فنان يعشق المغامرة ويجد فيها فرصة لتحقيق ذاته كما يبدو من خلال تجاربه الإبداعية في السينما والدراما, والتي بدأها صبيا في' إمبراطورية ميم' ثم مراهقا في' عودة الإبن الضال' إلي آخر تجاربه الدرامية الناضجة من' ليالي الحلمية وأرابيسك والراية البيضا' حتي' المصراوية وهوانم جاردن سيتي' إلي اختفاء' سعيد مهران' آخر أعماله الدرامية. ولأنه مسكون بالتحدي فلا يتردد في خوض أية تجربة جديدة في مشواره الإبداعي حتي لوذهب من أجلها إلي شاطئ آخر محاط بالأشواك لذا ذهبا إلي وجهة أخري غير التمثيل وتحديدا نحو تقديم برنامج حواري ذي طابع سياسي علي شبكة' سكاي نيوز' العربية بعنوان' حوار القاهرة' والذي بدأ بث حلقاته منذ أسابيع وحقق حتي الآن نتيجة معقولة, عن برنامجه الجديد وأسباب إبتعاده عن الشاشة الصغيرة كان لملحق نجوم وفنون مع الفنان هشام سليم الحوار التالي. كيف تقيم التجربة بعد مرور أسابيع علي بداية البرنامج ؟ من الصعب أن أقيم التجربه كاملة الآن, لكن من وجهة نظري وبعد عدة حلقات أعتقد أن النتيجة مرضيه بالنسبه لي وللقناة في نفس الوقت, فقد كنت متخوفا من الخوض في مجال جديد خاصة أن معظم الموجودين علي الساحة الآن محترفون ولهم باع طويل في البرامج السياسية, لكن الحمد لله استطعت أن أقف علي نفس الدرجة من السلم الإعلامي, وأصبح للبرنامج مشاهدوين وضيوف يفضلون الظهور من خلاله. المتابع للحلقات الماضية يجد هدوء نسبيا إلي حد ما بين الضيوف وبينك؟ منذ البداية اخترت أن يكون البرنامج ساحه للحوار وليس ساحة للتناح, فكل ضيف يستطيع أن يعرض وجهة نظره كاملة دون أن يقاطعه أحد, لكن في نفس الوقت عليه أن يجيب علي الأسئلة التي تدور في ذهن رجل الشارع بصراحه ودون تطاول علي الآخرين, لذلك يتم اختيار ضيوف مختلفين في الآراء, يعبر كل منهم عن وجهة نظر مختلفة, أو زاوية من زوايا المشكلة المطروحة للحوار ويناقش الآخرين في وجهة نظرهم حتي نخرج من النقاش بشيء مفيد وليس علي سبيل الفرقعه والخلافات بين الضيوف فقط, والحمد لله حتي الآن جميع الضيوف رحبوا بالظهور معنا ولم يرفض أحد. لكنك قليل الكلام داخل الحلقات رغم تدخلك لإدارة النقاش ؟ لكل إنسان مفاهيم خاصه به تكون مختلفة عن الآخرين, ففي كل مرة كنت أتابع فيها بعض البرامج كنت أهتم بكلام الضيف لأنه صاحب وجهة النظر ويحمل الحقيقية وجاء ليعبر عنها, لذلك عندما فكرت في تقديم البرنامج قررت أن تكون مهمتي الأساسية هي ضبط إيقاع النقاش وليس توجيه دفة الحديث لمصلحة طرف علي حساب الآخر, وهذا يقتضي إعطاء الضيف الفرصة للحديث, لأن المشاهد ينتظر أن يعرف وجهة نظر الضيف وليس وجهة نظر مقدم البرنامج, هنا دوري فقط محاور أتحدث باسم رجل الشارع أسأل وأنتظرالإجابة, ولست ضيفا حتي أتحدث عن وجهة نظري أو أستأثر بالكاميرا. ما الذي جذبك لتقديم برنامج سياسي بعد أن كنت رافضا الفكرة ؟ بداية لم أكن رافضا للفكرة بشكل مطلق, لكن كنت أبحث عن شيء جديد وكل ما عرض علي كانت أفكارا مستهلكة, مثل تقديم برنامج فني أستضيف فيه نجوما زملاء ونتحدث عن بعض الأمور الفنية, فكنت أسأل نفسي ماذا سيضيف لي؟ لذلك كنت أرفض, أما عندما وجدت فكرة جديدة بشكل مختلف تحمست لتقديمها, واخترتك مجالا جديدا أعتبره من المجالات الصعبة وأجتهد للوصول للنجاح فيه. هل فضلت الظهور من خلال قناة' سكاي نيوز' وليس من خلال قناة فضائية مصرية أم أنها مصادفة؟ دعنا نتحدث بصراحة: خلال الفترة السابقة ودون ذكر أسماء اتصلت بي أكثر من قناة فضائية وتحدثنا بشكل جيد جدا حول الشكل العام والخطوط العريضة للبرنامج, لكن عندما نتطرق إلي الأمور المادية أجد تراجعا في المواقف وفتورا في الحديث وهروبا من الموقف بأي حجة, لكن قناة' سكاي نيوز' هي الوحيدة التي وجدت لدي القائمين عليها حماسا في اتمام التعاقد, وكانت مصادفة سعيدة تمت التفاهم من خلالها علي تقديم البرنامج, وفي مسافة زمنية لم تستغرق15 دقيقة, وعند كتابة العقد كانوا يريدون زيادة المدة لتكون عامين لكن أقنعتهم بأن تكون مدة العقد ستة أشهر فقط, نتوقف بعدها لتقييم التجربة ومقياس مدي نجاحها من عدمه فإن كانت النسبه معقولة نستمر وإن لم أنجح فلا أضع القناة في حرج, وهذا تفكير منطقي وواقعي من وجهة نظري. لديك قراءة سياسية للمشهد السياسي كما يبدو لي, فكيف تري المستقبل القريب؟ نحن في حالة تخبط سياسي غير مسبوق في التاريخ المصري, وربما ترجع أسبابه لتباعد القوي السياسية المتواجدة علي الساحة عن بعضها البعض وعن الشباب الذين قاموا بالثورة منذ البداية, هذا التباعد دفع ثمنه المواطن المصري البسيط الذي وضع آمالا كبيرة علي الثورة, فإذا بحكومات ما بعد الثورة تحمله أعباء جديدة فوق طاقته, والمشكلة الكبري أن النظام الآن لا يمتلك رؤية استراتيجية للحل, وهناك حالة من العند الزائد في التعامل مع الأمور وهذه الحالة لا تنتج مستقبلا يبشر بالخير, بل ستؤدي قريبا لصدام يدفع ثمنه الجميع, وفي اعتقادي أن الصدام قادم لا محالة لإختلاف طبيعة الأطراف والأجيال, فهناك جيل شاب يريد التغيير الجذري الشامل, وهناك طرف آخر يريد التكويش علي كل شيء دون استراتيجية واضحة, والأمور تزداد تعقيدا وعشوائية فالقرارات تجرنا إلي الهاوية, بل لا يوجد قرار مدروس من الأصل لا في السياسة ولا في تنظيم المرور ولا حتي في كرة القدم, وما يحدث من قرارات هو مسكن لتأجيل الصدام القادم. لنذهب بعيدا عن السياسة ونسألك: ما سبب ابتعاد هشام سليم عن الفن مؤخرا ؟ الفنان مثل السمك لا يستطيع أن يبتعد عن البحر, لكن المشكلة الكبري تتمثل في أن الوسط الفني تخطي مرحلة الشللية وأصبح وسط عائلات, فالعائلة الواحدة تجد بها المخرج والمؤلف والمنتج والمونتير والنجم فكيف تجد لنفسك مكانا بداخلهم؟, والأمر الآخر أنني فنان يحترم نفسه ولا أدخل عملا إلا لو كانت مواصفاته جيدة سواء علي مستوي القضية التي يحملها أو من حيث الميزانية الإنتاجية التي تستطيع صنع هذا العمل بشكل جيد, وفوق هذا وذاك يأخذ التحضير للمسلسل حقه, ولك أن تتخيل أن أحد المنتجين طلبني في مسلسل وتم تحديد موعد التصوير بعد أربعة أسابيع وكل ما يمتلكه من السيناريو لا يتجاوز الحلقتين فقط مكتوبتين في بضع وريقات صغيرة, والباقي سوف يستكمل أثناء التصوير, فهل وصل حال الفن إلي هذه الدرجة من السوء؟ رحم الله' أسامة أنور عكاشة' الذي كان يكتب المسلسل بالكامل ثم يجلس مع المخرج والممثلين قبل بداية التصوير بفترة طويلة حتي يعرف كل ممثل ماذا سيفعل في تطور الشخصية التي يؤديها علي مستوي الحلقات, ويكون مستعدا لجميع المواقف منذ البداية وحتي النهاية, فالفارق كبير بين ما كنا عليه وما أصبحنا فيه, فمسلسل' ليالي الحلمية' علي سبيل المثال كانت حلقاته تباع قبل تصويرها نظرا للثقة الكاملة في إسم المؤلف والمخرج والأبطال, وكانت المسلسلات تدر أرباحا كثيرة للتليفزيون, لكن للأسف جاء بعد ذلك وزير إعلام يصرف أموالا طائلة علي أعمال ليس لها قيمة, والأدهي من ذلك أن يقول' مش مهم إني أخسر' أو لا أحقق أرباحا, لأن تليفزيون الدولة يقدم خدمة مجانية للمشاهد ليس من ضمن هدفها الربح, فهل يعقل أن يأتي هذا الكلام علي لسان مسئول في هذا المنصب الرفيع ؟ وهل الخدمة المجانية التي يتحدث عنها لابد أن تكون بلا قيمة ؟ نحن نعيش حالة عبثية منذ فترة طويلة وحتي الآن, وعن نفسي منذ ثلاث سنوات وأنا أجلس في بيتي الذي لم يطرقه أي منتج حتي الآن. لكن وبصراحة: لماذا يهرب منك المنتجون ؟ ليس لدي سوي تفسير واحد فقط هو أنني إنسان صريح أتعامل بوضوح وشفافية وهذا ما يقلق بعض المنتجين, ففي يوم من الأيام اتصل بي منتج يعاتبني علي حوار تليفزيوني, وقال لي كيف تتحدث بصراحة عن أجرك في المسلسل؟ ولماذا تكتب أجرك بالكامل في العقد؟, فما كان مني إلا أن رددت عليه بصراحة أكثر وهو ما جعل المنتجين يهربون من التعامل معي جراء تلك الصراحة التي أتحدث بها.