عاجل.. النفط يهبط بأكثر من 6% بعد هجوم إيران على قاعدة أمريكية في قطر    تركيا تبرم اتفاقية مع الأونروا لاستضافة مكتب تمثيلي للوكالة بأنقرة    تشكيل باريس سان جيرمان الرسمي أمام سياتيل ساونديرز    أحمد مصطفى "بيبو" مديرًا فنيًا للجونة.. تعرف على مشواره التدريبي    سعر الدولار أمام الجنيه مساء الاثنين 23 يونيو 2025    مجلس الشيوخ يستعرض حصاد الفصل التشريعي الأول بحضور وزير التواصل السياسي    أزمة في ليفربول بسبب محمد صلاح    النيابة تكشف تفاصيل حريق نشب بسبب مشاجرة بين البائعين في حدائق القبة    تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية "شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي" إلى 26 يوليو    القوات المسلحة الإيرانية: لن ندع أي اعتداء على أراضينا دون رد    طائرتان تابعتان لسلاح الجو الألماني تقلان 190 مواطنًا من إسرائيل    وزير الخارجية الفرنسي يطالب بضرورة وقف الهجمات على إيران منعًا للتصعيد    "حقوق إنسان النواب" تطالب بتعزيز استقلالية المجلس القومي وتنفيذ توصيات المراجعة الدولية    رغم اعتدال الطقس.. شواطئ الإسكندرية تحتفظ بسحرها وتواصل جذب المصطافين    وزير الثقافة يختتم زيارته في سيناء بلقاء موسع مع شيوخ القبائل وأعضاء البرلمان    تامر عاشور يصل المغرب استعدادا لإحياء حفله بمهرجان موازين    صندوق النقد: مخاطر أوسع على النمو العالمي بعد الضربات الأمريكية لإيران    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    الخميس 26 يونيو إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص    الداخلية: ضبط 5 قضايا مخدرات خلال حملات أمنية في أسوان ودمياط    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 5 أشخاص مرتبطين ببشار الأسد    «الظهيران».. طرفان بلا أنياب في الأهلي    فيلم "المشروع X" يواصل التألق 117 مليون جنيه في 5 أسابيع    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    ليكيب: سان جيرمان يغلق الباب أمام رحيل باركولا رغم عروض بايرن وأرسنال وتشيلسي    رينار: حققنا هدفنا في الكأس الذهبية.. وهذا ما يفتقده المنتخب السعودي    حوار - جوزيه يتحدث عن غضبه من مدير الكرة بالأهلي وعروض الزمالك.. ورأيه في كأس العالم للأندية    نقيب المحامين يشارك في الوقفة الاحتجاجية لرفض زيادة الرسوم القضائية.. ويؤكد: ندافع عن حق دستوري يتعلق بالعدالة    انطلاق مؤتمر الوعي الوطني للشباب تزامنًا مع ذكرى 30 يونيو الإثنين المقبل    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    بعد نشر "أهل مصر".. محافظ المنوفية يوجه بصرف مساعدات مالية لفتاتين يتيمتين من ذوي الهمم    انتهاء رفع أنقاض "عقار شبرا المنهار".. ولا ضحايا حتى الآن | فيديو وصور    السيسي يُعلن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية بالعاصمة الجديدة    وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الوادي الجديد فرص الاستثمار في المخلفات    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    وزير الثقافة يفتتح قصر ثقافة نخل بشمال سيناء لتعزيز الدور التنويرى    سامو زين يستعد لطرح ميني ألبوم جديد    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    ما هي سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم؟.. المفتي السابق يجيب    محافظ الدقهلية يفاجئ مستشفى السنبلاوين ويبدي رضاه عن الأداء    عبدالغفار: مصر حريصة على ترسيخ شراكات أفريقية مستدامة في المجال الصحي    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    في ذكرى رحيله.. عاطف الطيب مخرج الواقعية الذي وثق هموم البسطاء وصراع الإنسان مع السلطة    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    دعاء الحفظ وعدم النسيان لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحان    