يظل طائر السعادة محلقا فوق العش الزوجي, خفيفا مرحا, وشيئا فشيئا تثقله التراكمات السلبية في العلاقة اليومية حتي يحط علي الأرض وقد لا يطير ثانية. وأي زواج في الدنيا يمر بلحظات حلوة ولحظات غير حلوة.. إنها الحياة.. ومن الطبيعي أن يمر الزوجان بلحظات اتفاق ولحظات اختلاف تتراكم فوق بعضها, والعبرة فيما تتركه هذه اللحظات من أثر علي الزوجين. وكثير من الزوجات اتخذن القرار_من زمان_ بقطع حرارة التليفون مع الزوج.. لا داعي للكلام معه لأن أي حوار سينقلب إلي خناقة, وكثير من الأزواج اعتبر أن زوجته موجودة كقدر لامفر منه, لكنه أيضا يوقن أنه غير سعيد ولا داعي للسعادة أيضا, فليس لها مجال معها.. سعادته ليست معها.. إنها بالنسبة له موجودة للشكليات فقط.. د.محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر وخبير الاستشارات الزوجية يشبه عدم وجود آلية لإزالة التراكمات السلبية في الحياة الزوجية, بمدينة غاب عنها عمال النظافة وتعطلت فيها محطات الصرف الصحي, أو أشبه بسيارة إنسدت فيها ماسورة العادم..الشكمان.. ويقول إن المواقف اليومية داخل الزواج هي نوع من التراكمات بعضها إيجابي وبعضها سلبي, وأي حياة زوجية فيها ميزان حساس له كفتان واحدة للتراكمات السلبية والأخري الإيجابية, وتتوازن الحياة إذا توازنت الكفتان وتتعثر إذا كانت الغلبة للسلبيات ويضيف: ما تتركه لحظات الاختلاف أو حتي الخصام من أثر يجب أن يجد له مخرجا في لحظة عتاب أو موقف محاسبة أو سماح لكي تتخلص النفس من هذه الذكري ومن آثارها, وهناك أزواج وزوجات يملكون آلية دائمة للتخلص من آثار الخلافات أو الخصومات حتي تظل نفوسهم غضة ونظيفة وقابلة لتلقي التراكمات الأجمل والأسعد, وهناك أزواج لا يستطيعون التخلص من مشاعرهم السلبية تجاه الطرف الآخر وتظل هذه المشاعر تتراكم وتتحول من الإحباط إلي الغضب ومن الغضب إلي الحنق ومن الحنق إلي الرغبة في العدوان والانتقام, وفي النهاية تصل إلي درجة العدوان والانتقام سواء كان لفظيا أو جسديا. والتراكمات سواء كانت إيجابية أم سلبية كما- يقول د.مهدي- تحدث ما يسمي بالارتباط الشرطي, بمعني أنه حيثما كانت العلاقة جيدة فإن هناك رصيدا من الأحداث والذكريات الجميلة والأحاسيس اللذيذة تجعل كلا الزوجين حين يلتقيان يشعران بالراحة والأمان والمودة والسعادة لأن ظهور أحدهما علي شاشة وعي الآخر يفتح في النفس نوافذ يظهر من خلالها تاريخ ممتد من اللحظات السعيدة, وحيثما كانت العلاقة سيئة فإن ظهور أحدهما علي شاشة وعي الآخر يستدعي مشاعر سيئة مرتبطة بتاريخ طويل من الصراع المرير والمعاناة المؤلمة, وقد يصل الأمر عند بعض الأزواج أن يشعر بصداع شديد أو غثيان حين يري شريك حياته, وكأن الارتباط الشرطي امتد من النفس إلي الجسد وشمل كل نبضة روح وكل خلية جسد. وهناك علامة بسيطة تعطينا انطباعا عن حصيلة التراكمات بين أي زوجين, وهي أنه كلما اشتاقا لبعضهما وسعيا نحو التواجد معا فهذه دلالة علي