لعل أبسط ما يمكن أن نصف به ما يتعرض له بعض المستفيدين من المشروع القومي للإسكان بأنه تعجيز, وتعقيد!! إذ كيف لشاب أن يقوم بتشطيب الشقة, والإقامة فيها خلال3 أشهر فقط. وإلا يكون من حق المحافظة أو جهاز المدينة فسخ التعاقد دون الحاجة إلي تنبيه أو إنذار, واتخاذ أي إجراءات قانونية دون الحاجة للحصول علي حكم قضائي.. ثم كيف يدفع حاجزو المرحلة الثانية في بني سويف ضعف المبلغ الذي دفعه من استفادوا من المرحلة الأولي أي30 ألف جنيه نقدا أو بالتقسيط علي20 عاما بفائدة بنكية قدرها7.5%, مع أن حاجزي المرحلتين الأولي والثانية يحصلون علي نفس الوحدة, بنفس المساحة, وكلتاهما بدون تشطيب؟!! وأخيرا كيف تطلب البنوك من شباب لا حول لهم ولا قوة.. أن يقوموا بتحويل مرتبهم أو مرتب الضامن علي البنك لمدة20 عاما!! وحينما تقرر تنفيذ المشروع القومي للإسكان ضمن البرنامج الانتخابي للسيد رئيس الجمهورية, كان الهدف هو توفير وحدات سكنية لمحدودي الدخل500 ألف وحدة سكنية خلال6 سنوات, والتيسير علي الشباب, ودعمهم, لكن القائمين علي التنفيذ فعلوا شيئا آخر!! المأساة بعينها حدثت في محافظة بني سويف! فمن بين إجراءات تعجيز الشباب المستفيدين من المشروع القومي للإسكان, هو ذلك الإقرار الذي وزعه الجهاز التنفيذي للمشروع القومي للإسكان علي سكرتيري العموم بالمحافظات, والذي يقضي بأن يلتزم حاجز الوحدات السكنية ضمن المشروع القومي للإسكان, بالإقامة في الوحدات السكنية المخصصة لهم في خلال3 أشهر من تاريخ استلامهم لها, وفي حالة عدم شغلهم للوحدات في خلال المدة المقررة, يكون ذلك إقرارا منهم بإخلاء وتسليم الوحدات محل التعاقد, ويحق للمحافظة أو جهاز المدينة فسخ التعاقد دون الحاجة إلي تنبيه أو إنذار, واتخاذ أية اجراءات قانونية دون الحاجة للحصول علي حكم قضائي, ودون الإخلال بما( للمحافظة/جهازالمدينة) من حق في اقتضاء مبالغ أخري مستحقة كمقابل إشغال أو أي أعباء أخري نظير استخدامهم للوحدة!! وهنا نسأل وزير الإسكان: كيف يستطيع شاب أن يقوم بتشطيب الشقة التي حصل عليها ضمن المشروع في خلال3 أشهر فقط! والغريب أن محافظة بني سويف, قامت بتسليم مجموعة من الوحدات السكنية, دون أن تكون منطقة المشروع جاهزة, فالأحجار تملأ الشوارع بين العمارات, وإجراءات تركيب عدادات الكهرباء, والمياه تستغرق بعض الوقت. في موقع المشروع, التقيت أحمد الروبي, الذي يقوم بتشطيب شقة شقيقته, قال لي: عانيت كثيرا لتركيب عداد الكهرباء, وذهبت إلي الجهات المسئولة ولا مجيب, ومضي أكثر من أسبوعين دون أن أتمكن من توصيل الكهرباء, ولذلك استأجرت مولد كهرباء للمساعدة في عملية التشطيب, كما قمت بشراء براميل مياه, ويتساءل: كيف أستطيع الانتهاء من التشطيب في خلال3 أشهر, في ظل هذه الظروف! ثم صعدنا إلي إحدي العمارات الواقعة ضمن المشروع, فوجدنا شابا يندب حظه العاثر الذي قاده للحجز في المشروع, لاسيما أنه تسلم الشقة علي الطوب الأحمر, ولا يمكن أن يقل مبلغ التشطيب عن20 ألف جنيه بأي حال من