مطروح تدرس تشغيل خط طيران مباشر إلى القاهرة لتيسير حركة المواطنين    بؤر تفجير في قلب العالم العربي ..قصف إيران للقواعد الأميركية يفضح هشاشة السيادة لدول الخليج    انتظرنا 49 عاما.. الصحف البرتغالية تحتفل بفوز بنفيكا على بايرن ميونخ    ينتظر الترجي أو تشيلسي.. موعد مباراة بنفيكا في دور ال16 بكأس العالم للأندية 2025    من قلب الصين إلى صمت الأديرة.. أرملة وأم لراهبات وكاهن تعلن نذورها الرهبانية الدائمة    ندوة تثقيفية لقوات الدفاع الشعبي في الكاتدرائية بحضور البابا تواضروس (صور)    كم يسجل عيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    رسميا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    حسام بدراوي: أرفع القبعة لوزير المالية على شجاعته.. المنظومة تعاني من بيروقراطية مرعبة    اقتراب الأسهم الأمريكية من أعلى مستوياتها وتراجع أسعار النفط    الشاعر: 1410 منشأة سياحية غير مرخصة.. ولجنة مشتركة لمواجهة الكيانات غير الشرعية    «المصدر» تنشر نتيجة انتخابات مجلس إدارة البورصة المصرية 2025-2029    غدا.. إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية للقطاع العام والخاص والبنوك بعد قرار رئيس الوزراء    وزير الخارجية الإيراني: برنامج النووي مستمر    بايرن ميونخ يواجه فلامنجو البرازيلي فى دور ال16 بكأس العالم للأندية    البنتاجون: إيران ما زالت تتمتع بقدرات تكتيكية ملموسة    بوتين ولوكاشينكو يبحثان هاتفيا الوضع في أوكرانيا والشرق الأوسط    وصفها ترامب ب«أغبى أعضاء الكونجرس».. نائبة ديمقراطية: «لا تصب غضبك علي.. أنا فتاة حمقاء»    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد ناصر الكبير.. صور    قدّاس جنائزي في البصرة على شهداء كنيسة مار إلياس – سوريا    طارق سليمان: الأهلي عانى من نرجسية بعض اللاعبين بالمونديال    أحمد حمودة: أرقام بن رمضان «غير جيدة».. وعبدالقادر أفضل من تريزيجيه وبن شرقي    «سيكون فريق مرعب».. سيد معوض يكشف احتياجات الأهلي    الزمالك يضع الرتوش الأخيرة على صفقة نجم الأهلي السابق (تفاصيل)    ميسي يعلق على تأهل فريقه للدور الثاني من مونديال الأندية    ميل عقار من 9 طوابق في المنتزة بالإسكندرية.. وتحرك عاجل من الحي    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية القليوبية 2025 الترم الثاني pdf.. رسميًا الآن    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق سيارة بطامية في الفيوم    كان بيعوم.. مصرع طالب ثانوي غرقا بنهر النيل في حلوان    أب ينهي حياة ابنه وابنته في قويسنا بالمنوفية.. والأمن يكثف جهوده لكشف غموض الواقعة    حفل غنائي ناجح للنجم تامر عاشور فى مهرجان موازين بالمغرب    فرصة مثالية لاتخاذ قرارات حاسمة.. توقعات برج الحمل اليوم 25 يونيو    التسرع سيأتي بنتائج عكسية.. برج الجدي اليوم 25 يونيو    معطيات جديدة تحتاج التحليل.. حظ برج القوس اليوم 25 يونيو    زوج ضحية حادث الدهس بحديقة التجمع عبر تليفزيون اليوم السابع: بنتي مش بتتكلم من الخضة وعايز حق عيالي    سفارتنا في بوليفيا تشارك في عدد من المعارض للترويج للمتحف المصري