مفارقة أكتوبر الأرقام تكشف ارتفاعًا شهريًا وتراجعًا سنويًا فى التصخم    نتنياهو يوجه رسالة إلى ترامب بعد مطالبته بالعفو عنه    تطورات مفاوضات الأهلي مع حامد حمدان.. وموقف اللاعب    تفاصيل مران منتخب مصر استعدادا لمواجهة أوزبكستان وديا    سموحة يفوز على الاتحاد في ذهاب نصف نهائي دوري السوبر لكرة السلة    طقس الخميس| تحذير من عدم استقرار وأمطار رعدية على هذه المناطق    نقابة المهن التمثيلية تنفى وفاة محمد صبحى.. والفنان الكبير لليوم السابع: أنا بخير    أكلات مهمة لطفلك ولكن الإفراط فيها يضر بصحته    رسمياً.. مجموعة ستاندرد بنك تفتتح مكتبها التمثيلي في مصر    السيسى يصدر قانون الإجراءات الجنائية بعد معالجة أسباب الاعتراض    موعد نهائى كأس السوبر المصرى لكرة اليد على قنوات أون سبورت    نجم منتخب فرنسا خارج مواجهة أوكرانيا    ديانج يدرس الاستمرار مع الأهلي رغم عرض سعودي مغري    وزير خارجية أوكرانيا: نحن بحاجة إلى دعم شركائنا لوضع نهاية للحرب الروسية    الكرملين: الأسلحة النووية مفيدة للردع لكن الخطاب النووي خطير    محافظ كفرالشيخ يتابع فعاليات المسابقة الفنية لمحات من الهند ببلطيم    تحصين 2.2 مليون رأس ماشية ضد «القلاعية»    احذرى، فلتر المياه متعدد المراحل يُفقد الماء معادنه    منتخب مصر مواليد 2009 يختتم استعداداته لمواجهة الأردن    مركز أبحاث طب عين شمس يحتفل بمرور خمس سنوات علي إنشاءه (تفاصيل)    غرامة 500 ألف جنيه والسجن المشدد 15 عاما لتاجر مخدرات بقنا    نائب المحافظ يتابع معدلات تطوير طريق السادات بمدينة أسوان    بعثة الجامعة العربية لمتابعة انتخابات مجلس النواب تشيد بحسن تنظيم العملية الانتخابية    أمور فى السياسة تستعصى على الفهم    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    الرئيس الفلسطيني يبحث مع رئيسة البرلمان الفرنسي تعزيز العلاقات الثنائية    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    صحفيو مهرجان القاهرة يرفعون صورة ماجد هلال قبل انطلاق حفل الافتتاح    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    مكتب التمثيل التجاري يبحث مع المانع القابضة زيادة استثمارات المجموعة فى مصر    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    ذكرى رحيل محمود عبد العزيز.. محطات وأسرار في حياة ساحر السينما المصرية    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غضب المعتمرين‏!‏

حرام عليكم‏.. عبارة جاءت علي مئات الألسنة بمكتب صحة قصر النيل بعد تكدس‏1500‏ مواطن في مكتب لا تزيد مساحته علي‏150‏ مترا. وذلك يوم الاربعاء الماضي بهدف الحصول علي التطعيمات اللازمة لاتمام إجراءات السفر وأداء مناسك العمرة‏,‏ وذلك تنفيذا لقرار وزارة الصحة قبل أيام بقصر عدد مكاتب الصحة علي‏3‏ بالقاهرة و‏29‏ بالمحافظات‏.‏
