في ظل حالة الحراك التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط باتجاه الدفع بإعادة طرفي القضية الفلسطينية لطاولة المفاوضات وإحياء عملية السلام المتوقفة, وجهود دفع فتح وحماس علي إتمام المصالحة الوطنية التقينا النائبة هدي نعيم أمين سر كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس بالمجلس التشريعي الفلسطيني ومقرر لجنة الرقابة والحريات العامة وحقوق الإنسان, أثناء وجودها بالقاهرة لنيل درجة الماجستير, وحاورناها عن المصالحة وفرص نجاحها والانتقادات الموجهة لحماس في علاقتها بمصر, وأزمة الأنفاق بين الجانبين. البداية كانت بحديث الساعة في الشارع الفلسطيني, وهي قضية المصالحة ورؤية حماس للاتفاق الذي عقد أخيرا بالقاهرة مع حركة فتح, فأكدت النائبة هدي نعيم أن حركة حماس تري في المصالحة ضرورة وطنية, لأن المستفيد الوحيد من حالة الانقسام الفلسطيني هو الاحتلال الإسرائيلي, والمصالحة الوطنية تمثل الدرع الحامية للمشروع الوطني, لكن يجب أيضا أن تتم كما تم الاتفاق عليها بكافة بنودها الحكومة والانتخابات والأمن ومنظمة التحرير والمصالحة المجتمعية, وأن يكون هناك تمثيل لكل التيارات الشعبية. ومتي ينتهي الانقسام الحادث بين الفصائل؟ الانقسام الفلسطيني الحادث ليس سببا للصراع, وإنما هو نتيجة تعثر المشروع الوطني الفلسطيني الموحد والدفع باتجاه تحقيقه بسبب الانزلاق في جولات المفاوضات الفاشلة التي لم يحقق الشعب الفلسطيني منها شيئا, وما يدفعه الشعب من ثرواته وأرواح أبنائه هو نتيجة لمحاولات تعطيل المشروع الوطني. إذن ما الاختلاف بين اتفاق المصالحة الأخير والاتفاقات السابقة بالقاهرة والدوحة ودمشق والرياض, وفرص النجاح التي تنظره؟ أجابت النائبة هدي نعيم بحسم أي اتفاق لن يساوي المداد الذي كتب به إلا إذا توافرت الإرادة الصادقة من جميع الأطراف لإنجاز المصالحة, فكفانا جلسات, فالإرادة هي المطلوبة مع أهمية وجود حاضنة عربية تحمي القيادة الفلسطينية من حالة الارتهان للضغوط الأمريكية التي تمارس عليها ومنع التدخل الأمريكي السافر في القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل, فالشعب الفلسطيني بحاجة للمساندة العربية ماديا ومعنويا, والاتفاقات السابقة كثيرا ما عطلت من قبل أبو مازن لرغبته في إعطاء الفرصة لنجاح المبادرة الأمريكية بفعل المساومات المادية للسلطة والضغوط السياسية, وما وقع عليه في الاتفاق كاف لبناء المصالحة, والمهم أن نبدأ فعليا باتجاهها. ولماذا برأيك لا تتوافر الحاضنة العربية المساندة للسلطة معنويا وماديا؟ ردت والأسي يعلو وجهها, القرار السياسي العربي هو الآخر أسير المواقف والرؤي الأمريكية ويسير في فلكها, ونتمني أن يتحرر لأنه بذلك سيكون داعما رئيسيا لعدالة قضيتنا. وما هو تأثير الوضع المالي علي المصالحة؟ الوضع المالي أحد عناصر نجاح المصالحة, وبدونه لن يتم الوفاء باحتياجات المواطنين, ولن يتحرر القرار الفلسطيني بسبب الضغوط التي تمارسها الدول المانحة باتجاه إجهاض المصالحة, والحادث في الواقع أن السلطة اتجهت إلي تعويض النقص المادي الشديد عبر القروض, وهو ما سيدخلها ويدخل الأجيال القادمة في خطر داهم. وحول مدي جدية حماس في تنفيذ اتفاق المصالحة, أكدت هدي نعيم أن حماس عازمة علي المضي في إنجاز المصالحة لأنها ضرورة ومطلب وطني, لكنها لن تقبل سوي بتنفيذ الاتفاق رزمة واحدة, لأنها تعلم أن الرئيس محمود عباس يراهن علي أن إجراء الانتخابات التشريعية كفيل بإزاحة حماس من المشهد السياسي الفلسطيني وخروجها من المعادلة السياسية اعتقادا منه بضعف فرص حماس في النجاح وتراجع شعبيتها والحصار المفروض علي قطاع غزة. وعن تقييمها للمبادرة العربية في ضوء تعديل نصوصها وإمكان تبادل الأراضي مع إسرائيل, تقول النائبة إن حماس أعلنت رفضها القاطع للمبادرة وتدعو الدول العربية للتخلي عنها لإجحافها بالحقوق الفلسطينية, ونحن بدورنا نتطلع في ظل الربيع العربي أن تكون هناك مبادرات عربية حقيقية تمنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة. وعن