الكبير    غفوة النهار الطويلة قد تؤدي إلى الوفاة.. إليك التوقيت والمدة المثاليين للقيلولة    وزير الصحة: ننتج 91% من أدويتنا محليًا.. ونتصدر صناعة الأدوية فى أفريقيا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى حلوان دون إصابات    حسام بدراوي: الانتخابات كانت تُزور في عهد الرئيس الأسبق مبارك    عندما صعد ميسي ليدق أجراس ميلاده ال38.. من أحدب نوتردام إلى أسطورة الكرة    «يعقوب» و«أبوالسعد» و«المراغي» يقتنصون مقاعد الأوراق المالية بانتخابات البورصة    أسوار المصالح والمنشآت الحكومية بكفر الشيخ تتحول للوحات فنية على يد طالبات تربية نوعية (صور)    البابا تواضروس في اتصال هاتفي لبطريرك أنطاكية: نصلي من أجل ضحايا الهجوم على كنيسة سوريا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. نتنياهو: إذا حاولت إيران إعادة بناء النووى فسندمره.. المخابرات الأمريكية: الهجمات على إيران لم تدمر المواقع النووية.. الهباش: لا استقرار فى الشرق الأوسط دون فلسطين    مينا مسعود يفاجئ الجمهور فى سينمات القاهرة للترويج لفيلمه "في عز الضهر"    رسالة أم لابنها فى الحرب    "إسرائيل وإيران أرادتا وقف الحرب بنفس القدر".. أخر تصريحات ترامب (فيديو)    ما سبب تسمية التقويم الهجري بهذا الاسم؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: الإشباع العاطفي حق أصيل للزوجة.. والحياة الزوجية لا تُبنى على الأمور المادية فقط    جوتيريش يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    الأرصاد تكشف حالة الطقس فى القاهرة والمحافظات وتُحذر من انخفاض الرؤية : «ترقبوا الطرق»    وزير الصحة يبحث مع نظيره الموريتاني سبل تعزيز التعاون في القطاع الصحي    المنوفية تجهز مذكرة لبحث تحويل أشمون العام إلى مستشفى أطفال تخصصي وتأمين صحي شامل    عملية نادرة تنقذ مريضة من كيس مائي بالمخ بمستشفى 15 مايو التخصصى    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد الجمعة يكتبه:أحمد البرى
الليلة الظلماء!
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 05 - 2013

أنا فتاة في السنة النهائية بكلية من كليات القمة, نشأت بإحدي قري الأقاليم في أسرة متوسطة لأب يعمل في مصلحة حكومية, وأم معلمة بمدرسة إعدادية ولي شقيقان يكبراني بعدة سنوات, واتسمت حياتنا بالبساطة والهدوء.
ولم نقارن يوما ما نحن فيه بما كان عليه أبناء أعمامنا من رغد العيش, إذ إن لي ثلاثة أعمام سافروا إلي دول الخليج, وعملوا فيها سنوات طويلة, وعندما عادوا الي مصر, واستقروا فيها, أقام كل منهم عمارة مستقلة, وخصص لكل ولد وبنت من أبنائه شقة مجهزة بأفخر أنواع الأثاث, وألحقوهم بالجامعات الخاصة في الطب والهندسة.. أما نحن فقد أقمنا في شقة متوسطة, واعتمدنا علي أنفسنا في التحصيل والمذاكرة ولم نعرف طريقا الي الدروس الخصوصية, وقد تفوقنا, وحصلنا في كل السنوات علي مجاميع عالية, والتحق شقيقاي بكليتين مرموقتين, ونالا تقديرات ممتازة أهلت الأكبر ليكون معيدا في كليته, وساعدت الثاني علي الالتحاق بوظيفة جيدة في شركة معروفة.. لكن استقرارنا الأسري اهتز مرة واحدة عندما ألمح أبي وهو في سن الثالثة