أصدرت النيابة العامة السبت قبل الماضي، قرارا بضبط وإحضار الإعلامي الدكتور باسم يوسف مقدم برنامج(البرنامج)الترفيهي بقناة(سي بي سي)على خلفية البلاغات المقدمة ضده لاتهامه بازدراء الدين الإسلامي، وإهانة رئيس الجمهورية،ونشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير السلم العام. وكما تبين من التحقيقات التي باشرها المكتب الفني للنائب العام، أن باسم يوسف قام بارتكاب الاتهامات المنسوبة إليه، في الحلقات أرقام ( 6-12-14-15) من برنامج "البرنامج". وبعد أن قامت النيابة من جانبها بتفريغ تلك الحلقات في التحقيقات عن طريق اسطوانات مدمجة (سي دي)، وتحرير محاضر مشاهدة مستقلة عن كل حلقة من هذه الحلقات، انتهت النيابة إلى مسئولية كل من باسم يوسف ومحمد الأمين مالك قناة (سي بي سي) وعلي قنديل المنولوجست الذي قام بتقديم إحدى الحلقات منها فقرة تضمنت الاستهزاء بالدين الإسلامي.. ثم خرج يوسف بعد التحقيق معه لأكثر من 5 ساعات بكفالة 15 ألف ج وذلك لحين صدور قرار بالحكم. وبالأمس، قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في جلستها المنعقدة برفض الدعاوى المطالبة بوقف برنامج "البرنامج" للإعلامي الدكتور باسم يوسف أو إيقاف بث قناة "سي بي سي" الفضائية المذاع عليها البرنامج. لو كنت مكان الرئيس.. لكرمت باسم يوسف مقدم برنامج "البرنامج"، حيث أن "البرنامج" الساخر والترفيهي أحدث ضجة إعلامية بدأت تظهر منذ الحلقات الأولى وله أكبر عدد من المشاهدات، لدرجة أدركتها عندما كنت مع عائلتي في أحد المطاعم، وكنا بالكاد نسمع أنفسنا من ضجيج المحيطين، إلا أنه عندما حان موعد "البرنامج" وبدأ المطعم في إذاعته، تحول المكان بأسره لسكون تام لسماع يوسف وبدأت تتعالى الضحكات والصيحات لمتابعيه.. وبالرغم من اعتراضي على بعض الألفاظ المستخدمة من باسم في البرنامج والتي قد تخدش حياء الأسرة المصرية التقليدية وبغض النظر عن قناعتي بالبرنامج أو عدم قناعتي به، إلا أنني وقتها فقط أدركت تأثير هذا "البرنامج" ومقدمه في الناس. إذن، لو كنت الرئيس.. لكرمت باسم يوسف منذ بداية متابعتي ومشاهدتي لبرنامجه الساخر، بل وكنت منحته وساما على أنه استطاع أن يوصل الضحك لقلوب الناس ويخرجها من همومها، وكنت أدركت أنه أول برنامج يقوى على فعل ذلك.. وبالتأكيد لكان هذا التكريم له انعكاس إيجابي حتى على الشعب.. بدلا من رد الفعل الذي سنراه من البرنامج نتيجة هذا الاستدعاء في الأسابيع القادمة من "تريقة" و"نكات" وبالفعل حلقة الجمعة الماضية كانت أبلغ دليل. إذن، ماذا ترتب على مسألة الاستدعاء لباسم؟ اكتسب المزيد من الشعبية والتضامن، وصل لدرجة أن تضامن معه الإعلامي الساخر "جون ستيوارت" صاحب برنامج "دايلي شو" والذي تعجب في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مما يحدث لباسم في ظل مناخ من المفترض أن يكون ديمقراطيا.. ومن المعروف أن ستيوارت يتعرض بسخرية لمعظم المسئولين في الولاياتالمتحدة في برنامجه اليومي وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما. أتساءل ويتساءل معي كثيرين: متى بالفعل سنمارس الديمقراطية الحقيقية وأهمها أن نقبل برأي الآخر، ولا نقف عند الترهات ولا نلتفت لها لانعدام تأثيرها الحقيقي. لو كنت الرئيس، لاستضفت أسرة برنامج "البرنامج" وشكرتهم على المجهود المبذول والنوعية الجديدة من البرامج التي أصبحت موجودة في ظل الحكم الديمقراطي الرشيد، ولكنت طلبت منهم التخفيف في اللغة المستخدمة لو لم تعجبني، فالطيب أحسن.. ففي ظل مناخ ننعم فيه بالديمقراطية، من الطبيعي أن نقبل مثل هذه البرامج الإعلامية الساخرة. وختاما، من الأفضل أن نحل المشاكل بالتفاهم وليس بالعنف أو بتكميم الأفواه أو توقيف الأشخاص لأن كل ذلك لن يجدي نفعا.. فلكل هذه الأسباب، قامت ثورة 25 يناير، من أجل أن ننعم بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. وهذه هي الديمقراطية يا سيدي الرئيس! [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن