في باب الترشيح والانتخاب كتبت في نفس المكان مقالا نشر يوم الخميس3 نوفمبر الحالي, عن ذلك التراث الطويل من احتكار السلطة والتسلط وتزييف إرادة الناخبين والطعون الانتخابية وإشكالات عابدين..وأخيرا سيد قراره تلك القاعدة الشهيرة التي سترت الموبقات التي حدثت في الشارع السياسي!! وتبدو المشكلة الحالة في كيفية اختيار المرشح لعضوية البرلمان, وسط ذلك الزحام وزخم الدعاية الانتخابية التي تصل أحيانا الي سطوة المال بالملايين والبلطجة والتزوير والتأثير علي إرادة الناخبين, قوة أو حيلة أو خلسة, في مناخ ازدادت فيه الحاجات والقضايا, وتضخمت فيه الأموال وتصارعت المصالح, ومع ذلك إذا أحسن الناخبون الاختيار, صلح حال البلاد لأن مسئولية البرلمان, في كل الدنيا, مسئولية عظيمة تجاه الناس.. والوطن عند ممارسة سلطة الرقابة والمساءلة.. وصياغة التشريع.. وبرامج الخطط والموازنة. وعلي قدر أهمية هذه المسئوليات تقع السلطة وأمانة حسن الاختيار حتي لا ينخدع الناس بالظاهر.. أو بالمظاهر والشعارات, أو بصور البطولات المزيفة والوهمية, ومن المؤكد أن الشعب يريد برلمانا نظيفا قويا.. فاهما.. ووطنيا. ولأن النفس أمارة بالسوء.. فإن الرأي العام عليه أن يراقب النائب نفسه بالنظر والاهتمام والمحاسبة في كل يوم وليلة, ولا ينتظر نهاية الدورة والندم علي سوء اختياره بأثر رجعي منذ بداية الدورة, لأن النائب.. نيابته عن الشعب كله, ويستطيع الأصيل أن يحاسب نائبه في كل لحظة ومساءلته وله أن يفضح تخاذله أو سكوته ونومه.. وخيانته أمام الرأي العام. الشعب يريد نائبا عالما بقضايا الناس والمجتمع.. معايشا لحياتهم وحاجاتهم فاهما لأمور الدنيا.. مستمسكا بالمباديء والأخلاق التي توجبها الأديان السماوية والمواثيق من الأمانة والسماحة والأدب والخلق.. ليسأل نفسه قبل أن يسأله الناس ولحياسب نفسه قبل أن يحاسب, أي أن يكون صاحب ضمير يقظ.. الشعب يريد نائبا منزها عن المصالح الشخصية وعن الهوي وبعيدا عن التحايل والالتفاف ولو من وراء حجاب. الشعب يريد نائبا قويا لا تأخذه في الحق لومة لائم, وهو لا يكون كذلك, إلا إذا كان معصوما من المصالح والمنافع الخاصة والبعد عن مواطن الزلل, الشعب يريد نائبا واسع الإدراك والمعرفة شديد الإحاطة والإطلاع, بعيدا عن السعي الي الشهرة والغرور, الشعب يريد نائبا متواضعا يدرك أن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر كل السلطات وأنه خاضع للحاسب والمساءلة وسحب الثقة وإقالته إذا لزم الأمر. الشعب يريد نائبا يسعي الي خدمة الوطن, ويثق بأن خدمة الوطن وتحقيق مصالحه, هي في ذات الوقت خدمة لكل مواطن ومحققة لمصالحه.. الشعب يريد نائبا لا يقف في الطابور أمام الحكومة وزيرا كان أم خفيرا ليحقق مصالح فردية حتي ولو كان ذلك لأبناء دائرته وحدهم, لأنه عندئذ سوف ينكسر أمام الحكومة ولا يستطيع مراقبتها أو محاسبتها, مهما تكن المصالح التي يحققها, لأن تلك المصالح لا تساوي شيئا أمام مسئوليته وواجباته البرلمانية. الشعب يريد نائبا لا يغيب التزامه عن قضايا ومصالح الوطن, ولا يضحي بها مهما يكن الثمن, حتي ولو كان الثمن يذهب الي جيوب البعض, فقضية البطالة مثلا تبحث عن حلول لصالح الجميع, ولا يكفي لها الاستجابة لبعض طلبات التوظف, وقضية السكن تبحث عن آفاق تحقق للناس السكينة, ولا يكفي لها الحصول علي استثناء للبعض للحصول علي وحدات أو قطع من الأراضي, وقضايا التنمية تبحث عن خطة عاجلة وآجلة ولا يكفي لها قرارات التخصيص لأصحاب الحظوة للاتجار فيها.. وغير ذلك من القضايا المصيرية في المجتمع التي تبحث عن عقول النواب وخبراتهم, وتوجيه الحكومة ومساءلتها لدراسة القضايا وحل المشاكل ووضع الحلول. الشعب يريد نائبا لايضحي باستقلاله وعزته, في مقابل الوقوف أمام الوزراء للحصول علي تأشيرات مهما تكن حتي ولو للمساجد والعبادات بالحج والعمرة, ولو كانت التأشيرات فاعلة وليست مضروبة, لأنه عندئذ سيقف مهللا للحكومة, بأشعار ومديح كاذب ما أنزل الله به من سلطان, يزداد بها غراما لاسترضاء الحكومة, للحصول علي مزيد من التأشيرات والوساطة, مضحيا بمصالح الشعب كل الشعب لأنه نائب عن جموع الشعب, وليس أبناء دائرته وحدها. الشعب يريد نائبا بعيدا عن مظنة الشبهات, وأن يحترم الدستور والقانون الذي أقسم عليه, ومراعاة مصالح الوطن فلا يتعامل مع الحكومة بائعا أو مشتريا أو مستأجرا أو أي تصرف.. أو يقبل ميزة أو منفعة أو وظيفة.. وهي نصوص دستورية وتشريعية عالية المستوي, الشعب يريد نائبا لا يسعي الي الحصانة لكي يلوذ إليها ويعتصم بها في الجرائم والآثام.. لأنها في النهاية تنفث سمومها في عروق الوطن لأن الشعب يريد نائبا فاهما لمعني الرقابة.. ومعني الحصانة.. أما عن الحصانة ذاتها.. فللحديث بقية. المزيد من مقالات د . شوقى السيد