والخمسين الي أنه سيرتبط بزوجة ثانية, وظننا وقتها أنها مزحة, خصوصا أننا لم نلمس أي خلاف بينه وبين والدتي التي تصغره ببضع سنوات, وكانت علاقتهما عادية كأي زوجين في عائلتنا الكبيرة.. ولكن بعد اسبوع واحد جاءنا من يخبرنا بأنه تقدم لسيدة مطلقة في الخامسة والثلاثين من عمرها, ولم يوافق أهلها, وبدت علامات الدهشة علي وجوهنا, عندما سمعنا هذا الخبر الذي نزل علينا كالصاعقة, وسألناه عما إذا كان صحيحا أم لا فلم ينكره, بل قال إن هذا حقه, وإن المطلقة التي رفضته سوف تندم لأنه سيتزوج من هي أفضل منها.. وغادر جلستنا وهو في قمة الضيق, وسارعت أمي الي جدتنا لأبينا التي تعيش في مسكن مجاور لنا, وأبلغتها بما قاله أبي, فاستغربت أن يفعل ذلك بعد سنوات العشرة الطويلة التي جمعته بأمي, ودون وجود أسباب واضحة تدعوه الي هذا الزواج, وجاءت معها الي بيتنا, وانتحت به جانبا. وسألته عما حدث, وعما ينقص زوجته لكي يتزوج عليها, فلم يرد, وظل صامتا عدة دقائق حيث كنا نراقب حديثهما من بعيد, ثم تحدث أبي بصوت عال في موضوع آخر فقالت له جدتي: إنه إذا تزوج ونفذ ماأراد بلا سبب فسوف يندم, وبدت علامات التعب عليها خصوصا أنها تقترب من سن الثمانين, فأوصلتها إلي منزلها, وهي تضرب كفا بكف, أما أمي فلم تذق طعم النوم في تلك الليلة, وساءت حالتها, وفي صباح اليوم التالي أخذتها إلي طبيب نفسي تحت ضغط شديد وإلحاح مني, فوصف لها بعض المهدئات, ومنحها إجازة مرضية من العمل, وانقطعت صلة أبي بها فبرغم أنه يعيش في نفس المنزل, لم يفكر في تطييب خاطرها ولو بمجرد كلمة! وبعد مايقرب من ثلاثة أشهر اشتد التعب بوالدتي فحملناها الي المستشفي القريب منا, حيث أجريت لها فحوص وأشعات, ولم تثبت إصابتها بأي أمراض, وأرجع الأطباء حالتها إلي ماتعانيه من آلام نفسية نتيجة صدمة عصبية بعد تصريح أبي بأنه سيتزوج عليها, واحتويناها أنا وشقيقاي بالحب والحنان.. وبعد أن تماثلت للشفاء حدثها شقيقي الأكبر عن رغبته في خطبة إحدي زميلاته بالجامعة, فانفرجت اساريرها, وسألته عن أسرتها, وبرغم الجفاء الذي ساد علاقتها بأبي, فإنها فاتحته في رغبة شقيقي في خطبة زميلة له, فلم يبد اعتراضا ولا موافقة ولم يتحمس ولو لمجردالسؤال عن أهل الفتاة وإنما قال عليه تدبير أموره بنفسه! وهنا نشبت مشادة كلامية بينهما, وتدخل أعمامي, وبعد معاناة أقنعوه بأن يساعده ولو بثمن حجرة واحدة من أثاث الشقة, والحقيقة أن أهل عروسه كانوا أكثر شهامة, ولم يتوقفوا عند المسائل المادية, بل ساعدوه في توفير شقة الزوجية, وتزوج شقيقي وانتقل إلي القاهرة, وأقام بها, ولم يمض عام واحد حتي لحق به شقيقي الثاني, وبالطريقة نفسها, وبقيت أنا مع والدتي, أسري عنها همومها, وأحكي لها كل مايدور من أحداث في الجامعة ومع زميلاتي, بينما استمر والدي علي حاله, ثم طرق بابي طبيب شاب من قرية مجاورة, ومعروف عن أهله الاستقامة وحسن الخلق, وفرحت به أمي كثيرا, ورتبت لي أمي لقاءين معه في حضور والدي, وجري بيننا حديث في قضايا عامة, وأحسست براحة نفسية تجاهه, ولما سألتني عن رأيي فيه أبديت موافقتي علي خطبتي له لفترة يدرس فيها كل منا الآخر, وبالفعل تمت خطبتنا في حفل بسيط حضره الأهل والأصدقاء.
