من المضحك أن نسمع أن الفئران استفحلت وتضخمت أجسادها متجاوزة أوزانها الطبيعية إلي أحجام غير عادية, ولم يعد يخيفها أن تري القطط أمام عينيها وجها لوجه, ويبالغ البعض في وصف المشهد بأن الفئران أصبحت تنظر إلي القطط باستهتار وسخرية بعد أن كانت كتيبة من الفئران ترتعد بمجرد سماعها مواء قطة واحدة, واستفحال الفئران أصبح مصدر قلق امتد إلي المواطنين لتغير سلوكها لتصبح في غاية الشراسة ويمكن أن تعقر الإنسان وخاصة الأطفال واصابتهم بالأمراض الخطيرة ومنها الطاعون, الأمر الذي يتطلب اخضاعها للبحث العلمي للوصول إلي السبب الحقيقي لهذا التحول, وهل هذا بسبب تراكمات القمامة التي تتكدس في الشوارع, أم بسبب تحول جيني انحرف بسلوكه وطبيعيته؟ أم أن هناك تغيرات فسيولوجية وبيئية حاد بها عن سلوكها المتعارف عليه؟ يجيب الدكتور محمد سلامة أستاذ علم الحيوان ونائب رئيس جامعة عين شمس السابق: هناك نوعان من الفئران الأول هو(MOUSE) والثاني هو(RAT), والأخير الأكبر حجما يزداد كلما تقدم في السن وعند وصوله سن البلوغ يصل لحجم كبير جدا قد يزن كيلو جرام أي حجم نصف القطة ولايخاف معه من القطط, والفئران بطبيعتها تفضل العيش في المناطق المعزولة عن أماكن وجود البشر, وفي المناور, و مناطق تراكمات القمامة وعدم إزالتها بصورة دورية تصبح أماكن جاذبة للفئران, وفي حالة وجود تراكمات ضخمة ومتكدسة من القمامة تهيئ بيئة خصبة ومناخا ملائما لنمو وتكاثر هذا النوع من الفئران, وهناك حالات كثيرة في القري تم تسجيل إصابات نتيجة عض الفئران للمواطنين, ويمكن أن يهاجم ويعض طفلا صغيرا رضيعا خاصة وقت النوم, بل ويقضم جزء من جسمه علي اعتبار أنه من مصادر غذائه, وهنا يتجسد الخطر الذي يضاف إليه امكانية التسبب في انتشار مرض الطاعون. وعن رأيه العلمي في الظاهرة يقول الدكتور سلامة:- ما يشاهد من تغير سلوك هذا النوع من الفئران هو خلل بيئي وليس عاملا وراثيا جديدا, حيث إن البيئة هي التي حدث بها التغيير الذي أدي إلي انتشار هذا النوع من الفئران, وهنا تبرز أهمية المقاومة والمكافحة لهذه القوارض للحد من مشاكلها البيئية والصحية, وهناك عدة طرق للمقاومة, منها أنواع كثيرة من السموم التي تخلط بالطعام الذي يقدم لها, ومنها اللاصق, وأكثر الطرق الآمنة التي لاتهدد الصحة والبيئة تعتمد علي مواد غير سامة تسبب سيولة في دم الفئران, وهذه الطريقة تعتمد علي إصابة الفئران بحالة هياج فتهاجم بعضها البعض ويقوم كل فأر بعض الآخر وتكون المحصلة النهائية إصابتها جميعا, وتصاب كلها بسيولة شديدة في الدم لتموت مجتمعة, ومن هنا نري أن مصر تحتاج إلي برنامج منظم للمكافحة. وفي تفسيره للظاهرة يقول الدكتور محمد رجائي عبد الفتاح الأستاذ بالمركز القومي للبحوث:- الظاهرة ليست جديدة وتكررت كثيرا في الماضي, مما يعني أنها ترتبط بالمناخ المناسب الخصب لتفشي الظاهرة, ففي عام1967 بعد النكسة والتهجير لوحظ تضخم حجم الفئران بصورة لم يتم اعتيادها من قبل( الفئران الصحراوية), ولوحظ أنها تأكل كل شئ بل تنهش جثث الموتي, وما نشاهده هذه الأيام تكرار لذلك, الأمر الذي جعل اخضاع تلك الفئران للأبحاث والدراسات الجينية ضرورة حتمية للوصول للسبب الحقيقي, وتلك الدراسات لم تثبت وجود أي شئ غريب, ولكن لوجود العوائل الطبيعية والمخلفات البيئية التي تتغذي عليها بوفرة, وبالتالي ترعرعت عليها, وفي الأصل هذه الفئران تفسد أكثر مما تأكل في محاولات متكررة منها طوال حياتها في سبيل المحافظة علي أسنانها الأمامية كما هي, حيث أن تلك الأسنان تنمو باستمرار ولوقف هذا النمو الذي لو استمر سيمتد للشفة السفلية للفأر ويتوغل فيها ويؤدي به للوفاه بعد فترة قصيرة جدا من عمره, لذا يلجأ باستمرار لعملية القرض والأكل التي تعني له عملية برد للأسنان العلوية, فنجد أنه يمارسها في شون ومخازن الحبوب والغلال والخشب وأي شئ يصادفه, لذا فالمكافحة ضرورية لوقف استفحال أحجام تلك الفئران.