حديث الارقام يقول أن القاهرة تنظم‏30‏ منطقة طبية ويذهب للحج والعمرة سنويا‏200‏ ألف مواطن بالقاهرة يدفع كل منهم‏100‏ جنيه لتطعيمه ثلاثة تطعيمات إجبارية هي‏:‏ حقنة ضد الالتهاب السحائي‏,‏ وثمنها‏50‏ جنيها‏,‏ وحقنة ضد الإنفلونزا الموسمية‏,‏ وثمنها‏50‏ جنيها‏,‏ وحقنة ضد إنفلونزا الخنازير مجانا منذ يناير‏2010‏ وبذا يصل ما يدفعه جميع المعتمرين والحجاج لمكاتب الصحة في القاهرة وحدها مقابل التطعيمات إلي عشرة ملايين جنيه سنويا‏,‏ علي الأقل‏.‏
في السياق نفسه‏,‏ يوجد بالقاهرة مائة مكتب صحة‏,‏ تم اختيار‏21‏ مكتبا فقط منها لتطعيم الحجاج والمعتمرين‏,‏ وحرمان‏80‏ مكتبا‏,‏ وهو نظام معمول به منذ أكثر من عشر سنوات بخلاف أربعة مكاتب لتحصين المسافرين ليكون الإجمالي‏25‏ مكتبا‏,‏ يقدم التطعيمات يعمل بها أكثر من‏250‏ موظفا‏,‏ ويعولون‏250‏ أسرة‏.‏ ويتم توزيع المكافآت علي القائمين بالتطعيم في ال‏25‏ مكتبا بواقع نسبة‏8%‏ من العائد في كل مكتب‏,‏ ومتوسط قيمة هذه المكافأة للفرد بين‏200‏ و‏2000‏ جنيه شهريا‏,‏ سواء كان مدير المنطقة أو مفتش الصحة أو الكاتب أو الممرضة‏,‏ إلخ‏,‏ بحيث أصبحت هذه المكافأة الشهرية جزءا لا يتجزأ من الدخل الشهري للموظف الذي تعتمد عليه أسرته‏.‏
وإلي وقت قريب كانت هناك فئة السماسرة وأغلبهم من مندوبي شركات الحج والعمرة أو مندوبي الجمعيات الأهلية العاملة في تسفير المعتمرين والحجاج وغيرهم‏.‏ وكان كل سمسار من هؤلاء يعرف كاتب المكتب أو مديره أو عضو مجلس شعب‏,‏ وبذلك كان الطريق ينفتح له‏,‏ إذ كان يذهب إلي كاتب الصحة‏,‏ ومعه كشف بأسماء مائة أو مائتي شخص‏,‏ ويدفع عن كل منهم عشرة جنيهات زيادة عن قيمة التطعيم بحيث يتسلم بطاقة التطعيم جاهزة دون أن يحضر الشخص نفسه إلي المكتب‏!‏
وهكذا فاحت رائحة الفساد في بعض مكاتب الصحة‏,‏ ولم ينج منها مكاتب المحكمة والمنيل وقصر النيل‏,‏ وهي المكاتب المخصوصة بتقديم التطعيمات للحجاج والمعتمرين‏,‏ في القرار الأخير‏,‏ وبدلا من أن يتم حل المشكلة‏,‏ بتعميم التطعيمات علي مستوي المائة مكتب أو علي الأقل زيادة عدد المكاتب إلي‏60‏ مكتبا بدل‏20,‏ خاب ظن الجميع‏,‏ وتم مفاجئتهم في منتصف فبراير الماضي بقرار قصر التطعيمات علي المكاتب الثلاثة المذكورة‏!‏
ومن ثم وصل عدد المترددين إلي نحو‏700‏ شخص يوميا في الأسبوع الأول من صدور القرار علي مكتب صحة قصر النيل وحده‏,‏ وسوف يصل إلي أضعاف هذا العدد في عمرة رمضان المقبل‏,‏ فماذا يعني تكدس مثل هذا العدد يوميا‏,‏ ومعظمهم من كبار السن في شقة واحدة‏,‏ علي كاتب صحة واحد‏,‏ وثلاث ممرضات‏,‏ بمتوسط مائة ألف جنيه شهريا يدفعها المتعاملون‏,‏ أي نحو ثلاثة ملايين جنيه شهريا‏,‏ يحصل أحد المسئولين من ورائها علي‏75‏ ألف جنيه شهريا‏,‏ أي نحو‏2500‏ جنيه يوميا‏,‏ من نسبة ال‏8%‏ المخصصة للعاملين في المكتب؟‏!‏
