في الوقت الذي كانت تأمل فيه السلطة الفلسطينية أن تسفر زيارة أوباما للمنطقة عن تحقيق أي تقدم نحو دفع عملية التسوية السياسية مع إسرائيل, من أجل تخفيف الضغوط غير المسبوقة عليها من جانب الشعب الفلسطيني. توج أوباما زيارته بتحقيق مصالحة تركية- إسرائيلية, وذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها نيتانياهو مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بحضور الرئيس الأمريكي باراك أوباما, يوم الجمعه22 مارس, اعتذر خلالها عن الهجوم الإسرائيلي علي السفينة مرمرة الذي وقع يوم2010/5/31, حيث اتفق الجانبان علي إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ودفع تعويضات لعائلات القتلي, في مقابل إسقاط المسئولية الجنائية عن عملية القتل العمد, وذلك علي الرغم من أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ولا بالاعتذار. ولم تكن تلك المصالحة بمثابة مفاجأة, فقد سبقتها مساع أمريكية مكثفة, ومحادثات سرية بين إسرائيل وتركيا لتسوية تلك الخلافات, كشفت عنها صحيفة راديكال التركية يوم الأحد الموافق24 فبراير2013 التي توقعت ذلك الاعتذار خلال زيارة باراك أوباما لإسرائيل. وبالفعل وتزامنا مع الزيارة يوم الأربعاء20 مارس, تراجع أردوغان في مقابلة مع صحيفة بوليتيكن الدنماركية عن تصريحاته التي سبق وصرح بها أمام منتدي تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة في فيينا بتاريخ2013/2/27, والتي أعتبر فيها الصهيونية جريمة ضد الإنسانية. حيث جاء الاعتذار التركي بعد زيارة جون كيري يوم الجمعة الموافق1 مارس2013 إلي تركيا, ومطالبته أردوغان ضرورة التراجع عن تلك التصريحات. ومن ثم فإن تلك المصالحة لا تعد انتصارا للدبلوماسية التركية بقدر ما تعبر عن انتصار للغة المصالح التي تجمع البلدين, والأمر الذي يثير الدهشة القبول الفلسطيني لتلك المغالطة, سواء من جانب السلطة الفلسطينية أو حماس والابتهاج والترحيب بتلك المصالحة, وكأنها مصالحة جمعت بين الفصائل الفلسطينية. حيث إن ما يدعيه نيتانياهو بشأن التعهد برفع الحظر عن قطاع غزة, فإنه من المفترض أن الهدنة التي راعتها مصر بعد عمود السحاب تضمنت ذلك الأمر, في مقابل التعهد بعدم إطلاق صواريخ علي إسرائيل, ذلك الأمر الذي لم يعد بإمكان حماس السيطرة عليه, خاصة بعد إطلاق صاروخين علي مستوطنة سديروت المتاخمة لقطاع غزة مساء الخميس3/21 وإعلان حماس عدم مسئوليتها عن الحادث. وذلك يعني أن تلك المصالحة( التركية الإسرائيلية) لم تقدم جديدا إلي قطاع غزة, وأن تركيا ستقوم بذات الأمر الذي قامت به مصر من قبل بعد هدنة عمود السحاب, وهو الضغط علي حماس من اجل ضمان التهدئة التي اشترطتها إسرائيل من أجل رفع الحظر عن قطاع غزة, إلا أنه من المتوقع أن يكون الأمر مختلفا بالنسبة لتركيا, لأن من مصلحة إسرائيل عدم إحراج أردوغان أمام الفلسطينيين حتي يكون وسيطا بديلا عن مصر, مستغلة الأزمة الراهنة بين حماس ومصر, فضلا عن التناحر السياسي الداخلي في مصر. ومن ثم فإنه يمكن القول إن واشنطن أرادت من تلك المصالحة بين تركيا وإسرائيل معالجة الاستحقاقات الأمنية التي تعصر بمنطقة الشرق الأوسط, والتي تعد محور اهتمام المصالح المشتركة الأمريكية الإسرائيلية- التركية, والتي تتطلب رأب الصدع بين أهم حليفين استراتيجيين لواشنطن في المنطقة, وذلك من أجل ضمان التنسيق الفعال لتوجيه مسار تلك الاستحقاقات بما يخدم مصالحهم المشتركة. فبالاضافة للملف النووي الإيراني, هناك الصراع الدائر في سوريا ورغبة واشنطن في الاستفادة من الدور التركي في معالجة الأزمة السورية, من أجل التنسيق في رسم السيناريوهات المستقبلية لسوريا ما بعد الأسد, وذلك بعيدا عن أي دور لدول الثورات العربية المتشرذمة. وقد أكد ذلك أودي ديكل- الخبير في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب- في دراسة نشرها علي موقع المركز الالكتروني, رأي خلالها ضرورة استئناف التعاون الاستراتيجي مع تركيا, نظرا لدورها المؤثر في المعارضة السورية.