بعد أن ظلت تحلم بليلة الزفاف طيلة ثلاثة أعوام كاملة هي فترة الخطوبة مثل كل الفتيات وما أن اقتربت حتي تزايدت حدة الخلافات بين أسرتها وأسرة خطيبها. وتمكنت من شد أزر حبيبها حتي يتمكنا من أن يجمعهما بيت واحد يتوجا به قصة حبهما التي شهدها الجميع ولكن يبدو أنها كانت تبحث عن السراب وما أن تم تحديد يوم الزفاف حتي شعرت أنها تطير من علي الأرض فرحا وعلي الرغم من أن أسرتها وأسرة عريسها كانتا وكأنهما في معركة إلا أنها وخطيبها كانا ينتظران يوم الحلم الذي بددته أحقاد وخلافات الأهل والأقارب ودفعا هما الاثنين ثمنها بعد أن تحول يوم عرسهما إلي مأتم وصراخ وعويل عندما غرس شقيقها سلاحه في صدر خال عريسها لتتبدل الزغاريد بالصراخات وتعود إلي منزل أسرتها بعد أن كانت علي بعد لحظات من السعادة وتصبح حكاية بسمة وكأنها رواية وحدوته علي لسان أهالي منطقة مدينة السلام وقريناتها من الفتيات. والمأساة تبدأ بقصة حب عاشها محمد وبسمة عندما قررا أن يكللا تلك القصة بالنهاية السعيدة وأن يسلكا الطريق معا وتقدم لخطبتها من أهلها الذين فرضوا عليه شروطهم معتقدين بأنهم يكرمون ابنتهم وعلي الرغم من أنها كانت تفوق قدراته إلا أنه قرر أن يتحمل كل شيء من أجل محبوبته وظلا يسابقان الزمن ويصارعان الأمواج في ظل إمكاناتهما المحدودة فتارة يعدها بأن يحقق لها أحلامها وتارة تهون عليه التعب ويحسبان الأيام والساعات حتي يجمعهما عش الزوجية ويحققا حلمهما بالزواج وبدأ العريس يوصل الليل بالنهار حتي يقصر الليالي وبعد ثلاث سنوات كاملة تمكن خلالها من الحصول علي شقة وتجهيزها وأوفي بالتزاماته تجاه أهل عروسه حتي يحقق غرضه وأصبح عش الزوجية جاهزا لاستقبال طائريه فما كان منه إلا أن ذهب لأهل عروسه يطلب منهم تحديد موعد لإتمام زفافه. وبدلا من أن تبدأ الاحتفالات دبت الخلافات بين أسرة العروسين مثلما يحدث في المناطق الشعبية حول قائمة المنقولات وتجهيزات الزفاف وعلي مدار الأيام التي سبقت يوم الزفاف تزايدت حدة الخلافات التي كادت تعصف بالحلم الجميل وبعد ضغوط وتدخل وسطاء الخير تم تجاوزها وتحديد موعد يوم التتويج والزفاف إلا أن نفوس الأسرتين ظلت تحمل بداخلها ما تحمل وكان كل طرف ينتظر خطأ من الآخر لينتقم منه. إلا أن الأقارب كان لهم رأي آخر فحضر كل منهما يحاول إقصاء الآخر ويفرض سيطرته علي مقاليد الأمور ليعلن عن أنه الأقوي وبدلا من أن يتبادلا العناق والقبلات ويتناسيا خلافاتهما بعد أن أصبحا عائلة واحدة كانت النظرات تحمل الغل والرغبة في الانتقام وعلي عكس كل العرسان الذين يتمنون أن يكون عمرهما كله ليلة زفاف كانت بسمة وخطيبها يحلمان بأن تنتهي الليلة حتي يتخلصا من هذا العناء ووسط كل ذلك بدأ الحفل الشعبي البسيط بالحي الشعبي بمدينة السلام بحضور الأهل والجيران ومع نغمات الموسيقي بدأ الشباب يتراقص وكعادة الشباب في تلك الأحياء أخرجوا الأسلحة البيضاء يتراقصون بها وكان بينهم شقيق العروس وهو ما أثار حفيظة خال العريس وعدد من أقاربه فنشبت بينهم مشادة تطورت إلي مشاجرة تبادلا خلالها الاعتداء علي بعضهما ويغرس شقيق العروس سكينه في صدر خال العريس الذي سقط علي الأرض مضرجا في دمائه وتتحول الزغاريد إلي صراخ وعويل ويصحو العروسان من حلمهما علي كابوس مفزع سيلازمهما طوال الحياة التي انتهت قبل أن تبدأ ويهدم العش الذي قاما ببنائه علي رأسيهما وكأنها كانت رقصة الموت لهما لتدخل العروس في حالة انهيار وبكاء متواصل بعد أن تأكدت أنها كانت تبحث عن سراب يسمي السعادة والحب وعادت بسمة إلي منزل أسرتها بعد حفل زفافهما وعلي الفور أمر اللواء جمال عبد العال مدير الإدارة العامة لمبحاث القاهرة بتوجيه رجال المباحث بإشراف اللواء سامي لطفي نائب مدير الإدارة العامة لمبحاث القاهرة للسيطرة علي الموقف بعد أن تحول الحفل إلي حلبة مصارعة حيث تمكن المقدم هاني أبو علم رئيس مباحث قسم السلام أول من القبض علي شقيق العروس وباقي المتهمين وتم نقل القتيل والمصابين إلي المستشفي وأمر اللواء أسامة الصغير مدير أمن القاهرة بإحالة المتهمين إلي النيابة التي تولت التحقيق.