تحتفل مصر اليوم بعيد من أهم أعيادها, هوعيد تحرير سيناء الحبيبة, أو أرض الفيروز التي تعتبر سجلا حافلا بالأمجاد والبطولات, فعلي رمالها دارت أشرف المعارك, وعبر دروبها خمسة عشر جيشا من كل أمم الأرض, اسمها كناية عن القمر, حيث أطلق عليها القدماء اسم الإله' سين', ومن الفيروز أخذت صفتها, وهي أرض الأديان والأنبياء الذين مروا بها, ولجأ إليها أنبياء الله أيضا حيث سار فوق ترابها إبراهيم عليه السلام قاصدا مصر وأقام فيها فترة, وعبرها يوسف بن يعقوب وعاش فيها وأصبح عزيز مصر, واتجه إليها موسي وعاش وتزوج فيها, وعلي أرضها كلم ربه وتلقي الألواح التشريعية في الوادي المقدس طوي, وعلي ترابها مات موسي وهارون, وعليها مرت العائلة المقدسة' مريم والمسيح عيسي'. وسيناء لها مكانة عالية عند المولي عز وجل حيث أقسم بها في كتابه بقوله تعالي' والتين والزيتون وطور سينين', و'سينين' هي أرض سيناء وبها' جبل الطور' الذي كرمه الله جل وعلا بأن ناجاه موسي من فوقه, كما أن من خصائص هذا الجبل أن رفعه الله عز وجل فوق اليهود عندما خانوا العهد, ولم يؤمنوا فكان تخويفا وإرهابا لهم فآمنوا ثم أعرضوا كعادتهم, فقال فيهم عز وجل' وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور', وفيها أيضا' الوادي المقدس طوي' تلك البقعة الغالية التي قدسها الله تعالي فنادي فيها موسي قائلا:'هل أتاك حديث موسي إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوي', ذلك الوادي الطاهر الذي قال فيه الله عز وجل لموسي عليه السلام' فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوي'. هي أرض الفيروز التي سالت علي رمالها وصخورها دماء المصريين وهم يدافعون عنها حتي لا تسقط في أيدي أعدائهم, مجدتها السينما والأغاني بالعديد من الأعمال الفنية المهمة كان أولها فيلم' سمراء سيناء' الذي قدمه المخرج نيازي مصطفي بعد احتلال سيناء أول مرة عام1956, فبعد انسحاب إسرائيل من أرض القمر مباشرة عقب قرار من الأممالمتحدة, قام نيازي مصطفي والسيناريست عبدالحي أديب عام1958 بتجهيز فيلم يصور الحياة علي أرض سيناء, قام ببطولته النجوم يحيي شاهين, كوكا, برلنتي عبدالحميد, ومحمد الدفراوي, وتدور أحداثه حول الحب والخيانة من خلال المهندس' عادل' الذي يعمل كمهندس بترول في صحراء سيناء والمتزوج من' زوزو' ابنة مديره في الشركة التي يعمل بها, والتي تخونه مع ابن خالتها, وذلك في الوقت الذي يحب عادل فيه' سمرة' ابنة شيخ القبيلة التي علمت بالصدفة بخيانة' زوزو' لعادل, وبينما هي تحاول تنبيهه لذلك, تدفع زوزو و ابن خالتها المال ل' سويلم' خطيب' سمرة' من أجل قتل عادل, ثم يهربا معا وسط غارة إسرائيلية, وتتوالي الأحداث بعد ذلك في مطاردة سويلم لعادل, ولكن الحب ينتصر في النهاية بعد أن يعلم عادل بحب سمرة له, وفي هذا الفيلم غني محمد رشدي أول أغنية فيها اسم سيناء كلمات الشاعر الكبير محمود بيرم التونسي وألحان الفنان اللبناني محمد سلمان وكانت بعنوان' يا مرحب باللي جانا' التي يقول في أحد كوبليهاتها' يا قمر يا طالع في سهرتنا/ وجهك خجلان من عروستنا/ الحلوة السمره/ خدودها حمره/ شفايفها جمره/ جمره سيناء', وتغني' شافيه أحمد' لنفس الشاعر والملحن أغنية بعنوان' يا روحي علي ويا قلبي علي' والتي تقول فيها' بنات البين يا زينة/ بلغنا اليوم أمانينا/ هناكي يا عرب سيناء', وبعد هذا الفيلم لم تقترب السينما الروائية من سيناء إلا في منتصف الثمانينات حيث عرض عام1984 فيلما آخرعن سيناء بعنوان' أسود سيناء' بطولة رغدة وشكري سرحان قصة وسيناريو وإخراج فريد فتح الله, وعلي الرغم من قدم السينما المصرية وتاريخها العريق إلا أنها دائما تجد