الأحوال, في وقت يستعيد فيه للزواج, مشيرا إلي أن بعض زملاءه ممن حجزوا في المرحلة الثانية مطالبين بسداد ضعف ثمن الشقة بحجة ارتفاع اسعار مواد البناء في تلك الفترة! حملنا صرخات حاجزي المرحلة الثانية من الوحدات, والذين أصبحوا مطالبين بسداد ضعف المبلغ الذي دفعه من استفادوا من المرحلة الأولي من المشروع, إلي المهندس سلامة عبد العزيز مدير عام الإسكان في محافظة بني سويف الذي بدأ حديثة بالتأكيد علي أن وزارة الإسكان قررت البدء في تمويل المشروع منذ عام2006, بتكلفة مبدئية تقدر بنحو50 ألف جنيه للوحدة, علي أن يتم التمويل وفق3 محاور تتضمن التزام المتقدم بسداد5 آلاف جنيه كمقدم حجز, علي أن تتحمل الدولة15 ألف جنيه كدعم للوحدة السكنية التي يقل سعرها عن50 ألف و25 ألف جنيه كدعم للوحدة التي يتراوح سعرها بين50 ألف جنيه و60ألف جنيه, وهكذا تم تحديد هذا الرقم التقديري لسعر الوحدة, والذي يختلف من محافظة إلي أخري, لأسباب تتعلق ببعد المكان, فبناء وحدات سكنية في منطقة شلاتين, أو الأقصر, أو أي منطقة نائية لايمكن أن يكون بنفس سعر الوحدة في المناطق القريبة, كما أن سعر العمالة يختلف من مكان إلي مكان آخر, أيضا تتحكم أسعار خامات ومواد البناء في تحديد سعر الوحدة. شماعة ارتفاع الأسعار وعندما طرحت المرحلة الأولي من المشروع في نهاية عام2006 وبداية عام2007, كان سعر الشقة يتراوح بين ألف جنيه و43ألف جنيه, ووقتها اتخذ محافظ بني سويف ومعاونوه قرارا بتثبيت مبلغ القرض البنكي بنحو15 ألف جنيه, بالإضافة إلي15 ألف جنيه قيمة الدعم الذي تدفعه الوزارة, وكانت المعلومة بخصوص القرض غير واضحة لدي البنوك, وعقدنا6 اجتماعات كان أحدها في مكتب محافظ بني سويف السابق الدكتور عزت عبدالله, بهدف توضيح المادة11,10 من بروتوكول إنشاء المشروع لمسئولي البنوك المشاركة في التمويل, وبأن قيمة القرض المخصص لتمويل الوحدة السكنية يقدر بنحو30 ألف جنيه كحد أقصي منذ عام2006, في هذا التوقيت كانت الأسعار اقل من اليوم, لكن الارتفاع الذي حدث بعد ذلك في مواد البناء في نهاية عام2007 أي في ديسمبر2007 ولمدة ال6شهور الأولي من عام2008 ساهم في رفع الأسعار, فقد تضاعف سعر طن الحديد وقتها3 مرات أو أكثر, ولحقت به بقية المواد المستخدمة في البناء, كما ارتفعت أسعار البيتومين, والبترول, وبالتالي زادت معه أسعار الطوب, خاصة أن الأفران تستخدم المازوت في تصنيعه, كما ارتفعت أجور العمالة مع ارتفاع اسعار الخامات, كل ذلك حدث في التعاقدات التي تمت في النصف الأول من عام2008, وهكذا كانت هذه الارتفاعات في الأسعار وراء عدم توقع نهاية لارتفاعات الأسعار, ولذلك كان المقاولون يتوجسون من ارتفاع الأسعار في مراحل تنفيذ المشروع, فإذا كان سعر طن الحديد9 آلاف جنيه, فهم يتوقعون أن سعر الطن سوف يرتفع إلي15 ألف جنيه, كل هذه الأمور كانت أمام أعين المقاولين ويفكرون فيها قبل دخول المناقصات ويحسبون حساباتهم علي توقعات بارتفاع الأسعار, وبذلك يطرحون أسعارا قد تكون مرتفعة, خشية