كتب جمال أبو الدهب وسامح لاشين وهبة سعيد ومحمد شرابي: بعد أسبوع من المعاناة, وبعد أن سالت دماء المصريين علي أرض وشوارع منطقة مجلس الوزراء, عاد الهدوء المشوب بالحذر, وبدأت تظهر من جديد الخيام بقلب ميدان التحرير وأمام مجمع التحرير استعدادا للمليونيات التي تعود معها المعارك السياسية. وخلال ال42 ساعة الماضية حدثت تراشقات من جانب المتظاهرين قوبلت بثبات وضبط للنفس من جانب الأمن والقوات المسلحة. وتراجعت حالات الاستفزاز, ولليوم الثاني علي التوالي قضت القوات الأمنية ليلة شبه هادئة خلف الموانع الأسمنتية. وقد لوحظ تراجع أعداد الأطباء بداخل المستشفيات الميدانية وقصرها علي طبيب وصيدلي وذلك بسبب الاعتداءات المتكررة عليهم.. وقال أحد الأطباء بالمستشفي إنه بعد الساعة الثانية ليلة أمس حدث تراشق بسيط. وقالت أم عبد الله عاملة بالمستشفي الميداني إن بائعي الشاي أرسلوا51 طفلا ليقذفوا الحجارة باتجاه مسجد عمر مكرم وقد أصابني حجرا بجرح في الرأس.. وأضافت المصابة وهي خريجة كلية تجارة إن هؤلاء الأطفال كانوا يحملون أسلحة بيضاء ولم يتمكن من ردعهم الشباب وأكدت أنه من الصعب تكوين اللجان الشعبية لكثرة عدد البلطجية. وقد حاول أطباء المستشفي الميداني القيام بمبادرة للوقوف كدروع بشرية بعمل مستشفيين ميدانيين عند ناصية شارعي الشيخ ريحان وقصر العيني لمنع تجدد التراشق. من ناحية المجمع حتي قصر العيني وحاولوا أخذ رأي الموجودين بالمكان إلا أنهم لم يصلوا إلي نتيجة بسبب ترهيب البعض. وفي صباح أمس خيم الهدوء علي جنبات الميدان ولم تتتأثر حركة المرور في الميدان باستثناء القادم من قصر العيني والمتجه إلي شارعي الشيخ ريحان ومحمد محمود. وفتحت المحال التجارية أبوابها وسط انتشار الباعة الجائلين وانتظام العمل بمجمع التحرير كما استمرت الحلقات النقاشية اليومية بين رواد الميدان والمتظاهرين الذين تركزوا داخل الجزيرة الوسطي.. وطافت مسيرة صغيرة من الطلبة الميدان منددين بقتل الشهيد محمد مصطفي. وفي تطور آخر يشارك اليوم نحو03 من القوي السياسية في جمعة رد الشرف, وذلك ردا علي استخدام العنف ضد المتظاهرين, وفض الاعتصام, والمطالبة بتنحي المجلس العسكري وتسليمها إلي سلطة مدنية, وتشكيل حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات كاملة لإدارة المرحلة الانتقالية. ومن أهم القوي المشاركة اليوم اتحاد شباب الثورة, وتحالف ثوار مصر, وحركة كفاية, والجبهة الحرة للتغيير السلمي, وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي, وحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي, وحزب العمال الديمقراطي, وغير الثورة, وشباب حزب الوسط, وشباب ثورة الغضب الثانية. وقد حملت هذه القوي المجلس العسكري مسئولية ما وقع من أحداث, ولذلك أصدرت الوطنية للتغيير دعوة لكل شباب مصر بالخروج في مسيرات سلمية اليوم والتوجه إلي الميدان للمطالبة برد الاعتبار لحرائر مصر, والاحتجاج علي الاعتداءات التي طالت بعض الفتيات المشاركات في الاعتصام. في حين رفض المتظاهرون والمعتصمون في الميدان الموقف الذي أعلنه حزب الحرية والعدالة بعدم المشاركة في المليونية المقبلة, مؤكدين أن هذا شيء طبيعي من الإخوان بعدما تعاونوا مع المجلس العسكري. وصرح المهندس عاصم عبد الماجد المتحدث الرسمي باسم الجماعة الإسلامية بأنه يتوقع أن يضطر الإسلاميون للنزول إلي ميدان التحرير لتطهيره من البلطجية إذا لم يقم الجيش بدوره في القضاء علي هذه الظاهرة لحماية مؤسسات الدولة والمنشآت العامة. وأضاف أنه مصر علي هذا الموقف متسائلا كيف تحولت قضية أطفال الشوارع من ظاهرة اجتماعية تحتاج إلي حل إلي أداة يستخدمها بعض الخبثاء لتحقيق أغراضهم السياسية, وفرض مشروعهم الفوضوي, كما تحولت قضية البلطجية من مجرد خروج سافر عن القانون إلي مشروع سياسي علي يد العباقرة الذين ابتليت بهم البلد. وأصدرت الجماعة الإسلامية بيانا شديد اللهجة حمل عنوان لا لجمعة إسقاط الدولة, مؤكدة أن الهدف الحقيقي لهذه المظاهرة هو مزيد من الاحتكاك بالجيش كمقدمة لدفع البلاد نحو الانهيار وهذا يحقق دون شك أهداف أعداء الأمة في الخارج والداخل علي حد وصف البيان. وحدد البيان أهداف ما وصفهم بأعداء الأمة في تنفيذهم لمخطط الفوضي حتي لا تستكمل مصر بناء مؤسساتها التشريعية والتنفيذية. وأدانت الجماعة الإسلامية التجاوزات باستخدام القوة التي وصلت لحد البلطجة الصريحة, وكان أولها منع رئيس الوزراء والحكومة من دخول مجلس الوزراء مرورا باستفزازهم الدائم للجيش بالشتائم والإشارات القبيحة.. والانتهاء بالاصطدام بالجيش وحرق المنشآت العامة ومحاولة تخريب كل ما تطاله أيديهم, وأن الشعب مطالب بالمضي في اختياراته عبر صناديق الاقتراع وليس عبر تظاهرات تهدف لإسقاط الدولة. واختتم البيان بأن الجماعة الإسلامية ضد هذه المظاهرات التهييجية, بالإضافة لرفض مظاهرات العباسية التي تزيد من انقسام الشعب المصري. وجدد اتحاد شباب الثورة دعوته للشباب المصري للمشاركة في جمعة رد الشرف وذلك في جميع ميادين محافظات الجمهورية للمحافظة علي كرامة المجتمع المصري ودمائه الغالية وردا علي القتل والانتهاكات والعنف المفرط الذي استخدمه المجلس العسكري ضد النساء والشباب. وأدان اتحاد شباب الثورة في بيان له أمس رسالة المجلس العسكري رقم29 رافضا أسلوب الترهيب والتشكيك الذي حمله البيان. وفي رد معاكس قررت حركة أنا مصري وحركة السلام والاستقرار صوت الأغلبية الصامتة الانضمام لكل القوي السياسية السلمية لجمعة لا للتخريب ولا للوصاية الأجنبية, في الميدان العباسية ورأس التين بالاسكندرية, وطالبت جموع المصريين الانضمام إليهم. وقالت الحركات في بيان لها: نتابع بكل قلق وحزن الأحداث الجسام التي تمر بها الوطن وعمليات التصعيد المستمر والتخريب غير المبرر للمنشآت الحكومية والتي تعمل علي إسقاط الدولة. ونرصد عن قرب حالة الاحتقان الموجودة لدي المواطن المصري غير المسيس والتي نخشي أن تسفر عن انفجار شعبي يصعب احتوائه.