمذاكرة الطويلة او حضور الدروس الخصوصية, اما مصطفي ياسر, فيقول ببراءة' مش عارف ايه الصح وايه الغلط ولكن في كل الأحوال انا بذاكر!'. عزة عز الدين ولية أمر تقول لا يهمني ان ينجح ابني بل يعنيني تلقيه العلم بشكل افضلوتحقيق تحصيل اعلي فهل هذا ما سيؤدي اليه القرار..؟وتستطرد لابد ان يعلم الوزير ان مصلحة ابنائنا اهم من توفير المال. اما عفاف عبد العظيم فرحبت بالقرار بشدة لانه يخفف الضغوط عن كاهل الاسرة وخاصة فيما يتعلق بالدروس الخصوصية, لان مجرد كلمة شهادة تثير القلق لدي الطلاب وأسرهم, إلا انها تخوفت من محاولة تعويض المدرسين لخسارتهم من فقدان دخل الدروس الخصوصية, بتخفيض درجات اعمال السنة نكاية في الطلاب. تجاهل الخبراء علي الجانب الاخر, جاءت ردود فعل خبراء التعليم غاضبة ومندهشة من مبررات القرار, حيث تساءلت باستنكار الدكتورة نادية جمال الدين استاذ اصول التربية بمعهد البحوث التربوية بجامعة القاهرة عن الاساس العلمي الذي استند اليه الوزير في قراره, والبحوث العلمية التي تثبت سلامته وصوابه, وقالت اليس من العيب ان يتخذ الوزير قراراته بدون الاعتماد علي اي دلائل من البحث العلمي في ظل وجود60 كلية تربية علي مستوي الجمهورية؟ وتعود بنا الدكتورة نادية الي اصل المشكلة فتقول' في اوائل التسعينات تم عقد مؤتمرين قوميين كنت احد الحاضرين بهما الاول للتعليم الابتدائي(1992) والثاني للاعدادي(1994) لتقييم تجربة النقل الآلي التي بدأ تطبيقها في1981, حيث كان الطلبة ينتقلون من المرحلة الابتدائية الي الاعدادية بشكل مباشر دون امتحان تقييم, وفي عام1992 كانت قد ظهرت عيوب النقل الآلي, حيث كان الطالب يصل الي الصف الثالث الاعدادي دون ان يكون قادراعلي الكتابة او القراءة وهي كارثة, فاقترح المجتمعون حينها ان يكون هناك امتحان في الصفين الثالث والسادس الابتدائي للتاكد من ان التلميذ اكتسب مهارات القراءة والكتابة, وبالرغم من ذلك ها نحن نعود الي النقل الآلي من جديد دون اي اسباب تربوية. ولهذا تطالب الدكتورة نادية الوزير بابراز المبررات والفائدة التي ستعود علي العملية التربوية من وراء هذا القرار, وتتساءل' لماذا تم النكوص عن القرارات التي اتخذها المؤتمران القوميان للتعليم الابتدائي والاعدادي, ولماذا يأتي كل وزير ليلغي ما قام به سابقه بغض النظر عما اذا كان سليما او خاطئا ؟! وتضيف ما يحزني ان أكثر من سيتضرر من هذا القرار هم ابناء الفقراء وابناء الطبقة المتوسطة الذين تتدهور بهم الحال ويتعلمون بالمدارس الحكومية, واذا كان الوزير يستند الي المادة18 في القانون كما يقول, فهل من الحكمة ان احتكم الي قانون صدر عام1981 في عام2013 ؟. اولويات ويتفق الدكتور سامي نصار العميد الاسبق لمعهد البحوث التربوية مع الدكتورة نادية, ويسترجع تاريخ الشهادة الابتدائية ويصفها بالملعونة فيقول' كل وزير لا يجد ما يفعله فيقوم بالغائها او اعادتها حسب الوضع, فالدكتور فتحي سرور عندما كان وزيرا للتعليم قام بالغائها عام1988 بدافع توفير الاموال, لكنه لا يعلم ان الدولة تكلفت بعدها اضعاف ما تم توفيره, ونتجت عيوب كالدفعة المزدوجة وتغيير المناهج, ثم جاء الدكتور حسين كامل بهاء الدين وكان يريد الاصلاح فاعاد سنة سادسة اما الدكتور غنيم فلا ابقاها ولا الغاها, وجعلها سنة نقل لا يخضع فيها الطالب لاختبار يقيس ما تم تحصيله خلال ست سنوات, ويضيف نصار المرحلة الابتدائية في اي نظام تعليمي في العالم لها اهداف محددة وهي اكساب المفاهيم الاساسية في القراءة والكتابة والعلوم والرياضيات والتربية الوطنية وبالتالي لابد بعد تلك السنوات ان يتم قياس ما حصل عليه الطالب, فكيف نحولها الي سنة عادية, وكيف يتم النقل الالي لمدة تسع سنوات دون تقييم حقيقي؟؟ واذا كان الوزير يريد اصلاح التعليم فهناك اولويات, اذ توجد مشاكل في البنية التحتية للمدارس وكثافة الفصول وكارثة الغاء الانشطة وغياب الملاعب والمناهج العقيمة والمدرسون المعدمون, وعلي الوزير ان يعلم ان التعليم الابتدائي بالذات بحاجة الي اهتمام حقيقي, واذا اراد توفير الدروس الخصوصية فليقدم خدمة جيدة في المدارس ويجعلها جاذبة للطلاب, والا سيهربون ايضا الي الدروس'. رأي الدكتور محمد عبدالكريم زهران المنسق العام للجبهة الحقوقية للمعلمين ونقيب المعلمين بالمطرية لم يختلف عن رأي الخبراء حيث اعتبر إلغاء الشهادة الابتدائية تدمير للتعليم الاساسي لان اولياء الامور و الطلاب سيتعاملون معها علي انها ليست ذات قيمة والنتيجة انه سيكون لدينا اكثر من57% من الطلاب لا يعرفون القراءة و الكتابة, اما بشأن محاربة الدروس الخصوصية فلن يحدث لان الطلاب يحصلون عليها في جميع الاحوال.