في سنوات السبعينيات من القرن الماضي اندلعت حرب شهيرة بين دولتي كوستاريكا وهندوراس في منطقة البحر الكاريبي بسبب أعمال عنف وقعت خلال مباراة كرة قدم بين البلدين, كانت حربا حقيقية استعملت فيها الطائرات والدبابات والمدفعية وقوات المشاة المسلحة وسقط فيها آلاف القتلي والجرحي, أما أحدث الأزمات الاقليمية الكبري التي وقعت بسبب مباراة كرة قدم فكانت قبل عامين تقريبا بين مصر والجزائر بهدف الوصول لنهائيات كأس العالم في جنوب افريقيا العام الماضي, وبفضل الله لم تتطور الأمور إلي مستوي ما حدث بين هندوراس وكوستاريكا واقتصرت المعركة علي وسائل الإعلام ومواقع الانترنت, وكانت بالفعل حربا كلامية حامية الوطيس تركت مرارة عميقة لاتزال آثارها مستمرة حتي الآن في نفوس الشعبين حتي بعد رحيل مبارك ونجله جمال الذي تردد أنه كان يسعي بقوة لتأهل المنتخب الوطني للمونديال لرفع شعبيته في إطار مشروع التوريث! وليس خافيا أن لعب كرة القدم كان سببا دائما في توتر العلاقات بين أبناء الشارع الواحد وكان رش الماء علي اللاعبين هو الوسيلة المتبعة لتفريقهم وإبعادهم عن المنطقة, أما ما حدث قبل أيام أمام مجلس الشعب وأدي إلي الأزمة الأمنية والسياسية الرهيبة التي تعيشها مصر حاليا فلاشك في أنه سيسجل في كتب التاريخ باعتباره أول مواجهة بين معتصمين وقوات أمن بسبب كرة قدم تؤدي إلي مصرع وإصابة المئات وإحراق كنوز تاريخية إضافة إلي فضيحة دولية جعلت السلطات المصرية في نيران المنظمات الدولية الكبري وفي مقدمتها المجلس الدولي لحقوق الإنسان الذي ألمح بالأمس فقط إلي أن القائمين علي السلطة في مصر لم يستوعبوا الدرس عبر الأشهر الماضية,وما أغنانا عن هذه الملاحظة, فمن مبادئنا الشهيرة أن المؤمن لا يلدغ من نفس الجحر مرتين, ولكن يبدو أن القائمين علي السلطة في البلاد اعتادوا علي اللدغات المتكررة التي تكلف البلاد الكثير بسبب سوء إدارة الأزمات, وأكبر دليل علي ذلك أن كل اللدغات الكبري بداية من يوم 9 مارس ومرورا بأحداث البالون والعباسية والجيزة وصولا إلي أحداث ماسبيرو ومحمد محمود وقصر العيني كلها بدأت بمحاولات عجيبة وغير مدروسة لانهاء اعتصامات أو احتجاجات أدت في نهاية المطاف إلي سقوط مئات القتلي والجرحي في مشاهد لم تألفها مصر,ولكن المحاولة الأخيرة كانت من أغرب ما تكون حيث تم اللجوء إلي التعذيب والضرب والسحل بدلا من رش المياه لإنهاء مباراة كرة قدم مما أدي إلي صدامات عنيفة دفعت الأممالمتحدة إلي تهديد المسئولين في مصر بمواجهة تهم خطيرة تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان, فأصبحوا مطالبين بالبحث عن مخرج حقيقي لأزمتهم بدلا من الاكتفاء بنفي اللجوء للعنف وترديد اسطوانات مشروخة عن المؤامرات الخارجية ومخططات هدم مصر. المزيد من أعمدة عماد عريان