كشفت الأزمة الأخيرة التي شهدتها المدن الجامعية بالأزهر عن ان طلاب الازهر وشيخهم مظلومون, ففي رحاب الأزهر الشريف يدرس ثلث طلاب الجامعات المصرية, والميزانية المخصصة للأزهر تقل عن تلك التي تخصصها الدولة لجامعة القاهرة, هكذا يعيشون وهكذا يطلبون من شيخهم, ووزارة المالية ترفض زيادة المخصصات المالية السنوية, والدولة أحجمت عن رد أوقاف الأزهر, وفي السطور التالية نستعرض ما يواجه الأزهر وجامعته من تحديات. هذا هو حال أقدم وأعرق جامعة إسلامية في العالم يدرس بها طلاب مصر و102 دولة عربية وإسلامية وأجنبية, وتكشف الأهرام بالأرقام في هذا التحقيق كيف يتعاملون, وكيف يعيشون؟! في البداية يقول الدكتور حامد أبو طالب, عضو مجمع البحوث الإسلامية: يظن كثير من الطلاب وغير الطلاب أن الأزهر الشريف تأتيه أموال كثيرة جدا من الخارج من الدول الإسلامية وغير الإسلامية وهذه فكرة غير سليمة نهائيا, ذلك أن الأزهر الشريف باعتباره مؤسسة مصرية حكومية مستقلة لا تتلقي أي تبرعات من أي جهة كانت من الخارج, فضلا عن أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف, يرفض تماما ظهور الأزهر ومن فيه بأنهم من الفقراء المحتاجين وأنهم يتلقون صدقات أو تبرعات من أي جهة كانت. بالإضافة أيضا إلي الفكر الخاطئ بخصوص أوقاف الأزهر, فيظن الكثير أن له اوقافا كثيرة, والواقع غير ذلك أن الازهر لم يتمكن من استعادة عدد قليل جدا من أوقافه وهو حوالي ألف فدان تؤجر بمبلغ2000 جنيه في السنة وهو مبلغ بسيط جدا لا يكفي الأزهر أسبوعا واحدا, ويعتمد الأزهر تماما علي ما تقدمه مصر في الموازنة له, وهذا المبلغ يقل كثيرا عن الذي تقدمه الدولة للتعليم العالي. ومن هنا أناشد المسئولين العدل بين أبنائهم في جامعة الأزهر وجامعة القاهرة حتي يتمكن القائمون علي جامعة الأزهر من أداء الخدمات للطالب علي النحو الأكمل, وفاتني أن أقول إن مؤسسة مصر الخير عندما شعرت بالحاجة الماسة لطلاب جامعة الأزهر قدمت لهم5000 مرتبة سرير, وكذلك قامت بتجديد المطعم في مدينة الطالبات هدية لجامعة الأزهر, لكن كل هذا لا يمثل إلا طلبا بسيطا من طلبات جامعة الأزهر. ومن أهم المشكلات في جامعة الأزهر تضخم الأعداد, ذلك أن التعليم الأزهري شهد طفرة عالية في الفترة السابقة مما أدي إلي افتتاح وانتشار المعاهد الأزهرية في ربوع مصر وريفها ووجد البسطاء من الشعب المصري فرصة لتعليم أبنائهم حيث فتحت هذه المعاهد في القري والنجوع والعزب مما أدي إلي تقديم خدمة تعليمية مجانية لهؤلاء المهمشين من فئات الشعب فأقبلوا علي هذا التعليم وأدي ذلك إلي زيادة الاعداد زيادة رهيبة وهذا يستلزم بدوره زيادة الامكانيات والمعامل والمدرجات والوسائل التعليمية وكل هذا يحتاج إلي أموال طائلة. أما علي عبد الواحد مستشار شيخ الأزهر لشئون المدن الجامعية, فيؤكد إن ما حدث يؤكد شكوي الأزهر من نقص المخصصات المالية حيث تستوعب مدن القاهرة الثلاث عددا من الطلاب يزيد علي الطاقة الإستيعابية42% الحقيقية لهذه المدن. وتنفيذا لتوجيهات الإمام الأكبر بضرورة استيعاب جميع الطالبات الراغبات في الإقامة بصرف النظر عن المجاميع حيث قال الطيب عرض بنات الأزهر يجب أن نغار عليه, وأن تبيت الطالبة علي الأرض داخل المدينة مع زميلاتها أفضل من أن تقيم خارج المدينة في ظل الإنفلات الأمني. ومن أجل هذا استوعبنا جميع الطالبات وأصبح ذلك عبئا علينا, وفي المقابل لم يكن هناك منشآت حقيقية تناسب الأعداد ولا تتوافر العمالة اللازمة من حيث العدد وأوضح أن الرسوم