التساؤل يطرحه الدكتور صابر إبراهيم محمد مفتش صحة مكتب الخليفة في مذكرة تحقق فيها حاليا هيئة الرقابة الإدارية‏,‏ ويبدي فيها اندهاشه من حرمان العاملين في‏20‏ مكتبا للصحة بها أكثر من مائتي شخص‏,‏ من دخل شهري ثابت يتراوح بين‏200‏ و‏2000‏ جنيه‏,‏ ظلوا يتقاضونه لأكثر من عشر سنوات‏,‏ وصار جزءا لا يتجزأ من قوت ابنائهم في وقت يستفيد فيه العاملون بالمكاتب الثلاثة‏,‏ ومن ورائهم مسئولون من تجارة التطعيمات؟‏!‏ وجه آخر للمشكلة يتمثل في تعذيب المواطنين‏,‏ وكما يوضح الدكتور صابر فإن محافظة الشرقية بها‏15‏ مركزا متناثرا يبدأ بمنيا القمح‏,‏ وتنتهي بمركز الحسينية‏,‏ لكن يجب علي آلاف المواطنين أن يتحركوا من قراهم إلي مكتب صحة واحد بالزقازيق للحصول علي التطعيم‏,‏ فأي عذاب هذا‏,‏ علما بأن الشرقية يوجد بها نحو‏300‏ مكتب صحة موزعة بجميع القري‏,‏ ويعمل بها نحو خمسة آلاف موظف‏,‏ وجميع هذه المكاتب تقوم بتطعيم عشرات الآلاف من الأطفال سنويا مجانا‏,‏ والجميع يشعرون بالغبن لعدم حصولهم علي أي مبالغ من تطعيم الحج والعمرة؟‏!‏ في مكتب صحة قصر النيل حيث اصطف آلاف المواطنين بالمئات في رحلة عذاب بحثا عن التطعيم‏,‏ واجهت الدكتور وجدي عبد المعز مدير المكتب‏,‏ فأقر بأن العديد من المواطنين انتظروا ساعات طويلة في انتظار التطعيمات بالمكتب دون جدوي‏,‏ وأن بعضهم غادر غاضبا‏.‏ نحن موظفون ننفذ التعليمات‏..‏ العبارة نفسها رددها الدكتور محمود الديب مدير مكتب صحة المنيل ثاني المكاتب التي حددها القرار لتلقي التطعيمات‏,‏ رافضا التعليق علي ما أسفر عنه القرار من تعذيب المواطنين‏,‏ وإرهاقهم في التنقلات‏.‏
أنا أيضا أنفذ التعليمات‏..‏ هكذا قالت الدكتور نيبال السيد أحمد عبدالقادر مديرة مديرية الشئون الصحية بمحافظة القاهرة‏.‏
نهاد صالح الكاتبة الصحفية بجريدة الأهرام تروي تجربتها مع القرار‏,‏ فتقول‏:‏ توجهت في الاسبوع الماضي مع خالتي التي ستسافر لأداء العمرة إن شاء الله يوم‏18‏ مارس الجاري إلي المكتب الذي حددته وزارة الصحة لأخذ التطعيمات‏,‏ لكننا لم نستطع الدخول‏,‏ نتيجة الزحام الشديد‏,‏ وهالنا الأمر‏,‏ ولم ندر ماذا نفعل‏,‏ فاتصلنا بالشركة السياحية التي تعاقدت معها خالتي‏,‏ ومن ثم أبلغتنا بضرورة المجيء بشهادة التطعيم الأمر الذي اضطرنا إلي الذهاب لهيئة المصل واللقاح‏,‏ حيث تم التطعيم علي نفقتنا الخاصة‏.‏
