الأمن من أجل نعم الله عز وجل في هذا الوجود, ففي ظلاله يطمئن الناس علي أنفسهم وأعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم, وفي رحاب الأمن يؤدون أعمالهم وينصرفون إلي شئونهم ومصالحهم في غير خوف ولا فزع. وفي اشتمال الأمن تتحقق الآمال ويسود النظام وتسعد الأمة وتحلو الحياة ويهدأ العيش, لأن الأمن من ضرورات الحياة للإنسان كالطعام والشراب والعافية للأبدان ولعظم شأنه في إسعاد العباد, كما يقول الشيخ محمد مشالي وكيل الوزارة لشئون الوعظ والإرشاد بالأزهر سابقا, فقد من الله به وجعله متلازما للطعام الذي تدفع به ثورة الجوع وغضب المعدة تطبيقا لقول الله سبحانه وتعالي( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). لأن الطعام والشراب إذا كان غذاء للأجسام والاشباع, فالأمن حصن للقلوب والأرواح, وفي بعض الأحيان والحالات تكون الأولوية والأهمية للأمن قبل الطعام, حيث يكون الخوف والذعر حائلا عن حاجة الإنسان للأكل والشرب ويبتعد التفكير عن الرغبة فيهما عندما يسود الفزع بين الناس, وقد تختفي الأطعمة من الأسواق والمتاجر عندما يغيب الأمن وهذا ما ذكر به النبي صلي الله عليه وسلم في قوله من أصبح منكم آمنا في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها, وقد حذر الرسول عليه الصلاة والسلام كل من آثار الفرغ وأشاع الخوف والقلق وعدم الاطمئنان بين الناس فقال صلي الله عليه وسلم من أخاف مؤمنا كان حقا علي الله ألا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة وقد اعتبر الإسلام ترويع الآمنين وتهديد حياتهم من أنواع الايذاء كما جاء في قول الله سبحانه والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا كما اعتبر الإسلام وساوي بين نشر الخوف بين الناس وتهديد أمنهم والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة وبين الفساد في الأرض وجعل جزاءهم من أقصي العقوبات, فقال الله عز وجل إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم لأن الدين يحرص علي صيانة الأرواح والأموال والحافظ علي الأمن والاستقرار وتقدير هذه النعمة الكبري من الله الذي دعا بها أبو الأنبياء إبراهيم الخليل ربه في قول الله تعالي رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر لكي يعيش الناس جميعا في هدوء واطمئنان يؤدون واجبهم فيكثر الخير ويعم الرخاء في المجتمع كله.