وفاه شخص وإصابة آخرين إثر انفجار فى وحدة تكرير صينى بمصنع بنى قره للزيوت بالقوصية فى أسيوط    محافظ أسيوط يؤكد أهمية متابعة المحاصيل الزراعية وتقديم الدعم الفني للمزارعين    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    المجموعة الخليجية بالأمم المتحدة تحذر من تداعيات استمرار التصعيد بالشرق الأوسط    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    علاج 1632 مواطنا بقافلة طبية بقرية بالشرقية.. مجانا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    احتفاء رياضى باليوم الأوليمبى فى حضور وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة الاستقواء بالخارج وتبرير تدخله في الشأن الداخلي‏,2-2]‏
تصويت الأغلبية تأكيد للحفاظ علي الهوية‏..‏ وإعلان للرفض القاطع لمخططات التطبيع الانهزامية
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 12 - 2011

بالرغم من عدم اكتمال ثورة‏52‏ يناير وكل ما يقال عن الفلول والأذناب والطابور الخامس وكل ما يتردد عن نجاح الثورة فقط لاغير في اسقاط رأس النظام وبقاء واستمرار النظام بتركيبته الفاعلة والمؤثرة حتي اليوم‏. وما يصنعه كل ذلك من احباطات وهموم لدي القاعدة العريضة من المواطنين, وهو مايعمقه الانفلات الأمني القسري والترويع الاقتصادي الممنهج, بالرغم من كل ذلك وغيره كثير, فإن ما حققته الثورة علي أرض الواقع يفوق الخيال ويفوق التصور بحسابات اليقظة القومية والتنبه العام من الغفلة, وما صنعته الثورة من إصرار إنساني علي استعادة جميع الحقوق حتي لو كانت حقوقا فئوية يصفها البعض بضيق النظر والنظرة من المنظور الضيق الخانق الرافض لفهمها في إطار ونطاق استعادة الانسان لقدرته في الدفاع عن جميع حقوقه, والاستماتة في استعادة الحقوق الانسانية المشروعة تعبيرا عن استعادة الشعور بالكرامة, والشعور بالشرف والشعور بالقيمة الانسانية, ولا يقل أهمية وخطورة في خانة النجاحات الكبري والعظمي للثورة ما حققته من إطلاق وانطلاق لجميع القوي والفئات والتيارات لكي تتصارع فيما بينها علي الملأ في ساحة الوطن الكبيرة بعيدا عن موبقات العمل السري وملاحقة اتهامات التنظيمات غير المشروعة التي تطاردها سلطات الدولة بالإرهاب والقمع والاستبداد. وقد أتاح ذلك المناخ الصحي الجديد بالرغم من كل ما يحيط به من مهاترات وتجاوزات أن يعرف المصريون بعضهم البعض حق المعرفة وأن تواجه جميع التيارات الفكرية والعقائدية والدينية نور الشمس الساطعة والحارقة, وهو الأمر الذي لابد أن يؤدي إلي الفرز الحقيقي وإلي التصويب والتصحيح وصولا لبناء الفكر المصري الوسطي الأصيل القادر علي قيادة سفينة الوطن لبر الأمان والطمأنينة.
وقد أثبتت بوصلة الإرادة الشعبية الدقيقة علي امتداد الفترة الأخيرة أن هناك توافقا بين الأغلبية علي رفض التطرف والطائفية والعنصرية والفئوية بجميع صورها وأشكالها, كما أثبتت التوافق المتصاعد الحلقات والنطاقات علي الادانة القاطعة للعهد البائد والفاسد وجميع رموز تشكيله العصابي الاجرامي, وأن ما عجزت حكومة عصام شرف البائدة عن تحقيقه نزولا علي رغبة الشعب وضغوطه قد قام الشعب بتطبيقه عمليا من خلال صناديق الانتخابات باسقاط الفلول بالرغم من كل أساليب الترغيب والترهيب المرضية المبتذلة التي مارسوها علي أوسع نطاق ومدي, ولايقل عن ذلك أن الوعي الجديد قد منع الغالبية العظمي من رموز الفلول المستعلية والمتكبرة في الماضي من أن تتجرأ وتفكر ولو للحظة واحدة بخوض العملية الانتخابية, واللافت للانتباه الدرجة العالية من تأمين العملية الانتخابية بوعي ودرجة السلامة والطمأنينة العالية للغاية التي تمت تحت ظلالها علي امتداد ربوع مصر, بالرغم من الفوضي الأمنية الخانقة والمستفزة والبلطجة التي تروع الآمنين علي امتداد القري والنجوع بغير ضبط وفي غياب لأي صورة من صور التدخل الأمني الحتمية والضرورية.
