مرة ثانية أبهرت مصر العالم بسيرعملية الانتخابات التشريعية التي ظل يراقبها باهتمام شديد ليس فقط من منطلق كثافة المشاركة والشفافية بل من حيث التنظيم والإدارة وسط الظروف السياسية المتوترة التي تمر بها البلاد.حيث أشعلت تلك الانتخابات. منابر الرأي وأحدثت حالة جدال شديد حول هذا التحول الديمقراطي وانسياق ثورات الربيع العربي تجاه التيارات الإسلامية. ففي الوقت الذي أثني فيه المراقبون الفرنسيون علي ما أسموه ماراثون الانتخابات التشريعية بمصر طرح البعض تساؤلات عدة...ماذا يريد الإسلاميون من الوصل الي السلطة...هل ستقوي هذه الأحزاب علي التصدي للتداعيات السلبية لتلك الثورات من الانفلات الأمني والمشاكل الاجتماعية التي تسود البلاد...وكيف يتوخي لهم مواجهة الأزمات الاقتصادية. وفي خضم أراء هؤلاء المحللين المتخوفين مما أسموه الإسلام السياسي ظهرت بعض وجهات النظر التي تري انه لا داعي من تخوف وصول الإخوان المسلمين المصريين للسلطة واصفين إياهم بالمعتدلين. وفي عملية رصد لردود الافعال كتبت صحيفة الباريزيان تحت عنوان' اختبار الديمقراطية' ان الإسلاميين قد خطوا نحو عملية التحول الي الديمقراطية بعد عهد مبارك.. وان اجراء الانتخابات في هذا السياق السياسي غير المستقر يعد نصرا حقيقيا للقوات المسلحة..ولم تغفل الجريدة الاشارة الي ان نجاح الاخوان في صناديق الاقتراع لم يأتي من فراغ لانهم من اكبر التيارات الحزبية تنظيما في مصر..واشار كاتب المقال الي ان الاخوان لا يدعون علنا الي'دولة اسلامية'لكن نفوذهم السياسي المتنامي يسبب مخاوف للأوساط العلمانية والمسيحية. اما المصريون بفرنسا فيروا ان الطريقة المتحضرة التي تمت بها الانتخابات في مصر تمثل عرسا حقيقيا للديمقراطية.ففي لقاءات متعددة للاهرام مع بعض المصريين في باريس يقول السيد حسن الوكيل(المقيم بفرنسا منذ اكثر من ثلاثة عقود)انه يشعر بكامل الفخر لما قالته ونقلته وسائل الاعلام الفرنسية عن سير الانتخابات بشفافية ويري ان الخروج المكثف لكافة شرائح المجتمع المصري من الجنسين ومن مختلف الاعمار ما هو الا دليل علي ايجابية المصريين وتعطش للديمقراطية. وعن التصويت من الخارج وبالرغم مما واجهوه من صعوبات علي موقع اللجنة العليا للانتخابات الا انه ابدي امتنانه لان تخويل هذا الحق-المشروع-للمصريين بالخارج لاختيار من يمثلهم تحت قبة البرلمان شيء رائع مرجئا تضاؤل نسبة المشاركة من الخارج الي عدم اتاحة الفرصة للتصويت بالرقم القومي واقتصاره علي الذين سجلوا انفسهم علي قوائم الناخبين بموقع لجنة الانتخابات ومع ذلك فهو يري انها خطوة هامة ومؤسسة في طريق الديمقراطية وتجربة بكر تحتاج الي سنوات ممارسة. وحول ما اثمرته صناديق الاقتراع بحصول التيارات الإسلامية علي الفوز في المرحلة الفائتة يري السيد محمود عطا الله انه امر طبيعي لان الأحزاب ذات المرجعية الاسلامية عانت من الاضطهاد والاعتقالات لزمن طويل ومع ذلك كانت تعمل وتجتهد واستطاعت من تكوين قاعدة شعبية عريضة.في حين كانت الاحزاب المدنية قائمة بدون اي مضايقات ومن المؤسف انهم لم يستطيعوا ان يحدثوا ما حققه الاخوان بل العكس كانوا يدخلون في صفقات مع النظام لاقصاء الاخر. وحول فوز الإخوان-ايضا-يري السيد ثروت البربري ان الإخوان المسلمين كانوا محاصرين بسبب اضطهاد السلطة لهم والإنسان حينما يكون محاصر غالبا ما ينظم نفسه اكثر. وابدي البربري استياءه من الاعلاميين الذين يخافون الذقون(الملتحون)-حسب تعبيره- متسائلا هل نحن الان نبحث عن مرشح يرتضي به الشعب المصري ام يرضي أهواء الغرب؟