رواية أخري لعاشور محمد جنيدي إذ يقول إنه أراد التطعيم بهدف إتمام إجراءات السفر لأداء العمرة أيضا‏,‏ فتوجه لمكتب الصحة القريب من مسكنه‏,‏ لكنه فوجيء بهم يخبرونه بأنه تقرر إلغاء التطعيم فيه‏,‏ وأن عليه التوجه إلي أحد المكاتب الثلاثة التي تم تخصيصها لذلك‏.‏
متضامنا مع الآراء السابقة‏,‏ يتساءل الدكتور أحمد عبد الله مفتش صحة الزاوية الحمراء القديمة عن الهدف من صدور القرار‏,‏ مؤكدا أنه أضر بالمواطنين‏,‏ خاصة كبار السن والنساء‏,‏ وبنا نحن العاملين في مكاتب الصحة إذ كنا نحصل علي نسبة‏8%‏ من عوائد التطعيم لكننا حرمنا بجرة قلم منها‏,‏ لتعود رواتبنا في الحضيض مرة أخري‏!‏ ومتفقا معه‏,‏ يقول الدكتور علاء الدين السيد مفتش صحة الظاهر إن المواطنين عندما يعلمون بأن المكتب لم يعد يقدم التطعيمات يقومون بالدعاء علينا‏,‏ وعلي الوزارة‏.‏
في السياق نفسه‏,‏ يبدي الدكتور بركات عز الدين محمد مفتش مكتب صحة العباسية‏,‏ اندهاشه من معايير اختيار المكاتب لتقديم التطعيمات للحجاج والمعتمرين‏,‏ مشيرا إلي أنه في الوقت الذي تم اختيار مكتب صحة النزهة الكائن بمصر الجديدة‏,‏ البعيد عن متناول المواطنين تم تجاهل مكتب صحة العباسية برغم أنه يقع علي مساحة قدرها‏750‏ مترا مربعا‏,‏ ومعطم المواصلات تمر به‏,‏ فضلا عن وجود مكاتب للعديد من شركات السياحة‏,‏ والجمعيات الخيرية‏,‏ التي تنظم رحلات العمرة في محيطه؟
والأمر هكذا‏,‏ يكشف عادل فتحي رئيس جمعية روضة السلام لتنمية المجتمع بمنطقة دار السلام عن أن جمعيته تقدمت بطلب إلي الإدارة العامة لمنطقة السلام الطبية من أجل السماح بأن يكون تطعيم الحجاج والمعتمرين في الإدارة الطبية بدار السلام‏,‏ تيسيرا علي مواطنيها الذين يضطرون للذهاب إلي مكتب صحة المعادي‏,‏ أو صقر قريش‏,‏ أو المنيل‏,‏ وكلها بعيدة عن دار السلام‏,‏ لكن جاء القرار الجديد ليقطع الطريق علي الطلب‏,‏ وآمال المواطنين‏.‏
في المقابل رفض المجلس الشعب المحلي لحي الخليفة والمقطم الوقوف متفرجا علي الموقف‏,‏ ويكشف خالد ياسين رئيس اللجنة الصحية في المجلس‏,‏ عن أنه بعد كفاح طويل تم الاتفاق علي فصل المقطم عن الخليفة صحيا‏,‏ وتم إنشاء مكتب صحة للمقطم‏,‏ منفصلا عن الخليفة‏,‏ من أجل التيسير علي المواطنين‏,‏ لنفاجأ بالقرار الجديد‏,‏ الذي ألغي التطعيمات بالمكتبين معا‏,‏ أي أن أي مواطن في المنطقتين يبحث عن التطعيم لابد له من التوجه إلي أحد المكاتب المذكورة في القرار‏,‏ ما يرهق المواطنين‏,‏ لذا رفضنا في المجلس هذا القرار‏,‏ ورفع الطلب إلي مجلس محلي المحافظة بعودة الأمر إلي ما كان عليه‏,‏ رحمة بكبار السن‏,‏ ومنعا لتضييق وزارة الصحة علي موظفيها الشرفاء‏,‏ وتفعيلا لمكاتب الصحة‏.‏