ويلفت النظر والانتباه أن هذه الدرجة العالية من الحرص الشعبي العام علي استكمال واتمام العملية الانتخابية بعيدا عن التزييف والتزوير للارادة الشعبية وبعيداعن الاحتيال للسطو عليها بجميع الصور والأشكال قد عبرت عن نفسها, علي الرغم من الفوضي الفكرية الصاخبة التي تظلل ساحة العملية الانتخابية وما تحمله من أقوال صادمة للمشاعر ومستفزة لها في الكثير من الأحيان, يضاف لذلك أن العملية الديمقراطية وما ارتبط بها من تشكيل لاحزاب جديدة قد أعلن علي الملأ أن هناك قوي سياسية وقوي دينية صاعدة ما كان يعلم عنها المواطن العادي إلا أقل القليل, ودخل في صدام مع أفكارها للرفض أو للقبول بصورة فجائية, وأثبتت نتائج المرحلة الأولي للانتخابات انها تملك بالفعل قوة تصويتية جماهيرية تستوجب القواعد الديمقراطية احترامها والتعامل معها بدرجة عالية من الوعي والادراك لحقائق الحياة المصرية التي كانت شبه غائبة عن حسابات النخب وهي التي كانت ومازالت تملك منصات الكلام الاعلامية وتحتكر حق الفتوي في الصح والخطأ في حياة مصر والمصريين بغير أن تعرفهم ودون أن تملك القدرة والمقدرة علي الغوص في أعماقهم لاكتشاف اختياراتهم الدفينة التي تترقب لحظة الخلاص من الطاغوت الأكبر.
مخاصمة الناخب لاغراءات رأس المال وتدخلات رجال الاعمال
وهؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالليبراليين والعلمانيين ويضمون تحت أجنحتهم كل أهل اليسار بجميع أطيافه ويصفون أنفسهم بأنهم ضمير الثورة وحماتها وموقدو نيرانها, وحالة الغضب الشديدة التي دخلوا فيها مع فوز التيارات الاسلامية بالأغلبية وأحاديثهم المتواصلة عن سرقة الثورة, وصولا إلي مسارعة رأس حزب المصريين الأحرار بطلب التدخل الخارجي بحثا عن المساندة والدعم في مواجهة غول الاسلاميين المخيف والمرعب كما يقولون ويدعون كان من الأجدر بهم أن يفتشوا في دفاترهم القديمة يوم أن كان جزء رئيسي منهم يلعب في ملعب النظام البائد الفاسد وفقا لشروطه وقواعده لمساندته في استكمال الديكور الديمقراطي المزعوم لحكم مافيا الجريمة المنظمة وما يحيطهم من اتهامات قاسية بالانتهازية السياسية في دركها الأسفل والعلاقات المشبوهة مع أركان التشكيل الحاكم, يضاف لذلك ما حققه البعض منهم من ثروات ضخمة تفوق العقل والخيال والمنطق المالي والاقتصادي السليم لتراكم الثروة والمال وحيازة المنافع والأرباح.