الشهرية التي يدفعها طالب الأزهر تبلغ52 جنيها شهريا, و526 جنيها في السنة فقط, بينما التكلفة الفعلية للتغذية وحدها طبقا للمناقصة العامة لعام2013 بلغت107 ملايين جنيه, وتكلفة الطالب في الوجبات اليومية الثلاث12 جنيها للوجه البحري, و12 جنيها ونصف الجنيه للوجه القبلي,ومجموعها360 جنيها شهريا, فضلا عن تكلفة المياه والكهرباء والمرافق والمصروفات الإدارية ومجموعها أن الطالب الواحد يكلف الأزهر480 جنيها شهريا, أضف إلي ذلك أن أكثر من50% من العمال مؤقتون, براتب شهري350 جنيها للعامل من غير حملة المؤهلات, يتقاضاها310 بعد خصم الضريبة, وهذا المبلغ لا يتناسب مع الأعباء, في ظل ذلك نقدم خدمة جيدة في مقابل هذه الإمكانيات, في حدود المتاح. وخلال العام الماضي عرضنا تقريرا مفصلا علي مجلس الشوري في ظل هذا العجز الذي تعاني منه الجامعة, وطلبنا معاملة جامعة الأزهر كجامعة القاهرة أو عين شمس, علي الرغم من أن لدينا ثلث طلاب الجامعات المصرية,(40000 طالب وطالبة, و77 كلية بالقاهرة والأقاليم, و23 مدينة جامعية(15 للبنات, و8 للبنين), يقيم فيها37 ألف طالب وطالبة في القاهرة وحدها, و24 ألفا و500 طالبة, و11 ألفا في المدينة الأم بمدينة نصر, وإسكان خارجي930 طالبة), ونقوم بعمل شاق لتلبية احتياجات الطلاب ومن الوارد حدوث بعض الأخطاء مع هذا العدد الضخم. ويضيف أنه من الظلم تقييم العمل من خلال سلبية صغيرة, ومن يسكن خارج المدينة هو الذي يستشعر حجم المعاناة, كما طالب الدولة بتخصيص ميزانية لجامعة الأزهر تتلاءم مع التحديات والمتطلبات خاصة أن عجز الميزانية انعكس سلبا علي جميع مؤسسات الدولة بلا استثناء, كما طالب وزارة المالية بإصدار قرارات بتثبيت العمالة المؤقتة, مشيرا إلي أن العمالة الحالية في تناقص مستمر, بسبب العجز الصحي, والوفاة, وبلوغ العاملين سن المعاش,ولاتوجد لدينا درجات جديدة. وفي ظل هذا الوضع نحمد الله أننا نستطيع تلبية احتياجات طلاب الأزهر, ولدينا مخصصات مالية تبلغ55 مليون جنيه, تم إنفاقها علي تجهيز المطاعم والمطابخ والمباني, كما تم قبول تبرعات من أهل الخير من مؤسسة مصر الخير,وصندوق الزكاة الكويتي اعتمادا علي علاقات شيخ الأزهر, حيث أنشأت الكويت مبني استوعب700 طالبة, كما تم تعلية3 مبان لاستيعاب1500 طالبة, ورغم هذه الزيادات فإن المطعم هو المطعم والعمال يتناقصون. رب ضارة نافعة ويطالب الدكتور أحمد عمر هاشم, عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف, الدولة أيضا بأن توفر للأزهر وجامعته ميزانية مناسبة فميزانية جامعة الأزهر أقل من ميزانية جامعة القاهرة وحدها, والمفروض أن يحدث العكس, فجامعة الأزهر أكبر من جامعة القاهرة فهي بمقدار10 جامعات, ولذلك يجب زيادة ميزانية الجامعة فليس حقها أن تكون أقل الجامعات, وكان في الماضي يأخذ الطالب الأزهري مرتبا شهريا, فكان للأزهر أوقاف أوقفها كبار رجال العلماء والمسئولين علي الأزهر, وللأسف لم يتم استرداد كل أوقاف الأزهر, فما تم استرداده جزء ضئيل جدا, ولذلك نطالب باسترداد كل أوقاف الازهر حتم يتم توفير الخدمات للطلاب ودعم المكتبات والرعاية الصحية والتعليمية ورعاية الكليات التي في الأقاليم وتحتاج إلي دعم وإصلاح, ورب ضارة نافعة فربما تتجه الدولة الي الإصلاح وزيادة الميزانية بعد حادثة التسمم, والأزهر لا يمانع إذا تم التبرع. فالازهر يحتاج الي تطوير المعاهد والمعامل والكليات وإصلاح القاعات وواجب الدولة أن تمد الأزهر بدعم مادي يتناسب مع كثافة الطلاب والمدرسين وتطوير وتجديد