لسد الألفية الاثيوبي أثران مهمان علي مصر بالدرجة الاولي وعلي السودان بدرجة أقل, الأثر الاول هو نقص مؤقت في كمية المياه خصما من حصة مصر والسودان نتيجة التخزين فيما قبل السد الاثيوبي لكي يؤدي وظيفته والأثر الثاني هو انخفاض سرعة سريان النهر خلف السد, وسيصحب الأثر الثاني نقص شديد في الاطماء نتيجة النقص الكبير في سرعة اندفاع المياه فضلا عن الترسيب قبل سد اثيوبيا كما حدث عندنا في بحيرة ناصر. وسوف أركز هنا علي التأثير الاول لاننا لم نعد نستفيد من الطمي علي كل حال بعد اقامة السد العالي, فتخزين المياه قبل سد اثيوبيا سوف يرفع الماء لديها, وبالتالي تتمكن من توليد الكهرباء الذي يزداد حجمه مع ارتفاع المنسوب أمام السد هناك, ويذكر ان اثيوبيا تأمل في توليد مايربو علي5 جيجاوات( تعادل ما تولده4 محطات من نوعية محطة كهرباء شبرا الخيمة) وسيستغرق هذا النقص فترة من الزمن إلي أن تتشبع البحيرة قبل السد الاثيوبي ثم يعود معدل التصريف كما كان, والوقت الذي سيستغرقه ذلك يعتمد علي مساحة الاراضي التي ستمتليء بالمياه قبل السد الاثيوبي وارتفاع السد ومعدل الاطماء قبله ومعدل البخر, ويذكر هنا ان حجم التخزين في البحيرة قبل السد الاثيوبي سيصل إلي نحو63 مليار متر مكعب, وعلي قدر الزمن الذي ستستغرقه البحيرة الاثيوبية قبل أن تمتليء بتلك الكمية من المياه ستتأثر فيه حصتنا السنوية من المياه.وهذا السبب سيكون تأثيره حادا وفوريا, لكن ما سيقلل من أثره هو ما تخزنه بحيرة ناصر الآن والذي يمكننا الصرف منه خلال ملء بحيرة السد الاثيوبي, وهو حل اضطراري كنا ومازلنا لانحب ولاينبغي ان نلجأ له. والسبب الثاني لنقص حصة مصر من المياه سيكون تأثيره غير حاد لكنه تأثير مزمن لا انتهاء له, وهو الناشيء عن انخفاض سرعة اندفاع الماء خلف السد في السودان, وسيكون لذلك أثران تابعان الاول زيادة تسرب الماء للخزان الجوفي علي طول المسار بسبب انخفاض سرعة الاندفاع وتشتت المياه والثاني زيادة معدل البخر علي طول المسار. المحصلة اذن انه سيكون لسد الالفية الاثيوبي تأثير حاد علي نقص حصة المياه المصرية في النهر الخالد نتيجة تخزين المياه قبل السد في اثيوبيا, لكنه تأثير مؤقت سينتهي بملء البحيرة الاثيوبية قبل السد, وأثر مزمن نتيجة انخفاض سرعة اندفاع النهر بعد السد في السودان, ولكي نجد حلا لتلك الازمة التي يمكن ان تعصف بالسلام في المنطقة علي مدي العقود القادمة علينا ان نبحث عن بدائل لتعويض اثيوبيا عن القدرات الكهربائية التي سيولدها سد الالفية, لكن ذلك يحتاج تفهما وتعاونا من جنوب السودان والسودان, وهو أمر صعب مع التعقيدات السياسية والجيوسياسية في المنطقة. د. أحمد الجيوشي - عميد كلية التعليم الصناعي جامعة حلوان