لا السياحة الإيرانية تمثل خطرا علي مصر, ولا عودة العلاقات المصرية الإيرانية سوف تحول مصر الي دولة شيعية, وكل ما يقال في هذا الصدد مجرد مبالغات تروجها دوائر ذات صلة بدولة خليجية كبري! والمسألة بوضوح ان هناك فيتو امريكي إسرائيلي خليجي ضد أي تقارب مصري ايراني, لأسباب لها علاقة بمصالح واستراتيجيات تلك الدول, مع انها جميعا- باستثناء اسرائيل- لديها علاقات مع ايران. هذا هو التفسير الحقيقي للضجة المثارة حول السياحة الإيرانية, والمظاهرات التي خرجت تحذر من الخطر الشيعي, صحيح ان هناك جهات إيرانية تحاول ان تنشر المذهب الشيعي, لكن الأمر لا يصل الي هذه الدرجة من الخطورة التي يجري ترويجها. واذا كانت مصر تستقبل آلاف السياح الإسرائيليين, منذ توقيع معاهدة السلام في عام1979, فلماذا لم تحدث ضجة مماثلة احتجاجا علي دخول السياح الإسرائيليين, ولماذا لا تخرج الآن مظاهرات مناهضة للسياحة الاسرائيلية؟! القضية لا علاقة لها بالدين ولا المذهب ولا العقيدة, وإنما هو موقف سياسي يرفض أي تقارب مصري إيراني, مع أن من مصلحة مصر الانفتاح شرقا وغربا وشمالا وجنوبا, ومن واجبها اقامة علاقات صداقة مع كل دول العالم, مادام ان الهدف في النهاية هو مصلحة مصر وشعبها! الخوف من المد الشيعي أكذوبة كبري, فمصر أكبر من أن تتشيع, والمصريون أذكي من أن يصبحوا شيعة, لمجرد استئناف العلاقات مع ايران, والدليل أنهم لم يتصهينوا بعد معاهدة كامب ديفيد, ولم يتأمركوا في ظل العلاقات الخاصة مع امريكا. بلد بحجم مصر يلزمها سياسة خارجية متعددة الأبعاد, تستند إلي حسابات عقلانية لا الي هواجس او ردود أفعال, سياسة تقوم علي المصالح الوطنية ولا تتأثر بالضغوط الخارجية ولا حملات الدعاية. مصر أكبر من أن تتشيع لأنها باختصار أكبر دولة عربية سنية في المنطقة! لمزيد من مقالات عبد العزيز محمود