تجربة فريدة من نوعها خاضها هذا الأسبوع الفنان خالد أبوالنجا, حينما وقف علي خشبة مسرح الفلكي ليقدم منفردا مسرحية أرنب أبيض.. أرنب أحمر للكاتب الإيراني نسيم سليمانبور. دون سابق معرفة بالنص, ودون أي بروفات أو ديكورات أو حتي مخرج يوجهه, فالنص في ذاته يمثل تحديا كبيرا أمام الممثل الذي يؤديه معتمدا فقط علي مهاراته وأداوته التمثيلية, بحيث يكتشف مع الجمهور أسرار هذا العمل المكتوب, وذلك ضمن فعاليات مهرجان دي كاف لفنون الأداء بإشراف أحمد العطار. ولعل صعوبة العمل تأتي من كونها قراءة فلسفية لمفهوم الحياة لدي كاتب النص الذي يعاني, مثل كثير من مواطنيه الإيرانيين, من كبت الحريات للدرجة التي اعتبرها نوعا من أنواع الانتحار بسبب أشكال الخداع المختلفة والمبتكرة التي يرتكبها البشر, وهو في ذلك المؤلف- يطلق هذا النص سفيرا له في جولة حول العالم لينقل عنه مشاعره في الوقت الذي يتعذر عليه مغادرة بلاده لأسباب متعددة, والحقيقة ان هذا النص الذي يكسر كل قواعد العمل المسرحي لا يسعي أيضا لسيناريو منطقي يستسلم له الجمهور سواء بالمتعة أو حتي بالملل, ولكنه عبارة عن تعليمات يقرأها الممثل ويلتزم بتنفيذها حرفيا مشركا معه الجمهور الذي قرر المؤلف التعامل معهم باعتبارهم مجرد أرقام يقوم كل منهم ايضا بتفيذ التعليمات المكتوبة, لنجد انفسنا في النهاية أمام حالة مسرحية مثلثة الأضلاع بين كاتب النص الغائب, والممثل الحاضر خالد أبوالنجا- والجمهور الذي تتسبب مشاركته في الأحداث في عدم تسرب الملل إليهم, وإلا تحول العرض إلي مجرد قراءة تقليدية عقيمة لخواطر النفس البشرية, بالإضافة لتجسيد الجمهور لقصة عدد من الأرانب التي يدربها خيال المؤلف علي كيفية التسابق للحصول علي الجزر, والتي تنتهي دائما بصراع بين الأرانب يمثل في حقيقته نظرة الحكومات إلي شعوبها باعتبارها أرانب تستحق التجويع لتنفيذ سياسات الدول, ولعل هذا الأسلوب المبتكر هو سر فوز النص بالعديد من الجوائز بعد عرضه في أكثر من20 مدينة وبأكثر من عشر لغات, فقد نال جائزة مسرح الأرشز باسكتلندا وجائزة الأعمال الصيفية بكندا, وجائزة جريدة الجارديان الإنجليزية لأفضل موضوع مسرحي.