صعوبات في التحرك نحو القضايا القومية, ويتجلي ذلك في عدد الأفلام الضئيلة التي قدمتها عن القضايا والمناسبات المهمة. وإذا كانت السينما قصرت في حق أرض الفيروز فإن الأغنية كانت أكثر وفاء وغزارة, حيث قدمت العديد من الأغنيات الرائعة التي مازال بعضها يتردد حتي اليوم, كانت البداية بعد النكسة مباشرة ففي هذا الوقت خيم الحزن والصمت علي كل أرجاء الوطن كانت الفنانة الكبيرة ليلي مراد التي اعتزلت الفن بعد فيلمها الأخير' الحبيب المجهول' عام1955 قد شقت هذا الصمت وعادت للغناء لتلملم أشلاء الوطن الجريح من خلال صوتها العذب الحنون, حيث استطاع الإذاعي الكبير جلال معوض المشرف علي شئون الغناء و الموسيقي بالاذاعة في هذا الوقت أن يقنعها بالعودة إلي ستديوهات الإذاعة لتساند وطنها وترسم البسمة علي شفايف أبناء بلدها, وبعد جلسة فنية بينهما قامت بتسجيل12 لحنا في هذه الفترة منها' الله عليك يابن البلد',' ياما ويا ما قالولي', وقدمت أغنيتها الوطنية الرائعة' يارايح علي صحراء سيناء' التي قدمتها مؤازرة للجنود المصريين, من كلمات الشاعر فتحي قوره وألحان شقيقها الموسيقار منير مراد, ويقول مطلعها:' يا رايح علي صحراء سيناء/ سلم علي جيشنا اللي حمينا/ قوله إحنا معاك وحياتنا فداك/ ولا يغلي عليك أغلي ما فينا'. حرب الاستنزاف كانت أغنية' يارايح علي صحراء سيناء' هي أول قطرة في سيل الأغنيات الوطنية التي انهمرت علي رمال سيناء, فبعد انقشاع الأيام السوداء التالية للهزيمة بدأ الجيش يبني نفسه من جديد, ثم خاض حرب الاستنزاف, وأخذت قواته تقوم بعمليات رائعة في ظل احتلال مرعب في موازين القوي بينه وبين جيش العدو, وبدأ يفيق بعد معركة' رأس العش' وبعد إغراق المدمرة إيلات, وفي هذه الأثناء قام المطرب محمد قنديل بتسجيل أغنية بعنوان' سينا يا سينا' كلمات بيرم التونسي, ألحان أحمد صدقي, وقدم أيضا أغنية' نزلوا الجنود علي الجيش' التي يقول مطلعها:' قام الجنود زي القدر/ نزلوا علي سيناء مطر/ بالدبابات بالطائرات/ نزلوا الجنود زي الأسود علي سينا مطر'. نصر أكتوبر مرت شهور وسنين النكسة ثقيلة وكئيبة علي كل المصريين, وبعد6 سنوات من الهزيمة جاء العبور العظيم ليفجر شلالات الغناء لسيناء بصورة غير مسبوقة, فلم تتأخر الأغنية المصرية عن متابعة الحدث العظيم, فكانت صاحبة السبق في التعبير الفني عن مشاعر الشعب تجاه الحرب منذ لحظتها الأولي, حيث سارع كثير من الملحنين والمطربين والشعراء إلي ستوديوهات الإذاعة لتقديم كل ما يستطيعون تقديمه من دعم حماسي وغنائي للجنود علي الجبهة, ومن أجل رفع الروح المعنوية لهم ولأفراد الشعب أيضا, سارع الفنانون إلي أداء دورهم في خدمة المعركة, ولأننا هنا نتحدث عن سيناء سنكتفي برصد الأغاني التي تحدثت عن سيناء والتي بدأت بأغنية' بالأحضان بالأحضان يا سيناء' التي تعتبر أول ما أذيع بعد العبور مباشرة, من كلمات محمد كمال بدر, ألحان أحمد صدقي وغناء المجموعة ويقول مطلعها:' التار التار التار نده علينا/ جبينا السلاح وجينا لشطنا الجريح/ ورملنا الحزينة/ وبالأحضان بالأحضان يا سيناء', ويغني محمد رشدي' ويا أول خطوة فوق أرضك يا سينا/ كلنا من فرحنا م الشوق بكينا/ بسنا أرضك واحنا في حضن الحنين/ واللقا نسانا فين مصر الحزينة', وتغني نجاة الصغيرة رائعتها' باب الفتوح' كلمات كمال عمار وألحان محمود الشريف التي يقول مطلعها' من باب الفتوح/ عدينا ودينا عدينا/ ودينا ليوم النصر/ لليوم اللي مستنينا/ يلاقينا في أحضان سينا/ يلاقينا يلاقينا في أحضان مصر', وقدمت إذاعة الإسكندريه الصورة الغنائية' سينا الجديدة'تأليف محمد زكي الملاح, ألحان شريف الأبيض, غناء أسامة رءوف وفايزه إبراهيم.