الكليات والمدن الجامعية, وأيضا علي جميع المسئولين أن يعرفوا أن خدمة جامعة الأزهر كأنها عبادة فهم يخدمون الأزهر الشريف لمكانته العريقة في العالم باكمله. انخفاض تكلفة الطالب يقول الدكتور محمد مهنا استاذ القانون الدولي بجامعة الأزهر الشريف إن المدينة الجامعية بها عدد من الطلاب يعادل ثلث طلاب المدن الجامعية في مصر, ومع ذلك فما يأمله الأزهر أن تعادل ميزانية جامعة الأزهر ميزانية جامعة القاهرة فقط, ففي تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات انخفضت ميزانية طالب الأزهر بنسبة عشرة في المائة عن الأعوام السابقة, وأصبح نصيب طالب الأزهر حوالي2200 جنيه في السنة بأكملها, في حين أن ميزانية الطالب في الجامعات الأخري5000 الاف جنيه علي الأقل, ولنا أن نتصور ان المدينة الجامعية للأزهر بإمكانياتها الحالية واماكنها لا تتحمل أكثر من8000 طالب, مضطرة إلي أن تتحمل الان24000 طالب, وقد تم تعيين نواب جدد منذ خمسة عشر يوما فقط بعد أن ظلت طوال العام تدار برئيس واحد ونائب واحد فقط. وأيضا اوقاف الازهر التي كانت أكبر اوقاف في مصر تبددت وضاعت وبح صوت الأزهر وكلت جهوده من أجل استردادها بعد أن تفرقت بين الناس والمؤسسات والحكومات كما تتفرق دماء الضحية بين القبائل. ويناشد الدكتور محمد مهنا الحكومة أن تشرع فورا في البحث في رد أوقاف الأزهر أو تعويضه عن هذه الأوقاف ببدائل تعادلها, وأيضا سن تشريع لضمان استقلال الأزهر كما نص الدستور من الناحية المالية, وأن توفر الدولة له الميزانية الكفيلة بتحقيق استقلاله كما جاء في الدستور, وعلي مؤسسات المجتمع المدني ورجال الأعمال والقادرين توجيه جزء من أموالهم لدعم مشروعات الازهر وميزانياته. يقول الدكتور إبراهيم هدهد نائب رئيس جامعة الأزهر لشئون التعليم والطلاب إن موازنة جامعة الازهر اقل من مليار ونصف المليار جنيه بما فيها الاجور والرواتب وعدد الطلاب فوق الثلاثمائة الف, وفي الوقت نفسه يبلغ عدد جامعة القاهرة وعين شمس اقل من عدد طلاب جامعة الازهر في حين ان الموازنة للجامعتين اكثر من مليارين ونصف المليار, فما يصرف علي طالب الازهر حوالي ربع المبلغ الذي يصرف علي نظيره في اي جامعة أخري, وعلي الرغم من ذلك تجتهد الجامعة في جلب أهل خير لمساعدة الجامعة في الإنفاق علي اولادها, ففي العام الماضي دعمت مؤسسة مصر الخير المدينة الجامعية باكثر من10 ملايين جنيه بأشياء عينية تحتاجها, مثل تركيب مراوح هواء في كل غرف الطلاب وشراء الكثير من المستلزمات, بالإضافة الي عرض دولة اندونيسيا بناء مبنيين في المدينة الجامعية, فكثير ا ما تدعم جامعة الأزهر بالتبرعات ولكن نظرا للزيادة الكبيرة والمستمرة في أعداد الطلاب فإنها لا تكفي, ففي جامعة الازهر يصرف علي تغذية الطلاب في المدن الجامعية107 ملايين جنيه فقط موزعة علي250 يوما في السنة وهي مدة العام الجامعي, وعدد المقيمين في المدن الجامعية علي مستوي جامعة الازهر36 الفا وتسعين طالبا وطالبة, مطلوب تقديم3 وجبات غذائية وما يترتب عليها أيضا من خدمات. كما يوجد24000 طالب وطالبة في مدن القاهرة وحدها بزيادة42% علي العدد المثالي, وذلك لان كثيرا من أولياء الأمور غير قادرين ماديا, كما يحزنني ما يثار في وسائل الإعلام من تشويه صورة المدينة الجامعية وما يترتب علي ذلك من تشويه صورة الأزهر في106 دول علي الأقل يدرس أبناؤها بجامعته, وأود ان أنوه إلي ان حالات التسمم خرجوا جميعا من المستشفيات وأنهم موجودون في المدينة ويمارسون حياتهم ودراستهم بشكل طبيعي.