وبعد الكشف عن دور بعض رموز رجال الأعمال الفاسدين في موقعة الجمل الاجرامية في الأيام القليلة السابقة علي الانهيار الصاعق للطاغية ونفاذ قرار الثورة باعفائه قسرا لثبوت الخيانة والعمالة سعت الغالبية العظمي من مافيا الجريمة المنظمة للاختفاء وادارة الأعمال الشيطانية المضادة للثورة عن طريق الوكالة من خلال الصبيان والازلام وشذ عن هذه القاعدة عدد قليل للغاية يتصدرهم نجيب ساويرس مؤسس حزب المصريين الأحرار ومؤسس الكتلة المصرية الانتخابية مخالفا جميع قواعد الأمان المفروضة عالميا حتي في أعتي الدول الرأسمالية علي كبار رجال الأعمال التي تحرمهم طوعا واختيارا من الدخول في أتون المعارك الانتخابية, بالرغم من انغماسهم غير المباشرة فيها بحكم مصالحهم وارتباطاتهم من خلال الاكتفاء دوما بتوفير الأموال الضخمة لتمويل الحملات الانتخابية للأعوان الممثلين لفكرهم ومصالحهم, ومن يدخل منهم في معترك الحياة السياسية لابد وأن يكتوي بنيرانها وألا يغيب عن ذهنه ووجدانه أنه حتي القديسة الفرنسية جان دارك بطلة المقاومة الأسطورية لتحرير فرنسا من المستعمر البريطاني قد تم حرقها حية بتهمة الكفر والزندقة, وبحكم أصدره مجلس الكنيسة الأعلي في فرنسا, ولكن يلوح في الأفق أن المسئولية المباشرة عن تنفيذ المخططات الكبري للهدم تفقد البعض رغما عنهم كل لزوميات الحيطة والحذر.
ومشكلة المشاكل أن الإخوة الليبراليين والعلمانيين لايملكون القدرة علي أن يواجهوا الشعب المصري بتفصيلات افكارهم ومبادئهم وهم بذلك يتصورون أن المواطن لايملك الأهلية الكاملة للتعامل مع الحقائق الفكرية ويستحيل عليه أن يفرز معانيها ويقوم بالتفرقة بين مفرداتها الفكرية والفلسفية العويصة ويشاركهم في هذا المأزق الفكري والأخلاقي حتي هؤلاء الذين يعيشون حياتهم في حالة من المثالية الثورية أو في حالة من المراهقة الثورية, ويرجع ذلك بالدرجة الأولي لغياب دور الرقيب الشعبي المحايد متمثلا في دور النخب عالية الثقافة والعلم والمعرفة التي قامت في الحضارة الغربية بوظيفة رئيسية في الفرز للتيارات الفكرية الرئيسية وصنعت لكل منها سياجا متكاملا يحدد هويتها وملامحها الدقيقة, ومكنت الجمهور من خلال الثقة بها كمرجعية حريصة علي الصالح العام من الفهم والفرز وتمكنت في النهاية من أن تصنع صبغة عامة للدولة وللنظم مهما تعدلت وتغيرت مفرداتها علي أرض الواقع, ويعني ذلك أن الليبرالية والعلمانية شعارات شديدة العمومية لاتعكس إلا قواعد شديدة العمومية أيضا, بما يستوجب علي التيارات السياسية ان تحدد مفهومها الواضح لما تتضمنه من التزامات واقعية وسياسات فعلية, وعلي سبيل المثال فإن العلمانية الفرنسية وتطبيقاتها تحت حكم اليمين الفرنسي المحافظ تحت رئاسة ساركوزي صاحب الأصول اليهودية غير المخفية والمعلنة سمحت حتي في ظل الخلفية الكاثوليكية للدولة بتضييق الخناق علي المسلمين ومنع رفع الأذان ومنع الحجاب من خلال ماتملكه من أغلبية في السلطة التشريعية, في حين أن بريطانيا في ظل الخلفية البروتستانتية للدولة وحتي مع انتقال الحكم من حزب العمال اليساري إلي حزب المحافظين اليميني لم تتجه لاصدار مثل هذه التشريعات وحتي المانيا صاحبة تجربة الحكم النازي وايطاليا صاحبة تاريخ الحكم الفاشي وقلعة الكاثوليكية في العالم بحكم وجود الفاتيكان علي أرضها لم تتخذ إجراءات مماثلة, وتم التضييق علي المسلمين بدرجة كبيرة إلي حد منع اقامة المآذن للمساجد باستفتاء شعبي في الكونفيدرالية السويسرية صاحبة تعدد الأعراق والأجناس واللغات داخل الكوميونات التي تتشكل منها الدولة وهو ما يثبت أنه حتي علي مستوي دول أوروربا التي ترفع شعار العلمانية وفصل الدين عن الدولة فإن رؤيتها لقضايا الحريات الانسانية الكبري وفي مقدمتها حدود الاحترام لأصحاب المعتقدات الدينية التي تشكل أقلية تتعدد وتختلف!
