2011, عام مختلف بكل المقاييس. ستذكره مصر, بل والعالم بأسره, باعتباره من أكثر الأعوام التي شهدت تغييرا سياسيا واجتماعيا هائلا في منطقة الشرق الاوسط, ففي ظل الحالة الثورية العارمة التي طالت معظم بلاد المنطقة العربية علي مدي العام وسقوط آليات حكم استقرت في المنطقة لعقود طويلة, ظهر واقع جديد, وإن كان لا يزال في طور التشكيل والتحول, إلا أنه بدأ بالفعل يرسم خطوطه ويسطر حكاياته. وبالطبع, فلم تكن الحركة الثقافية المصرية بمعزل عن تلك المتغيرات والحكايات. فعلي مدي الاشهر الأحد عشر شهر, الماضية توالي علي منصب وزير الثقافة الذي تم احتكاره لاكثر من عشرين عاما, ثلاثة وزراء وتكرر الشيء نفسه بالنسبة للمجلس الأعلي للثقافة وباقي المؤسسات الثقافية الرسمية. وفي ظل تلك الأجواء, توالت تصريحات وزراء الثقافة والمسئولين عن القطاعات الثقافية وجري أكثر من نقاش حول إعادة هيكلة الكيانات الثقافية عموما ووزارة الثقافة تحديدا, ليصل الأمر للمطالبة بإلغائها والاستعاضة عنها بمجلس أو أكثر لدعم الأنشطة الثقافية. ومع تصاعد وتيرة الأحداث المتلاحقة وتنامي دور الفضائيات وغرف التواصل الاجتماعي علي شبكة الإنترنت في توجيه الرأي العام شغلت قضايا حرية التعبير والعلاقة بين الإعلام والبنية الثقافية للمجتمع والمسئولية الاجتماعية مساحة لا بأس بها من اهتمام العاملين بالثقافة والإعلام, بل والشارع المصري عموما. وعلي صعيد آخر شهد2011 تنامي عدد من الظواهر الأدبية التي لا تخطئها العين من قبيل تنامي تيار الشعر العامي والحلمنتيشي وظهور العديد من الأعمال النثرية التي حاولت أن ترصد اللحظة منذ25 يناير, في مقابل ظهور حركة نقدية شغلت بالبحث والتنقيب في الأعمال الإبداعية لكبار الكتاب بحثا عن نبوءة بالثورة!!.ومن الغريب أن نسبة الإئتلافات الشبابية المعنية بالعمل السياسي التي قاربت ال169 ائتلافا لم يقابلها ظهور تجمعات ثقافية جديدة, اللهم إلا فيما ندر وبعدد لا يكاد يذكر. والأغرب من ذلك أنه بالرغم من أن المجتمع المصري قد شغل طوال الشهور الماضية بقضية الديمقراطية التي تشكل معالم الطريق للوصول إليها عبر ثقافة حقيقية تشجع المجتمع علي تبني قيم التسامح والمشاركة والكياسة في إدارة النقاش وتغيير أساليب المؤسسات السياسية والخدمات المدنية, بحيث تصبح ممارسة يومية في كل بيت وشارع ومؤسسة مصرية, فإن جميع الحوارات وموائد البحث, بل والبرامج الحزبية أغفلت تماما البعد الثقافي وتجاهلت دوره في صياغة الواقع الجديد!! واليوم ونحن علي مشارف عام جديد, يقدم فريق العمل بصفحة دنيا الثقافة قراءة للحركة الثقافية المصرية في2011 ويضعها في ميزان النقد والتقييم من خلال آراء نخبة من الكتاب والنقاد والأكاديميين بأمل أن نخط سطرا جديدا وربما مختلفا في حكاية مصر الجديدة.