حرام عليكم‏..‏ ليه بتعذبونا عبارة جاءت علي ألسنة مئات المواطنين بمكتب صحة قصر النيل يوم الاربعاء الماضي بعد تكدس‏1500‏ مواطن في مكتب لا تزيد مساحته علي‏150‏ مترا بهدف الحصول علي التطعيمات اللازمة لاتمام إجراءات السفر وأداء مناسك العمرة‏,‏ وذلك تنفيذا لقرار وزارة الصحة قبل أيام بقصر عدد مكاتب الصحة علي‏3‏ بالقاهرة و‏29‏ بالمحافظات‏.‏
حديث الارقام يقول أن القاهرة تنظم‏30‏ منطقة طبية ويذهب للحج والعمرة سنويا‏200‏ ألف مواطن بالقاهرة يدفع كل منهم‏100‏ جنيه لتطعيمه ثلاثة تطعيمات إجبارية هي‏:‏ حقنة ضد الالتهاب السحائي‏,‏ وثمنها‏50‏ جنيها‏,‏ وحقنة ضد الإنفلونزا الموسمية‏,‏ وثمنها‏50‏ جنيها‏,‏ وحقنة ضد إنفلونزا الخنازير مجانا منذ يناير‏2010‏ وبذا يصل ما يدفعه جميع المعتمرين والحجاج لمكاتب الصحة في القاهرة وحدها مقابل التطعيمات إلي عشرة ملايين جنيه سنويا‏,‏ علي الأقل‏.‏
في السياق نفسه‏,‏ يوجد بالقاهرة مائة مكتب صحة‏,‏ تم اختيار‏21‏ مكتبا فقط منها لتطعيم الحجاج والمعتمرين‏,‏ وحرمان‏80‏ مكتبا‏,‏ وهو نظام معمول به منذ أكثر من عشر سنوات بخلاف أربعة مكاتب لتحصين المسافرين ليكون الإجمالي‏25‏ مكتبا‏,‏ يقدم التطعيمات يعمل بها أكثر من‏250‏ موظفا‏,‏ ويعولون‏250‏ أسرة‏.‏ ويتم توزيع المكافآت علي القائمين بالتطعيم في ال‏25‏ مكتبا بواقع نسبة‏8%‏ من العائد في كل مكتب‏,‏ ومتوسط قيمة هذه المكافأة للفرد بين‏200‏ و‏2000‏ جنيه شهريا‏,‏ سواء كان مدير المنطقة أو مفتش الصحة أو الكاتب أو الممرضة‏,‏ إلخ‏,‏ بحيث أصبحت هذه المكافأة الشهرية جزءا لا يتجزأ من الدخل الشهري للموظف الذي تعتمد عليه أسرته‏.‏
وإلي وقت قريب كانت هناك فئة السماسرة وأغلبهم من مندوبي شركات الحج والعمرة أو مندوبي الجمعيات الأهلية العاملة في تسفير المعتمرين والحجاج وغيرهم‏.‏ وكان كل سمسار من هؤلاء يعرف كاتب المكتب أو مديره أو عضو مجلس شعب‏,‏ وبذلك كان الطريق ينفتح له‏,‏ إذ كان يذهب إلي كاتب الصحة‏,‏ ومعه كشف بأسماء مائة أو مائتي شخص‏,‏ ويدفع عن كل منهم عشرة جنيهات زيادة عن قيمة التطعيم بحيث يتسلم بطاقة التطعيم جاهزة دون أن يحضر الشخص نفسه إلي المكتب‏!‏
وهكذا فاحت رائحة الفساد في بعض مكاتب الصحة‏,‏ ولم ينج منها مكاتب المحكمة والمنيل وقصر النيل‏,‏ وهي المكاتب المخصوصة بتقديم التطعيمات للحجاج والمعتمرين‏,‏ في القرار الأخير‏,‏ وبدلا من أن يتم حل المشكلة‏,‏ بتعميم التطعيمات علي مستوي المائة مكتب أو علي الأقل زيادة عدد المكاتب إلي‏60‏ مكتبا بدل‏20,‏ خاب ظن الجميع‏,‏ وتم مفاجئتهم في منتصف فبراير الماضي بقرار قصر التطعيمات علي المكاتب الثلاثة المذكورة‏!‏