احداث العالم وما صنعته من التباس لمفهوم الديمقراطية والحرية
وتؤكد أحداث العالم علي امتداد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والتي تأثر بها بشكل مباشر عقل ووجدان الانسان المصري وما تضمنته من مؤشرات فظة علي ملاحقة ومطاردة الاسلام كعقيدة والمسلمين كأفراد وبشر, تؤكد حقيقة بالغة الأهمية علي أرض الواقع شكلت قوة ضاغطة مخيفة علي عقل ووجدان الانسان العربي والمسلم وصنعت بدورها الالتباس الشديد في فهم الديمقراطية والحريات الانسانية بتطبيقاتها المعاصرة من باب مدي حرصها علي احترام الآخر وعقائده وحريته في التعبير عن آرائه وحياته كل ذلك باعتباره حقا أصيلا من حقوق الانسان وهو ما أعاد الي ذاكرة الاحداث المعاصرة كل عذابات وآلام الحقبة الاستعمارية الأوروبية ليس فقط في أذهان المصريين والعرب والمسلمين ولكن في أذهان كل الأفارقة وكل الأسيويين وأعاد الي سطح الأحداث بقوة صورة الحضارة الأوروبية الاستعلائية ومفاهيم سيادة الرجل الأبيض ودونيه أجناس الأرض الأخري وأعاد لعقل ووجدان الأفارقة علي سبيل المثال قيود المستعمر الخانقة التي كانت تمنعهم من دخول الأماكن التي يرتادها البيض وتصدمهم عند مداخلها الاعلانات الشيطانية عليها بمنع دخول السود والكلاب وهو ما كان يطبق بأبشع صوره وأشكاله حتي الستينيات في أمريكا في تجسيد مخز لابشع صور العنصرية والتفرقة والاستعلاء علي الآخر بسبب اللون والعرق حتي لو كانوا من المسيح يين من نفس المذهب ووصلت التفرقة إلي أنه كانت هناك في أمريكا كنائس للسود وكنائس للبيض لا يسمح لاسود بدخولها بحكم سياسات التمييز والفصل العنصري.
ولو كان من يسمون أنفسهم ليبراليين وعلمانيين في مصر كأحزاب سياسية قد أثبتوا في تاريخهم السابق للثورة أنهم تلاميذ نجباء للسماحة الانسانية بمفهومها الانساني الرائع والعميق ورفعوا عمليا شعار الفيلسوف الفرنسي الشهير فولتير فيلسوف الثورة الفرنسية قد اختلف معك في الرأي ولكني علي استعداد أن ادفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رأيك, بديلا عن ارتماء كياناتهم الحزبية الكرتونية في احضان النظام القمعي الديكتاتوري المستبد لتمكنوا بالفعل من حصد تأييد الآراء الشعبية أو علي الأقل قطاعات عريضة منهم وهو نفس الأمر بالنسبة للتيارات الماركسية الشيوعية التي تخفي تاريخها وقيامها كتنظيم في مصر تحت قيادة اليهودي هنري كورييل التلميذ النجيب للصهيونية العالمية والخطورة الراهنة انها بدأت تستقطب بعض جموع شباب الثورة في غفلة منهم عن القواعد المذهبية للماركسيين الأصوليين التي لا تعترف بالانتماء للوطن وتعادي فكرة القومية وترفض الاعتراف بالأديان باعتبارها أفيون الشعوب ولا تعترف إلا بالانتماء للطبقة العاملة علي امتداد خريطة العالم تحت عنوان يا عمال العالم اتحدوا وهو ما فجر ثورة عالمية علي الفكر الشيوعي الماركسي قبل أن ينجح المخطط الأمريكي الغربي الصهيوني في تقويض دعائم الامبراطورية السوفيتية وتكسير عظام المعسكر الشرقي الاشتراكي في أوروبا الشرقية وعلي امتداد خريطة العالم باستثناءات قليلة نادرة.