ارتفاع أسعار مواد البناء أثناء التنفيذ, من هذا المنطلق هناك معامل مخاطرة يفترضه المقاول في الأسعار. وعلي ذلك, فإن ارتفاع الأسعار في تعاقدات هذه الفترة والكلام مازال لمدير عام الإسكان في بني سويف كان له ما يبرره, وكان عدد من تقدموا للحجز في وحدات المشروع قد وصل إلي6 آلاف مواطن, وقام المقاولون ممن رسا عليهم المناقصات بتنفيذ1760 وحدة سكنية, بالإضافة إلي220 للحالات الأولي بالرعاية وتم تسليمهم, ثم بدأت تعاقدات المرحلة الثانية في منتصف عام2008, وتراوحت أسعار الوحدة السكنية فيها بين51 ألف جنيه, و67ألف وخمسمائة, واليوم لابد أن يدفع من جاء عليه الدور في التسليم30 ألف جنيه, بعكس التعاقدات السابقة التي كان الحاجزون فيها يدفعون15 ألف جنيه فقط. 3 أنظمة للسداد أما القسط الشهري الذي يدفعه صاحب الوحدة السكنية فله قصة أخري, فقد تم استبعاد مبلغ ال300 جنيه كقسط شهري خلال الاتفاق مع البنوك الممولة للمشروع, لأنها كما يقول مدير عام الإسكان في بني سويف تفوق قدرة الشباب من حاجزي المشروع, وضعنا3 أنظمة للسداد160 جنيها شهريا تصل ل524 جنيها تقريبا في نهاية مدة القرض أي بعد20 عاما, أو165 جنيها, أو200 جنيه تصل بعد20 عاما إلي724 جنيها تقريبا, وتبرير ذلك أن الفائدة المقررة علي قيمة القرض تصل إلي7.5% سنويا, وقد انتهت المرحلة الأولي بأسعار تتراوح بين31 ألف جنيه, و43ألفا, بينما تراوحت تعاقدات المرحلة الثانية وقوامها2450 وحدة سكنية بين51 ألف جنيه ألف جنيه و67ألف وخمسمائة جنيه. ثم استفدنا من الأسعار المنخفضة لمواد البناء, وتعاقدنا للتنفيذ بسعر يتراوح بين39 ألف و750جنيه, و48700 جنيه, وهذه هي المرحلة الثالثة من المشروع, وللعلم هناك وحدات سكنية ضمن المشروع تقع علي النيل, وأخري تم إنشاؤها في منطقة ترع بلغ معدل الردم فيها أمتار وأكثر, وهذه تكلفت كثيرا في مرحلة الأساسات. انهي مدير عام الإسكان حديثة, لنختتم بالدكتور سمير سيف اليزل محافظ بني سويف, ومن الإنصاف أن نؤكد أنه تولي مهام منصبه منذ شهور قليلة, ولا علاقة له بما حدث من سلبيات في المشروع, فقد كان وقتها سكرتيرا عاما لمحافظة الفيوم و لكنه يشير إلي أن الاختلاف في أسعار الوحدات السكنية بالمشروع يرجع إلي ارتفاع مواد البناء في فترة المناقصات, مؤكدا أن الدولة تحملت كثيرا لانجاز المشروع, فالأرض بالمجان, وتكلفة المرافق كبيرة, والدولة دفعت أكثر من60% من ثمن الشقة. وفيما يتعلق بالإقرار الخاص بتشطيب الشقة والاقامة فيها خلال3 أشهر,أكد المحافظ أنه لن يتم انتزاع الوحدات السكنية من أصحابها حتي إذا لم يتمكنوا من تشطيبها خلال المدة المقررة, فالهدف من هذه المدة هو ضمان الجدية والالتزام, ووعد بزيادة مهلة التشطيب إلي9 شهور, للتيسير علي الحاجزين ضمن المشروع القومي للإسكان. وللقضاء علي ما يشوب عملية توزيع الشقق من شبهات, أكد محافظ بني سويف أن توزيع الشقق بنظام القرعة هوالحل الأمثل الذي يضمن حقوق الجميع, موضحا أن هذه الوحدات قد بنيت للسكن, وليس للتجارة.