توجد طريقتان لشغل المناصب إحداهما بالانتخاب والأخري بالتعيين, والذي يشغل منصبه بالانتخاب يشهد له الذين اختاروه بأنه هو الأكثر كفاءة أما المعينون فقد يصلون إلي مواقعهم بالكفاءة أو بغيرها. وإذا كان المشاركون في الانتخاب جموعا غفيرة فذلك يصب بشكل مباشر وواضح في مصلحة من اختاروه, ولقد فاز الرئيس محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية وصوت لمصلحته أكثر من ثلاثة عشر مليونا من المواطنين, وبهذا المعيار يكون هو الأفضل. وتسلم الدكتور مرسي رئاسة الجمهورية في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد, فلم يكن هناك دستور ولا مجلس نيابي, وكان المجلس العسكري يهيمن علي التشريع ويقبض بقوة علي الحياة السياسية في مصر. وبعد نحو ستة أسابيع أجري الدكتور مرسي تغييرات واسعة في المجلس الأعلي للقوات المسلحة فأحال إلي التقاعد رئيس المجلس ونائبه ورؤساء الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة, وأصدر إعلانا دستوريا أنهي فيه السطوة العسكرية علي الحياة السياسية في مصر في سابقة لم تحدث منذ إعلان الجمهورية التي تولي رئاستها اللواء محمد نجيب ثم البكباشي( المقدم) جمال عبد الناصر, ثم أنور السادات وحسني مبارك وجميعهم ينتمون إلي القوات المسلحة. ولا شك أن تفرغ العسكريين لمهامهم بعيدا عن السياسة, يصب في التطور الديمقراطي, وبهذا المعيار أيضا فإن الدكتور مرسي قد فعل الأفضل. وقبل تسلم الدكتور مرسي مهام منصبه بفترة وجيزة كانت الجمعية التأسيسية للدستور قد بدأت أعمالها وشرعت في صياغة الدستور للبلاد والذي استغرق نحو ستة أشهر, وجري حوار واسع علي كل مادة في الدستور, وأصبح حديث الشارع تأييدا أو تحفظا أو رفضا لبعض مواده, وأعلنت القوي السياسية والأحزاب مواقف غاية في التباين والاختلاف, وعندما عرض الأمر علي الشعب في الاستفتاء نال الدستور موافقة بلغت نسبتها64% من عدد الأصوات الصحيحة من المشاركين, ولم تشهد جمهورية مصر العربية هذا الحراك من قبل ولا هذه النسبة لأننا كنا قد تعودنا علي نسبة ال99% الشهيرة. وتم ذلك في الشهور الأولي لرئاسة الدكتور محمد مرسي, وإذا تأملنا مواد الدستور فإن المنصفين سيضعون أيديهم علي طفرة لم تحدث من قبل, وهذا معيار ثالث يصب في الأفضلية للسيد رئيس الجمهورية. ومن الأبواب المحورية في الدستور تلك التي تناولت السلطة التشريعية التي حدثت فيها عدة تطورات منها أن التشريع أصبح من اختصاص كل من مجلسي النواب والشوري وتعد هذه ضمانة لضبط الأداء التشريعي, وأصبح قانون الانتخاب الخاص بالمجلسين برقابة سابقة للمحكمة الدستورية العليا وليس برقابة لاحقة لينتهي بذلك شبح حل السلطة التشريعية بواسطة المحكمة كما حدث من قبل, وأنهت مواد الدستور نسبة ال50% التي لا مثيل لها في العالم, وستكون انتخابات مجلس النواب القادمة هي الأخيرة بإذن الله التي تطبق فيها هذه النسبة, وبعدها سيكون التنافس حرا بدون تحديد كوتة لطائفة معينة, بل إن مجلس الشوري سيقتصر تشكيله علي الحاصلين علي إحدي شهادات التعليم العالي( المادة129). وكل هذه الإجراءات تصب في تشكيل أفضل لكل من مجلسي النواب والشوري, ويعد ذلك أيضا من المنجزات الأفضل في عهد الدكتور مرسي. لعل ما سبق ينهي اللغط الذي دار حول عبارة قلتها في أحد البرامج التليفزيونية وتم التركيز عليها دون النظر إلي صيغة السؤال ونسبة ما جاء علي لسان مقدم البرنامج إلي شخصيا, والذي أود أن أوضحه وهو ما لم يسمح به وقت البرنامج أن الحكم الأفضل يشتمل علي الأفضلية للسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية, أما عن كيفية تحقيق ذلك وهو ما لم يسعفني الوقت لإيضاحه فلعل هذا المقال يكون قد أسهم في هذا التوضيح, حيث إنني أعتقد أن الدكتور محمد مرسي هو الأفضل جدا. لمزيد من مقالات د.حلمى الجزار