رفض التصويت لفلول التطبيع مع الكيان الصهيوني ودعاته
وتعليق الليبراليين والعلمانيين وجملة اليسار المصري شماعة تخلفهم وتراجعهم الحاد في الانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب علي التيار الاسلامي يتناسي حقائق صادمة علي أرض الواقع ترتبط بأعلي درجات الفساد التي مارسها العهد البائد الاجرامي والتي شكلت سببا رئيسيا للقطيعة الباتة معه وهدم جميع جسور الثقة والاحترام مع طاغوته الأكبر وهو ما يرتبط بتهم العمالة والخيانة لقضايا الوطن والارتماء في أحضان الغرب وأمريكا وتنفيذ المخططات الصهيونية الأمريكية الغربية لتقزيم مصر وتكسير عظامها وشل إرادتها وتحويلها من مارد عملاق الي قزم ذليل, ومجرد رصد سريع وغير متعجل لهؤلاء الذين قادوا بكل الهمة والنشاط عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني وروجوا للاستسلام للقوة الغاشمة والتعايش مع سطوتها وجبروتها يؤكد أن في مقدمتهم جماعة كوبنهاجن للتطبيع والاستسلام مع الكيان الصهيوني بقيادة لطفي الخولي اليساري الماركسي الشهير وصاحب كتاب( عرب نعم وشرق أوسطيون أيضا) ومعاونة الرئيس عبد المنعم سعيد ومكافأته بمنصب رئيس مجلس إدارة الأهرام الذي تولي أيضا مسئولية حجر الزاوية في حملة توريث جمال مبارك بعلاقاته الصهيونية والأمريكية التي كرس لخدمتها جهود مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام لسنوات طويلة بدعم من العراب الكبير رئيس مؤسسة الأهرام في ذلك الوقت وهو المركز الذي أنشأه محمد حسنين هيكل في الأصل والأساس ليكون بيت الفكر للقضية الفلسطينية والمعرفة بالعدو الصهيوني لمواجهة مخططاته وكشفها والتعريف بمخاطرها.
ويجب أن يتسلح شباب الثوررة بدرجة عالية من الوعي والمعرفة لادراك كل خبايا وأسرار كواليس مسرح الحياة السياسية والفكرية والثقافية الرديئة في مصر وطبيعة الجرائم البشعة التي ارتكبت في حق مصر أم الدنيا لضمان الاختراق الثقافي الهاديء والمنظم ولضمان تشويه الاطار القيمي الحضاري المتجذر في النفوس علي امتداد سبعة آلاف سنة من الحضارة وتحويله الي مسخ مشوه لا يملك جذورا ولا يستطيع الالتصاق بجذور التغريب الوافدة من الخارج فيتحول الي أضحوكة أمام نفسه وأمام الآخرين في ظل فقدان الهوية والانتماء والتاريخ وللأسف الشديد فإن شباب مصر في القرنين التاسع عشر وحتي منتصف القرن العشرين كانوا أكثر حظا لأنهم كانوا يتعاملون مع نخب فكرية تملك الكثير من الشجاعة لأن يعترف بعضهم علنا وعلي رءوس الاشهاد بأنه ملحد فيتيح الفرصة العلنية أيضا للآخرين بأن يدخلوا حلبة صراع الفكر ليقولوا أنهم متدينون وضد الالحاد ويتحول الأمر الي جدل فكري يستفيد منه وعي وإدراك الانسان المصري ولكن وبعد ثورة23 يوليو1952 تحولت النخب للاحتماء بخندق التقية وأخفت حقيقة أفكارها وحقيقة أفكار العالم وقام اليساريون بالاشتراك المباشر في جريمة إخفاء حقائق العالم ومتغيراته بدقائقها وتفصيلاتها عن الانسان المصري مع طوفان تكسير عظام الشيوعية عالميا وخوفهم من تزين الشعب بمسلميه ومسيحيه فغرقت أم الدنيا في بحر الظلمات المؤلم والموحش وهو ما يثبت ويؤكد الغربة الشديدة التي يتعامل بها الشعب مع النخب المتصدرة للمشهد السياسي والثقافي في مصر التي تعمقها فضائيات الفلول والتخلف الحقيقي بفرض مجموعة من الوجوه لا تزيد أعدادها عن ضعف أصابع اليدين تستفتيها في كل شيء وأي شيء وتخفي دوما اكثر مما تنفصح وتختلف الاوهام والمعازير الكاذبة مما صنع استفزازا حقيقيا لعقل ووجدان الانسان وصداما مباشرا مع العنوان الكبير الذي يتشدقون به جميعا الذي هو الليبرالية والعلمانية والجماعات اليسارية حتي تحول الي رجس من عمل الشيطان.
