يعرف هيرمان عالم السياسة الشهير( بأن السياسة الخارجية هي مجموعة الأدوات والمهارات التي تستخدمها الدولة لتحقيق مصالحها). ويتطلب تحقيق أهداف السياسة الخارجية لأي دولة استعمال مجموعة من الأدوات وتعبئة مجموعة من الموارد والمهارات المناسبة.. ولعل أهم هذه الأهداف فضلا عن حماية السيادة الإقليمية ودعم الأمن القومي هو زيادة مستوي الثراء الاقتصادي للدولة بزيادة وتنمية مواردها الاقتصادية. ولم تعد السياسات الخارجية للدول في عصر العولمة مجرد تصريحات ساخنة أو مجاملات وردية اللون.. بل أصبحت تعتمد البرجماتية اساسا لنهجها أي لغة المصالح المتبادلة. وفي الحالة المصرية الروسية بعد انقضاء الحقبة السوفيتية في عام1991 تصبح المصالح المشتركة حجر الأساس في تطوير العلاقات الثنائية.. فروسيا ليست الاتحاد السوفيتي.. روسيا الآن بمقدراتها الاقتصادية والعسكرية وتطورها الأيديولوجي.. أعادت لحد كبير التوازن الدولي الذي اعتمد علي اللقب الأوحد بعد أن كانت إحدي القوتين الأعظم في زمن الحرب الباردة والسباق النووي. لم يكن الحديث عن الزيارة الرئاسية التي يقوم بها الرئيس المصري بعد يناير1102 والتي هي الأولي في ظل منظومة حكم حديثة والحديث عن تاريخ روسيا لمجرد عرض تاريخي بقدر ما هو درس لابد من الإفادة منه في تلك الفترة الحرجة التي يمر بها المشهد المصري.. وليس ايضا معناه أن مصر لا تمتلك عناصر الجذب والقوة.. فمصر هي المدخل للتجارة الروسية الخارجية في أفريقيا والمنطقة بحكم عناصر عدة ليس من بينها فقط الموقع والموارد.. ولكن تاريخ العلاقات المصرية الروسية التي سيتم هذا العام الاحتفال بمرور07 عاما علي اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تاريخ ممتد وله جذور صلبة وأرضيات مشتركة. وليس من المستغرب أن روسيا وحدها التي يبلغ عدد سكانها5.241 مليون نسمة يعيش علي أرضها أكثر من02 مليون مسلم روسي يتمتعون بحقوق ممارسة كافة الشعائر الدينية في المساجد والمعاهد التي كان للأزهر دور ايجابي في دعم نشاطاتها. وعودة إلي المصالح المتبادلة التي تعبر الأرقام عنها أصدق تعبير فالسائح الروسي يحتل المكانة الأولي من بين السياح القادمين لمصر كما أنه من المعروف أن السائح الروسي هو الوحيد الذي لم يغادر مصر بعد مجزرة حتشبسوت نوفمبر.7991 وعلي الجانب الاقتصادي.. لابد من العناية بجودة المحصولات المصرية التي تجد رواجا في السوق الروسية.. فالبطاطس والموالح والخضراوات هي سلع دائمة الطلب في تلك الأسواق ومراعاة جودتها وحمايتها من منافسة السلع أمر لابد من التدقيق فيه.. فالورد البلدي المصري مثلا يلقي إقبالا رائعا لدي المواطن الروسي. إن حركة الثقافة والفن الدائمة بين الدولتين لمن شأنها الدفع بالعلاقات إلي الأمام.. ولا ننسي أن الفن قد أصلح ما أفسدته السياسة حين تعرضت العلاقات المصرية الروسية لبلد تدهور حتي وصلت إلي قطع العلاقات الدبلوماسية تماما عام1891 رغم وجود صروح شامخة وبارزة للعيان من شأنها أن تبقي العلاقات دائما في حالة من النضارة( السد العالي مجمع الألومنيوم صناعات الأسمدة). كثيرة هي العوامل المشتركة التي لابد أنها في مفهوم ووجدان رئيسي الدولتين.. ولعل الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس المصري من شأنها أن تدفع بعجلة العلاقات قدما فالشريك الروسي حريص علي استعادة مكانته الدولية والشرق الأوسط مفتاحها.. ومصر كانت ولا تزال أهم محور في الشرق الأوسط لأنها التاريخ الأقدم الذي يدرس حتي الآن في كافة المدارس والمعاهد والكليات الروسية.