ومن ثم وصل عدد المترددين إلي نحو‏700‏ شخص يوميا في الأسبوع الأول من صدور القرار علي مكتب صحة قصر النيل وحده‏,‏ وسوف يصل إلي أضعاف هذا العدد في عمرة رمضان المقبل‏,‏ فماذا يعني تكدس مثل هذا العدد يوميا‏,‏ ومعظمهم من كبار السن في شقة واحدة‏,‏ علي كاتب صحة واحد‏,‏ وثلاث ممرضات‏,‏ بمتوسط مائة ألف جنيه شهريا يدفعها المتعاملون‏,‏ أي نحو ثلاثة ملايين جنيه شهريا‏,‏ يحصل أحد المسئولين من ورائها علي‏75‏ ألف جنيه شهريا‏,‏ أي نحو‏2500‏ جنيه يوميا‏,‏ من نسبة ال‏8%‏ المخصصة للعاملين في المكتب؟‏!‏
التساؤل يطرحه الدكتور صابر إبراهيم محمد مفتش صحة مكتب الخليفة في مذكرة تحقق فيها حاليا هيئة الرقابة الإدارية‏,‏ ويبدي فيها اندهاشه من حرمان العاملين في‏20‏ مكتبا للصحة بها أكثر من مائتي شخص‏,‏ من دخل شهري ثابت يتراوح بين‏200‏ و‏2000‏ جنيه‏,‏ ظلوا يتقاضونه لأكثر من عشر سنوات‏,‏ وصار جزءا لا يتجزأ من قوت ابنائهم في وقت يستفيد فيه العاملون بالمكاتب الثلاثة‏,‏ ومن ورائهم مسئولون من تجارة التطعيمات؟‏!‏ وجه آخر للمشكلة يتمثل في تعذيب المواطنين‏,‏ وكما يوضح الدكتور صابر فإن محافظة الشرقية بها‏15‏ مركزا متناثرا يبدأ بمنيا القمح‏,‏ وتنتهي بمركز الحسينية‏,‏ لكن يجب علي آلاف المواطنين أن يتحركوا من قراهم إلي مكتب صحة واحد بالزقازيق للحصول علي التطعيم‏,‏ فأي عذاب هذا‏,‏ علما بأن الشرقية يوجد بها نحو‏300‏ مكتب صحة موزعة بجميع القري‏,‏ ويعمل بها نحو خمسة آلاف موظف‏,‏ وجميع هذه المكاتب تقوم بتطعيم عشرات الآلاف من الأطفال سنويا مجانا‏,‏ والجميع يشعرون بالغبن لعدم حصولهم علي أي مبالغ من تطعيم الحج والعمرة؟‏!‏ في مكتب صحة قصر النيل حيث اصطف آلاف المواطنين بالمئات في رحلة عذاب بحثا عن التطعيم‏,‏ واجهت الدكتور وجدي عبد المعز مدير المكتب‏,‏ فأقر بأن العديد من المواطنين انتظروا ساعات طويلة في انتظار التطعيمات بالمكتب دون جدوي‏,‏ وأن بعضهم غادر غاضبا‏.‏ نحن موظفون ننفذ التعليمات‏..‏ العبارة نفسها رددها الدكتور محمود الديب مدير مكتب صحة المنيل ثاني المكاتب التي حددها القرار لتلقي التطعيمات‏,‏ رافضا التعليق علي ما أسفر عنه القرار من تعذيب المواطنين‏,‏ وإرهاقهم في التنقلات‏.‏
أنا أيضا أنفذ التعليمات‏..‏ هكذا قالت الدكتور نيبال السيد أحمد عبدالقادر مديرة مديرية الشئون الصحية بمحافظة القاهرة‏.‏
نهاد صالح الكاتبة الصحفية بجريدة الأهرام تروي تجربتها مع القرار‏,‏ فتقول‏:‏ توجهت في الاسبوع الماضي مع خالتي التي ستسافر لأداء العمرة إن شاء الله يوم‏18‏ مارس الجاري إلي المكتب الذي حددته وزارة الصحة لأخذ التطعيمات‏,‏ لكننا لم نستطع الدخول‏,‏ نتيجة الزحام الشديد‏,‏ وهالنا الأمر‏,‏ ولم ندر ماذا نفعل‏,‏ فاتصلنا بالشركة السياحية التي تعاقدت معها خالتي‏,‏ ومن ثم أبلغتنا بضرورة المجيء بشهادة التطعيم الأمر الذي اضطرنا إلي الذهاب لهيئة المصل واللقاح‏,‏ حيث تم التطعيم علي نفقتنا الخاصة‏.‏
