لم يكن مصادفة توقيت تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام1981 بعد عامين فقط من الثورة الإيرانية, وليس عبثيا الآن توقيت الدعوة إلي اتحاد خليجي بعد يومين فقط من الانسحاب الأمريكي من العراق وتسليمه للأصابع الإيرانية. وبعد32 عاما علي تأسيسه حيث يجيء اللقاء الخليجي هذه المرة في ظروف وأحداث عربية وعالمية كل معطياتها عدم الاستقرار السياسي خاصة أن المنطقة العربية تمر بمرحلة مخاض غير معروف نهايتها. بهذه الكلمات تحدث احد المشاركين في القمة الخليجية بالرياض التي عقدت في20 ديسمبر للأهرام عن اسباب دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس القمة لانشاء اتحاد خليجي وتبني قادة دول المجلس لهذا المقترح المهم. دبلوماسي خليجي رفيع المستوي يقول عقب مناقشات لوزراء الخارجية والمالية عشية انعقادها والتي استمرت اكثر من سبع ساعات:لم يعد أمام دول مجلس التعاون وشعوبها خيار آخر غير الاندماج وتبني صيغة الاتحاد في أسرع وقت ممكن فالمنطقة العربية تعاني كثيرا والإقليم الذي نعيش فيه مرشح للمزيد من التوتر والتهديد والعالم المحيط بنا ينظر إلينا بقلق. لأن بعض مظاهر العدوي أخذت تبرز علي السطح بصور وأشكال مختلفة بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في دولنا وما تشهده المنطقة العربية تحديدا يؤكد أن هناك مؤامرة كبيرة تحاك ضد هذه الأمة وأنها لن تستثنينا في النهاية تحت أي مبرر فهل ننتظر ؟واضاف اذن الاتفاق علي تشكيل هيئةمتخصصة يتم اختيارها بواقع ثلاثة أعضاء عن كل دولة لدراسة اقتراح العاهلالسعودي بالانتقال من مرحلة التعاون إليمرحلة الاتحاد يهدف لتسريع مسيرة التطوير والإصلاح الشامل داخل دولهم بما يحقق المزيد من المشاركة وتجاوز العوائق وتطوير التعاون الدفاعي والأمني بما يكفل التصدي بشكل جماعي وموحد لأية مخاطر أو طوارئ.. ويؤكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية أن قمة الرياض ستحدث نقلة نوعية في مسيرة العمل الخليجي ولعل أبرز النتائج ترحيب قادة دول المجلس ومباركتهم للمقترح الذي ورد في خطاب خادم الحرمين الشريفين وتشكيل هذه الهيئة تمشيا مع النظام الأساسي لمجلس التعاون. ولكن لتحقيق ذلك هناك العديد من التكهنات من قبل المحللين السعوديين حول الطبيعة السياسية لمجلس التعاون في المرحلة المقبلة ولعل النموذج الاقرب للتطبيق هو نموذج الاتحاد الاوروبي الذي تأسس عام1992 أو الاتحاد الكونفيدرالي, كما حدث في اتحاد المغرب العربي عام1989 إلا ان المصادر السعودية تؤكد للأهرام ان الهيئة التي شكلتها القمة هي التي ستبحث في تفاصيل هذا الاتحاد مع الاخذ في الاعتبار ان يكون منسجما مع الدول الست وانظمتها واقتصادياتها وليس نسخة من الاتحاد الاوروبي او الكونفدرالي وستعلن نتائجها في مارس المقبل..ويبقي الشأن الايراني حيث لوحظ تخفيف حدة التصادم التي تصاعدت في الاونة الاخيرة بين دول المجلس وايران وعزا البعض ذلك لمفاوضات اجريت في العاصمة السعودية مؤخرا بين كبار المسئولين السعوديين ورئيس الاستخبارات الايرانية بناء علي طلب من طهران. البيان الختامي للقمة خلا من لغة التصعيد وتركز علي صياغة دبلوماسية مرنة ولكنها حاسمة نظرا للنجاح المثالي التي حققته الدبلوماسية السعودية في اجهاض اي مسعي ايراني للتدخل في شئون دول مجلس التعاون وتحديدا دولة البحرين.. ويعكس ذلك مطالبة الامير الفيصل عقب اختتام القمة طهران باحترام الدول الخليجية متهما الإعلام الإيراني ب الإساءة إلي المواطن العربي وإن التهديدات المستمرة للجزر الإماراتية والمناورات العسكرية الإيرانية في المياه الإقليمية لاتدل علي حسن نوايا ومعلنا استعداده للتفاوض مع الإيرانيين علي أي مستوي إذا أرادوا فأي خطوة إيرانية ستقابلها خطوتان. وعن زيارة رئيس الاستخبارات الإيراني للمملكة مؤخرا يقول الفيصل أنها محاولة لإبراز أنهم مستعدون للتفاوض بالرغم من أنه كان هنالك عدة محاولات للقاء بين وزراء الخارجية وطرحنا عليهم عدة مواعيد ولم يتمكنوا من تلبيتها ربما إذا مضوا علي المستوي الاستخباراتي يعتقدون أنهم مؤهلون أكثر للحديث. قمة الرياض شهدت تطورا مهما آخر يتعلق بانضمام الاردن والمغرب لمجلس التعاون اذ قررتإنشاء صندوق تنمية بحجم خمسة مليارات دولار لكلا البلدين( نظامان ملكيان) وأكدتفي الوقت ذاته أنها تسعي إلي شراكة معهما. وكانت القمة التشاورية للقادة بالرياض التي عقدت في مايوالماضي قد أيدت انضمام الأردن والمغرب إلي دول مجلس التعاون لنيل العضوية الكاملة وعلم مراسل الاهرام ان تحفظات بعض الدول الأعضاء ومعارضة أخري حالت دون ذلك. وحول ملف العراق والكويت الهاديء فقد جدد قادة الخليج جددوا دعمهم للكويت في خلافها مع بغداد حول تشييد ميناء مبارك الكبير باعتباره يقام علي أرض كويتية وضمن مياهها الإقليمية. وكان إنشاء الكويت للميناء أثار غضب العراق الذي يعتبر إنشاؤه سيعوق وصوله إلي مياه الخليج منفذه الرئيسي لبيع نفطه. وفي الشأن المصري رحب البيان الختامي للقمة الخليجية بإنجاز المرحلتين الأولي والثانية من انتخابات مجلس الشعب وأعرب عن أمله بأن تتضافر جميع الجهود لتحقيق تطلعات الشعب المصري الشقيق نحو الأمن والرفاه والنماء. ولم ينس الأمير سعود الفيصل في مؤتمره الصحفي عقب القمة التأكيد علي أهمية ودور مصر وماتكنه دول مجلس التعاون لها من احترام ومحبة صادقة اذا قال إن هناك مفاوضات علي بعض النقاط أما المساعدات المباشرة للاستخدام المباشر فقد تم صرفها. ومن ناحية المملكة العربية السعودية أيضا فقد استمرت في توفير مااحتاجته مصر لعدة أشهر وهذا ليس غريبا لأن مصر تعتبر قلب العالم العربي وأكبر وأهم دولة في العالم العربي. وهناك التضامن في النظرة إلي الشرق الأوسط والتعاون العربي وبالرغم من المشاكل فمصر تقوم بواجبها في كل المراحل وآخرها الدور المصري في التصالح الفلسطيني الفلسطيني الذي تفضلت برعايته, مؤكدا ان مصر عزيزة علينا كما انها عزيزة علي المواطنين المصريين وسط تصفيق من جميع الصحفيين والاعلاميين المشاركين في المؤتمر الصحفي.