بعد شهر ونصف الشهر من الانتظار, تشكلت حكومة نيتانياهو الثالثة باستبعاد الاحزاب الدينية التوراتية مثل شاس ويهودوت هتوارة, ونجح نيتانياهو في تشكيل حكومته الجديدة في اليوم الأخير من المهلة الاضافية . بعد ان أعلن في حملته الانتخابية أن الانجاز الاكبر لحكومته السابقة هو تهميش القضية الفلسطينية دون الرضوخ للضغوط الدولية وتكثيف الاستيطان وتهويد القدس وحصار غزة وهو ينوي الاستمرار في هذه السياسة, بوضع القضية الفلسطينية جانبا, وتأكيد الملف الإيراني كمصلحة استراتيجية عليا لإسرائيل. ولقد وصف المحللون في الاعلام الإسرائيلي الحكومة الجديدة بأنها غير مستقرة, وتبدو من الآن قصيرة العمر, وتحمل داخلها بذور انهيارها من عناصر عدم الاستقرار في الائتلاف الذي تكونت منه, ولهذا قد تلجأ كما لجأت, قيادات اسرائيلية في الماضي, الي سياسات اكثر عدوانية وإلي شن حملات عسكرية لضمان توحيد الصف السياسي وللحصول علي مزيد من دعم الشارع للحكومة, ولكن حتي دون هذا الدافع, تبقي الحكومة الجديدة متطرفة ليس أقل من سابقاتها, فالليكود اكثر يمينية والبيت اليهودي حزب المستوطنين وهو اليوم اقوي عددا وأشد تطرفا, أما حزب لبيد فهو يتعاون مع نيتانياهو في العمل علي تهميش القضية الفلسطينية داخليا وخارجيا, ومن ناحية اخري ينظر الي تعيين تسيبي ليفني مسئولة عن المفاوضات مع الفلسطينيين علي انه نكتة سياسية مثل حل الدولتين الذي لا يرد إلا في احاديث السلطة الفلسطينية. لكن تنكر نيتانياهو من جديد للحاخامات والمتدينين جعله ينضم في نظر المراقبين اليهود الي قائمة العلمانيين المؤسسين لدولة إسرائيل مثل تيودور هرتزل الذي اعتبر من قبل حاخامات اليهود ملحدا كافرا, وأن استغلاله لصفة اليهود مجرد استثمار لمشروعه الصهيوني العلماني علي أنقاض الديانة اليهودية, ودافيد بن جوريون, الذي كان يري أن التوراة ليست سوي كتاب للحكايات والمأثورات الشعبية, وأول رئيس للدولة حاييم وايزمان الذي اعتاد إغاظة الحاخامات عندما كان يصر علي تناول الطعام غير المباح وفقا للشريعة اليهودية, ومعظم القادة الصهاينة, ليس فقط لا يعترفون بالمرجعية الدينية اليهودية, بل يحتقرونها وآخرهم نيتانياهو, الذي سيحاول ان يثبت انه يهودي متدين لدحض هذه المقولة وأنه اضطر فقط الي التخلي عن الأحزاب الدينية لأسباب سياسية لعب فيها عامل الوقت دور البطولة. لكن الأكثر خطورة علي الائتلاف الجديد ما يطفو علي السطح داخل حزب الليكود, من غضب علي نيتانياهو لأنه, بنظر قيادات ليكودية, خسر الوزير السابق موشيه كحلون, الذي يتمتع بشعبية عالية, وتحالف مع ليبرمان الذي ادي الي تراجع في قوة الليكود, وكذلك دفعه رئيس البيت اليهودي, نفتالي بانيت الي احضان يائير لبيد زعيم حزب يوجد مستقبل, حيث استطاع الاثنان فرض شروطهما علي نيتانياهو بإبعاد الاحزاب الدينية التوراتية عن الائتلاف الحكومي وتقليص عدد الوزارات مما حرم اعضاء كنيست في الليكود من الجلوس علي مقاعد وزارية. ومن بين البنود التي تنص عليها الاتفاقات الائتلافية الجديدة وضع قيود علي عدد أعضاء مجلس الوزراء لكيلا يتجاوز الثمانية عشر في الانتخابات المقبلة بالإضافة الي رئيس الوزراء كما لن يتم تعيين وزراء دولة ولن يتم تعيين أكثر من4 نواب وزراء, وسيكون من الممكن تعديل هذا البند بعد الحصول علي تأييد70 نائبا في الكنيست فقط. وسيتم حجب الثقة عن الحكومة بأغلبية65 عضوا في الكنيست فقط, كما تقرر زيادة نسبة الحسم في الانتخابات إلي4 بالمائة. كذلك عناصر انهيار في هذه الحكومة تتمثل في محاكمة افيجدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا, التي قد تمنعه من تولي أي منصب وزاري, وهذا يؤدي علي الاقل الي تخفيف دعمه للحكومة وعدم اكتراثه, وربما رغبته بسقوطها, هذا عدا هزات قد تتعرض لها الحكومة الجديدة بسبب أمور محتملة مثل أزمة اقتصادية وضغط دولي وتصدعات داخل احزاب الائتلاف. وفي أول تصريح له بعد وصوله الي الائتلاف الجديد قال رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو أن ولاية الحكومة القادمة ستكون من أكثر الفترات تحديا في تاريخ الدولة خاصة من الناحيتين الامنية والسياسية, واعرب عن اعتقاده بأن قائمة الليكود بيتنا حققت أفضل نتيجة ممكنة في ضوء حصولها علي واحد وثلاثين مقعدا في الكنيست مشيرا بشكل خاص الي استعادة حقيبة الدفاع والاحتفاظ بحقيبة الخارجية لدي القائمة. ووجه كلامه الي رئيس حزب هناك مستقبل يائير لبيد بصفته وزير المالية الجديد قائلا ان المهمة الأولي للحكومة الجديدة ستكون المصادقة علي ميزانية عامة ستحافظ علي الاقتصاد الاسرائيلي وتضمن نموه, وقال إن الحكومة الجديدة ستعمل من أجل جميع مواطني إسرائيل. وحصل حزب هناك مستقبل ييش عتيد علي5 حقائب وزارية بينها وزارة المالية, كما أسندت إلي هذا الحزب رئاسة لجنة شئون استيعاب القادمين الجدد البرلمانية ولجنة الكنيست للنهوض بمكانة المرأة واللجنة الخاصة بمراجعات الجمهور. وجاء في الاتفاقات الائتلافية أنه سيتم إلغاء وزارة الشئون الإعلامية, وتم إسناد3 حقائب وزارية إلي حزب البيت اليهودي منها رئيسه نفتالي بينيت وزيرا للاقتصاد والتجارة كما سيترأس اللجنة الوزارية لشئون غلاء المعيشة وتخفيف المركزية في المرافق الاقتصادية وتشجيع التنافسية, وتم تعيين عضوين للحزب في منصبي نائب وزير الشئون الدينية ونائب وزير التربية والتعليم. كما سيتولي الحزب رئاسة لجنة المالية البرلمانية, وفي مجال التعليم تقرر أن يقوم وزير التربية والتعليم خلال فترة أقصاها6 أشهر من تشكيل الحكومة الجديدة ببلورة منهج تعليمي للمواد الأساسية ينطبق علي جميع التلاميذ في إسرائيل.