رواية أخري لعاشور محمد جنيدي إذ يقول إنه أراد التطعيم بهدف إتمام إجراءات السفر لأداء العمرة أيضا‏,‏ فتوجه لمكتب الصحة القريب من مسكنه‏,‏ لكنه فوجيء بهم يخبرونه بأنه تقرر إلغاء التطعيم فيه‏,‏ وأن عليه التوجه إلي أحد المكاتب الثلاثة التي تم تخصيصها لذلك‏.‏
متضامنا مع الآراء السابقة‏,‏ يتساءل الدكتور أحمد عبد الله مفتش صحة الزاوية الحمراء القديمة عن الهدف من صدور القرار‏,‏ مؤكدا أنه أضر بالمواطنين‏,‏ خاصة كبار السن والنساء‏,‏ وبنا نحن العاملين في مكاتب الصحة إذ كنا نحصل علي نسبة‏8%‏ من عوائد التطعيم لكننا حرمنا بجرة قلم منها‏,‏ لتعود رواتبنا في الحضيض مرة أخري‏!‏ ومتفقا معه‏,‏ يقول الدكتور علاء الدين السيد مفتش صحة الظاهر إن المواطنين عندما يعلمون بأن المكتب لم يعد يقدم التطعيمات يقومون بالدعاء علينا‏,‏ وعلي الوزارة‏.‏
في السياق نفسه‏,‏ يبدي الدكتور بركات عز الدين محمد مفتش مكتب صحة العباسية‏,‏ اندهاشه من معايير اختيار المكاتب لتقديم التطعيمات للحجاج والمعتمرين‏,‏ مشيرا إلي أنه في الوقت الذي تم اختيار مكتب صحة النزهة الكائن بمصر الجديدة‏,‏ البعيد عن متناول المواطنين تم تجاهل مكتب صحة العباسية برغم أنه يقع علي مساحة قدرها‏750‏ مترا مربعا‏,‏ ومعطم المواصلات تمر به‏,‏ فضلا عن وجود مكاتب للعديد من شركات السياحة‏,‏ والجمعيات الخيرية‏,‏ التي تنظم رحلات العمرة في محيطه؟
والأمر هكذا‏,‏ يكشف عادل فتحي رئيس جمعية روضة السلام لتنمية المجتمع بمنطقة دار السلام عن أن جمعيته تقدمت بطلب إلي الإدارة العامة لمنطقة السلام الطبية من أجل السماح بأن يكون تطعيم الحجاج والمعتمرين في الإدارة الطبية بدار السلام‏,‏ تيسيرا علي مواطنيها الذين يضطرون للذهاب إلي مكتب صحة المعادي‏,‏ أو صقر قريش‏,‏ أو المنيل‏,‏ وكلها بعيدة عن دار السلام‏,‏ لكن جاء القرار الجديد ليقطع الطريق علي الطلب‏,‏ وآمال المواطنين‏.‏
في المقابل رفض المجلس الشعب المحلي لحي الخليفة والمقطم الوقوف متفرجا علي الموقف‏,‏ ويكشف خالد ياسين رئيس اللجنة الصحية في المجلس‏,‏ عن أنه بعد كفاح طويل تم الاتفاق علي فصل المقطم عن الخليفة صحيا‏,‏ وتم إنشاء مكتب صحة للمقطم‏,‏ منفصلا عن الخليفة‏,‏ من أجل التيسير علي المواطنين‏,‏ لنفاجأ بالقرار الجديد‏,‏ الذي ألغي التطعيمات بالمكتبين معا‏,‏ أي أن أي مواطن في المنطقتين يبحث عن التطعيم لابد له من التوجه إلي أحد المكاتب المذكورة في القرار‏,‏ ما يرهق المواطنين‏,‏ لذا رفضنا في المجلس هذا القرار‏,‏ ورفع الطلب إلي مجلس محلي المحافظة بعودة الأمر إلي ما كان عليه‏,‏ رحمة بكبار السن‏,‏ ومنعا لتضييق وزارة الصحة علي موظفيها الشرفاء‏,‏ وتفعيلا لمكاتب الصحة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.