ميل التراكم نحو الإيجابية ووجود ارتباطات شرطية سارة, والعكس صحيح, وربما يفسر لنا هذا اشتياق كثير من الزوجات لكلمة وحشتيني من الزوج, لأن هذه الكلمة رغم بساطتها وقلة حروفها إلا أنها تعبر عن هذا التراكم الإيجابي للأحداث والذكريات وتعبر عن الارتباطات الشرطية السارة بين الزوجين وتدل علي أن حضور الزوجة في وعي زوجها يفتح لديه نوافذ للسكينة والطمأنينة والمودة والحب والراحة والمتعة. ربما يكون العتاب الرقيق والتسامح والتعبير بحرية عن النفس طرقا للتخلص من التراكمات السلبية, لكن الخناقات أيضا قد تكون وسيلة صحية ولكن بشروط حددتها الكاتبة الامريكية ومستشارة الزواج جيسكا جوستن في كتابها فن الشجار الزوجي والذي خرجت فيه بنتيجة واحدة من خلال ملاحظاتها وهي ان الذين لا يتشاجرون يتطلقون أكثر مستشارة الزواج الامريكية قدمت عدة نصائح لكل امرأة علي وشك الانفجار في زوجها: - الخناقة بين الزوجين ليس فيها طرف فائز وطرف خاسر, فمكسب أحدكما خسارة للطرفين, فاختاري دائما الوقت المناسب للخناق. - هدئي نفسك أولا عند الشروع في خناقة أو خلاف في وجهات النظر, وتأكدي دائما أنك لست علي صواب بنسبة مائة في المائة. - تذكري دائما أن كل عملة لها وجهان, وكل حقيقة لها تفسيران, فكما ترين نفسك علي حق يري هو أيضا نفسه علي حق. - تحكمي في نبرة صوتك, فعندما تغضب المرأة قد يعلو صوتها كثيرا وتتفوه بكلمات جارحة تضعف موقفها وتحول دفة الاتهام إليها, ودائما و بعد أن كنت زعلانه يصبح مطلوبا منك أن تصالحيه. - قبل أي جدال اسألي نفسك ثلاثة أسئلة أساسية أولا: هل ماستقولينه لزوجك صحيح؟ وثانيا: هل هو ضروري؟.. وأخيرا: هل ماستقولينه لطيف؟.. وإذا لم تكن إجابتك بنعم علي الأسئلة الثلاثة فاعلمي أن موقفك ضعيف. - احذفي من كلامك كل ما هو غير ضروري وكل ما هو غير صحيح أو يحتمل وجهات نظر, ولا تستخدمي أبدا كلمة أنت لاتهام زوجك, وتأكدي أنها ليست غلطة طرف واحد, والأفضل أن تتحدثي بضمير المفرد أنا بمعني أن تتحدثي عن شعورك, ولا تضعي كلاما علي لسانه علي طريقة أنا عارفة إنك لا تحبني أو أنا متاكدة أنك كنت تقصد لأنك لم تدخلي في رأسه لتعلمي ما فيه, ولذلك الأفضل أن تتكلمي عن مشاعرك ومدي حاجتك له بدون انفعال أو افتعال. - لاتخرجي أبدا عن الموضوع ولاتفتحي موضوعات قديمة, فالماضي ماض ولا داعي للحديث عنه مرة أخري, ولا داعي أبدا للضرب تحت الحزام والمعايرة بمواقفه السابقة أو بأهله وأصدقائه لأنها أمور لا تغتفر ولا يتسامح فيها الرجال. - إبتعدي عن التعميم أبدا, فإذا أردت الشكوي لأنه يرمي ملابسه علي الأرض فلا تقولي له أنك مقرف أو همجي ويكفي أن تقوليها كما هي ليه بترمي هدومك علي الأرض ولا تنسحبي أيضا من الخلاف وتنصاعي لكلامه وأنت غير مقتنعة لأن ذلك يعمق هوة الخلافات وربما يتسبب في خلاف أكبر. - دموعك هي سلاحك الأخير عندما يحتدم الخلاف.. ولكن لا تفرطي في استخدامها حتي لا تصبح شيئا عاديا ومتوقعا في نظره.