دور المجلس التشريعي في توحيد الصف الفلسطيني أكدت أن هناك تواصلا دائما بين النواب من جميع الفصائل لكي نكون حلقة الوصل, ولن نقبل جميعا أن ينجر المجلس لحالة الاستقطاب الموجودة, ولكن حركة فتح والرئيس عباس يعملان علي تعطيل عمل المجلس في رام الله من خلال منع رئيسه الدكتور عزيز الدويك من دخول المجلس. وعن المخاوف من فشل المصالحة, شددت النائبة هدي نعيم, علي أن هناك إصرارا من القوي الفلسطينية علي عدم الوقوع في اتفاق أوسلو جديد, لذلك هناك ملامح مبادرة وطنية جديدة بدأت تتشكل في أروقة منظمات المجتمع المدني وأوساط السياسيين والمثقفين الوطنيين لإعادة ترميم أو قل صياغة جديدة للمشروع الوطني, من خلال تقييم السلطة وأدائها والمقاومة ودورها والمفاوضات للخروخ من الصندوق المغلق الذي ندور فيه. وحول علاقة حماس بالإخوان المسلمين في مصر بعد صعودهم لسدة الحكم, قالت إن صعود الإخوان جاء بإرادة الشعب المصري ولا دخل لنا في ذلك, ونحن نتعامل مع الشرعية كما نتعامل مع كافة التيارات في المجتمع المصري, ونحن لدينا قناعة بأن من يحكم أي شعب عربي بإرادته لا يتعارض مع عدالة قضيتنا سواء كان من يحكم الإخوان أو أي فصيل وطني آخر, لأننا نعلم أن حلم الشعب الفلسطيني هو حلم كل التيارات الوطنية في مصر, والإخوان ليسوا بحاجة لحماس بإمكاناتها الضعيقة ولسنا الذراع المسلحة للإخوان كما يشاع, لأنهم لا يؤمنون بالعنف في أي تغيير, كما أننا لا نستخدم العنف إلا في وجه الاحتلال. وماذا عن أزمة الأنفاق بين غزة ومصر؟ الأنفاق تمثل خطورة علينا أيضا وتضر بنا, ولكن ليس هناك بديل متاح أمامنا في ظل الإغلاق شبه المستمر للمعابر والحصار الإسرائيلي, فهي تمثل الرئة التي يتنفس منها الشعب الفلسطيني, والقانون الدولي يلزم الدول المجاورة لدولة محتلة ومحاصرة بفتح حدودها للحصول علي احتياحاتها. وهل إغلاق المعابر ما زال أيضا مستمرا في ظل الإخوان؟ نعم لأن الملف الفلسطيني ما زال من اختصاص المخابرات العامة, وعندما يتم تقنين الحركة بانتظام سنكون أول يغلق الأنفاق. الوضع الأمني في سيناء واختطاف وقتل الجنود؟ حماس لا يمكن أن تعبث بأمن مصر أو أي دولة عربية, ونحن حريصون علي استقرار مصر لأنه من مصلحتنا ويخدم قضيتنا, ولن نسمح بامتداد أي يد عابثة من جانبنا, ونحن لا نوجه بنادقنا تجاه العرب وإنما لوجه الاحتلال فقط, وإذا كنا حلفاء للإخوان كما تقول فكيف نسبب لهم المشاكل فذلك يتعارض مع المنطق, وحماس لم تعبث بأمن مصر حينما كانت في خصومة مع النظام السابق الذي نكل بها فكيف تفعل الآن, وبخصوص ما قيل عن أسماء ضالعة في اختطاف وقتل الجنود تحققنا من ذلك وتبين أن منهم شهداء منذ سنوات, وهناك من يحاول إيذاء مشروع المقاومة في ذهن المواطن المصري الذي يدعمها لتصبح حماس معزولة عن البعد الشعبي لها. وماذا عن القول بأنكم سبب أزمة الكهرباء في مصر؟ غزة تستهلك أقل مما يستهلكه أحد شوارع القاهرة, وإجمالي الاستهلاك400 ميجا وات نحصل من دولة الاحتلال علي120 ميجا, ومن محطة التوليد بغزة علي100 ميجا, أما مساهمة مصر فلا تتعدي30 ميجا بنسبة75%, وهناك عجز150 ميجا نتغلب عليه بتخفيف الأحمال بالتناوب كل8 ساعات. وأخيرا التوطين بسيناء؟ لقد مرعلي الشعب الفلسطيني ثلاث حروب ولم يخرج أحد من القطاع, والذي خرج كان بداعي العلاج ولم يخرج هارب واحد, وفي عهد مبارك عاد للقطاع750 ألفا, كما رفضنا التوطين في عهد عبد الناصر عام56 فكيف نرتضيه اليوم, وأؤكد أننا في غزة لن نقبل أن نهجر من أرضنا مهما كانت التضحيات والمغريات. وحول وجود200 ضابط ينتمون للسلطة الفلسطينية بسيناء تمنع حماس عودتهم بدعوي أنهم مطلوبون في قضايا أمنية, أكدت نعيم أن هؤلاء الضباط متورطون في عمليات قتل خلال الاشتباكات التي دارت بين فتح وحماس وعائلات الضحايا تريد القصاص منهم مما يفتح الباب أمام عودة الاقتتال من جديد وإجهاض المصالحة, لذا فإن حماس تنتظر إتمام المصالحة المجتمعية حتي يعود الضباط, وبالفعل عاد90 ضابطاغير متورطين أمنيا.