وهؤلاء الذين يصرخون ليل نهار ويثيرون الرعب والفزع من الأغلبية الكاسحة التي حصل عليها حزب الحرية والعدالة الممثل للإخوان المسلمين وحزب النور الممثل للتيارات السلفية وهي بالمناسبة وللعلم لا تشكل تيارا واحدا, كما الاخوان يجب أن يستعيدوا أولا موروث الانحراف البشع الذي أصاب أم الدنيا في مقتل علي امتداد العقود الثلاثة تحديدا تحت الحكم المباشر للعملاء والخونة, لمساعدتهم في فهم مايجري واستعادة التوازن ومجرد تصفح جريدة روزاليوسف اليومية وموضوع الصفحة الأولي الرئيسي عن حصول سيدة الفساد الأولي زوجة الطاغوت الاكبر علي300 مليون دولار رشوة مقابل تغيير مناهج التعليم والمقررات الدينية لصالح الكيان الصهيوني الغاصب والغاشم عن طريق اتفاقها مع خبراء الكيان الاستيطاني علي طباعة كتب دراسية جديدة تخلو من الاحاديث النبوية والآيات القرآنية والدروس التاريخية التي تدين اليهود وسلوكياتهم المعوجة لابد وأن يفسر جانبا من مشاعر الغضب الصاخبة للمصريين وهو ما يتواصل فهمه بشكل اوضح مع التقارير الصحفية المتوالية عن ثروة الطاغوت الاكبر وعائلته الفاسدة في الكيان الصهيوني واتفاقات الرشاوي في خط أنابيب الغاز بحضور السفاح شارون وخسائر مصر المروعة من تصدير الغاز بالغش والتدليس واللصوصية.
وتتأكد صدمة المصريين الفادحة والجرم الفائر في أعماقهم الباحث عن العلاج الشافي الغائب مع ما يتردد من تقارير صحفية عن العلاقات الوثيقة بين الطاغوت الأكبر وأسرته الفاسدة مع الكبار في الكيان الصهيوني وكذلك ما يتردد عن العلاقات الوثيقة بين كبار الرموز الفاسدة ومن بينهم يوسف بطرس غالي وزير المالية الذي قصم ظهر مصر المالي ودفع بمجمل أوضاعها في عمق مستنقع الانهيار المالي والاقتصادي وجنسيته الاسرائيلية وعمالته للمخابرات المركزية الأمريكية وغيرها من الاحاديث الفاضحة المستفزة, وهو ما يشكل في البداية والنهاية حقائق صادمة للانسان المصري تدفعه لأن يطارد علي أرض الواقع وبما يملكه من أدوات الأشباح الفعلية المسئولة عن سيرك النهب الثقافي والفكري لعقله ووجدانه وتجعله مصرا علي أن يعاقب جميع الرموز الظاهرة والباطنة لكودية الزار التي ركزت علي شغل اهتماماته بالتوافه والغرائز والأزمات الحياتية المفتعلة والمبرمجة وخاب ظنها بمفاجأة طوفان الثورة الشعبية العارم علي كامل الأرض المصرية من أقصاها الي أدناها وهو ما يثير قضية حالية ومستقبلية شديدة الأهمية والخطورة تؤكد أن اغتيال الفكر الحضاري والعقيدي للشعب المصري يشكل بؤرة الاحداث الراهنة ولا يقل خطورة وأهمية عن نهب مصر وتجريف ثرواتها والاستيلاء علي أموالها؟!.
المزيد من مقالات أسامة غيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.