ولم يمر شهر واحد علي الخطبة حتي عاود أبي الحديث عن زواجه الثاني, وفاجأنا هذه المرة بتقدمه الي امرأة في سن الخامسة والأربعين, لم تتزوج من قبل, وقد اشترطت عليه أن تقيم في المدينة التي تبعد عن قريتنا حوالي ثلاثة كيلومترات, فوافق واشتري شقة سجلها باسمها, وقد دفع ثمنها من مدخراته مع والدتي علي مر السنين, وعلم أعمامي بما اعتزمه فثاروا عليه, وحذرته جدتي من هذه الخطوة التي ستجلب عليه المتاعب, لكنه لم يعبأ بتحذيراتها. وإمعانا في العناد أقام حفل زفاف دعا إليه عددا من معارفه, ولم يكن هناك حديث لأبناء القرية غير هذا الزواج الغريب, ولما علم أهل خطيبي بما فعله أبي فسخوا الخطبة.. فسقطت علي الأرض مغشيا علي من هول الصدمة.. وانهارت أمي, وتحول بيتنا في تلك الليلة الظلماء إلي مأتم في الوقت الذي كانت تتلألأ فيه الأضواء وتقرع الطبول في بيت أبي الجديد!!
ومنذ ذلك اليوم تدهورت صحة أمي تماما, وأظهرت الفحوص الجديدة أنها أصيبت بالمرض الخبيث, وأنه لا بديل عن إخضاعها للعلاج الكيماوي, وعلم أبي عن طريق أعمامي بمرضها, لكنه بكل أسف لم يفكر في زيارتنا ولا حتي الاتصال بها, وأصبح حملي ثقيلا جدا, وكان علي أن أوازن بين دراستي وتمريض أمي. ومصاحبتها في جلسات العلاج الكيماوي, وأوكلت أمري الي الله, فأي تعب أو مجهود مهما يكن مضنيا, فانه أخف كثيرا من الألم النفسي, ووفقني ربي وبمساعدة خالتي الوحيدة, وهي متزوجة في محافظة ساحلية بعيدة في التسرية عن أمي حيث إنها علي اتصال دائم بها, وتزورنا كل أسبوع لتقضي معنا الإجازة, كما أن زوجها رجل شهم لم يدخر وسعا في متابعة حالة أمي الصحية مع أعمامي والأطباء المعالجين ولن أنسي أبدا صنيعهم من أجلنا.
إنني أكتب إليك هذه الرسالة ودموعي تتساقط علي الورق حسرة علي موقف أبي, وعرفانا بجميل كل من أسهم في تخفيف متاعبنا, وقد أردت أيضا أن أسألك في أمر يخصني حيث تقدم لي شاب من قريتنا طالبا يدي عن طريق والدته التي قالت لأمي, إنه سيتزوج في شقة بمنزل الأسرة. وانني سأكون قريبة منها لألبي لها طلباتها وسيكون هو الآخر ابنا لها.. والحقيقة أنني لا أنكر علي أسرته أخلاقها الحميدة, ولا عليه مركزه الاجتماعي حيث إنه تخرج في كلية مماثلة للكلية التي سأتخرج فيها هذا العام, لكنني مترددة في الموافقة عليه, برغم إلحاح أمي علي بقبوله, حيث إنني لا أريد أن أتركها قبل أن يتم الله شفاءها, وأفكر في رفض الارتباط قبل أن أراها سليمة معافاة من المرض, فهي ليس لها في الدنيا الآن غيري, بعد أن انشغل شقيقاي بحياتهما الخاصة, ولا يزوراننا إلا علي فترات متباعدة, ويكتفيان بمحادثتها هاتفيا, كما أن كل سيدة في عائلتنا مشغولة بحياتها وأخشي علي أمي من الوحدة وهي في هذه الظروف الصعبة.. إن أمي تقول إنها تريد أن تفرح بي, فهل ألبي رغبتها وأنا غير واثقة من أنني سأوفيها حقها من الرعاية والاهتمام أم أؤجل الزواج إلي أن يمن الله عليها بالشفاء وعندئذ لا أوافق علي الخطبة وأنتظر نصيبي في الوقت المناسب ؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
من الواضح أن الفجوة التي أصابت علاقة أبيك بأمك قد جاءت مصاحبة لما يعرف بأزمة منتصف العمر لدي الأزواج والتي تترافق غالبا مع وصول الزوجة إلي سن اليأس, وهي مرحلة تسبقها مقدمات تستمر من سنة إلي خمس سنوات, وعندها يفكر الرجل في زوجة ثانية تشعره بأنه مازال في مرحلة الشباب, ومن هنا ينبغي علي زوجته الأولي أن تحتويه في لحظة ضعفه, وتحرص علي إجراء حوار هادئ معه يخرجه من الحالة المزاجية السيئة التي يعانيها.
وتستطيع أي زوجة أن تستشعر هذه الأزمة لدي زوجها عندما يتجنبها, ويحاول الابتعاد عنها, ويخرج من المنزل في مواعيد لم يعتد الخروج فيها, والشكوي من عدم قدرته المادية, والتذمر كلما طالبته بنقود لأي غرض, ويمكنها أيضا أن تعرف كل ما يدور في ذهنه من خلال معرفتها بطباعه, والتغيرات المفاجئة التي تظهر عليه.
هذا هو المسار الطبيعي للعلاقة بين أي زوجين, لكن ما فعله أبوك كان خارج كل القواعد, فلقد غدر بأقرب الناس إليه, وما أصعب ذلك علي أي زوجة, فزواجه بهذه الطريقة التي تروينها يتعارض تماما مع أفعال العقلاء, وما كان لمثله أن يفعل هذا, إذ ما الذي سيجنيه من زواجه بمن تقارب والدتك في العمر. وهو الذي لم يشك طوال سنوات زواجه من عيب أو نقص فيها.. وحتي لو تغاضينا عن هذه النقطة برغم أهميتها الجوهرية, ألا يدرك أن الشرع يحتم عليه العدل بين زوجتيه, وأنه لو خشي ألا يحقق هذا العدل صار عليه أن يكتفي بواحدة, حيث يقول تعالي: فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة فما بالنا بأنه قاطع زوجته الأولي وأبناءه, وترك كل منهم يواجه مصيره, ولم يقدم سوي مساعدة بسيطة لاتتناسب مع مالديه من مال, بدليل شرائه شقة تمليك باسم زوجته الجديدة.
إن ما فعله أبوك هو الخطأ بعينه, وعليه أن يراجع حساباته, وأن يعيد المياه إلي مجاريها مع والدتك, وأن يرعي مصالح الجميع, ولو أنه انفرد بنفسه قليلا وقارن ما يفعله معكم بصنيع أعمامك, بل وزوج خالتك, سوف يدرك فداحة أخطائه التي ما كان لرجل في مكانه أن يرتكبها.
وعلي والدتك أن تدرك أن صبرها علي ما ألم بها من مرض, ومن أذي أبيك النفسي لها هو الايمان بعينه وأتذكر هنا قول الشاعر:
إذا ما أتاك الدهر يوما بنكبة فأفرغ لها صبرا ووسع لها صدرا
فإن تصاريف الزمان عجيبة فيوما تري يسرا ويوما تري عسرا.
أما أنت أيتها الفتاة العاقلة فلا تلقي بالا لخطيبك السابق الذي فسخ الخطبة بعد علمه بزواج أبيك, فالحقيقة هي أننا حتي وإن لمنا والدك علي الطريقة التي تزوج بها, إلا أنه لم يرتكب إثما أو يقع في جريمة أخلاقية من الممكن أن تؤثر علي سمعتكم بين أهل المنطقة التي تعيشون فيها, وحسنا أن تم فسخ الخطبة قبل زواجك منه, وقد عوضك الله بأفضل منه, وهو الشاب الذي تقدم إليك طالبا يدك, لكنك تترددين في الموافقة عليه خشية أن تتركي والدتك وحدها في هذه الظروف الصحية برغم الحاحها عليك بالموافقة, ولا أري مانعا من زواجك منه بعد الانتهاء من دراستك هذا العام, فربما يكون استقرارك عاملا مهما في تحسين حالة والدتك النفسية, وسيصبح بإمكانك وأسرة زوجك التواصل اليومي معها. ويمكن أيضا لجدتك التي تساند أمك ضد تصرفات أبيك أن تنتقل للإقامة معها ولو خلال فترة زواجك الأولي. فانفضي عنك غبار الأحزان, ولتتسلح والدتك بالصبر والايمان بالله, وسوف يفرج الله عنها همها, ويكتب لها الشفاء من مرضها.. إنه علي كل شيء قدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.