بين جدرانه يحتوي متحف الفن الإسلامي علي روائع من الفنون التي أبدعها الفنانون في مصر والعديد من بلاد العالم الإسلامي خلال أكثر من ألف عام, ومع أن زيارة المتحف تقدم لنا صورة عامة لهذا المتحف بمقتنياته إلا أن المتعة والفائدة لا تكتمل إلا عندما يصاحب القطع الأثرية المعروضة شرح يوضح قيمتها الفنية وأهميتها التاريخية, لكن مهما طالت مدة الزيارة فهي لن تكفي لمطالعة البطاقات المصاحبة لهذه القطع ومن هنا تأتي أهمية الكتاب الموسوعي الذي الفه الناقد الفنان الدكتور صبحي الشاروني تحت عنوان( روائع متحف الفن الإسلامي بالقاهرة), والمؤلف من مواليد القاهرة في3 أبريل عام1933 تخرج في كلية الفنون الجميلة عام1958 وحصل علي الماجستير عام1979 ثم الدكتوراه عام1994, عمل صحفيا وناقدا فنيا بجريدة' المساء' وبجانب ذلك فهو من أبرز مؤرخي وموثقي الحركة الفنية التشكيلية بمصر, أقام العديد من المعارض لفن التصوير الفوتوغرافي بمصر وخارجها وحصل علي العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية لعام1986 وجائزة الدولة للتفوق في الفنون عام2006. يذكر المؤلف في مقدمته عن' مصر تحت الحكم العربي' كيف اندمج المصريون في الحكم الإسلامي العربي وكيف تمصر العرب الفاتحون, وكيف ظهرت روائع الفن العربي والإسلامي في مصر مع قيام الدولة الطولونية تحديدا بعد أن ظلت مصر طوال القرون الثلاثة الأولي من الحكم العربي متأثرة بالفن القبطي في الزخارف مع اختفاء العناصر المتأثرة بالقصص اليونانية والرومانية القديمة, كما اختفت مشاهد التعاليم الدينية المسيحية التي استمرت داخل الكنائس والأديرة كفن شعبي لا يحظي برعاية الحكام.ويعرض المؤلف كيف تميز الفن الجديد باتجاه واضح نحو التسطيح واختفاء التجسيم تطبيقا لتقاليد الفن القادم من الصحراء, لكن العصر الطولوني ظهر فيه استقلال الفن المصري عن الفنون السابقة بعد أن نقل الطولونيون الأساليب الفنية التي سادت في العراق فقام الفنانون المصريون بتهذيبها فظهرت التحف الفنية البديعة بعد ذلك في العصر الفاطمي.ومع قدوم الحكم الأيوبي بدأ استخدام الخط النسخي محل الخط الكوفي في زخرفة المنتجات, وفي عصر المماليك بلغت الحرف الفنية أقصي درجات الازدهار وكان القرن الرابع عشر يمثل عصر نهضة فنية رائعة نتيجة الثراء بفضل نمو التجارة التي تمر بمصر في الطريق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا لكن اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح في القرن الخامس عشر وتحول التجارة العالمية وقتها إليه ادي الي تدهور أحوال الاقتصاد ثم انهزم المماليك أمام العثمانيين الذين نقلوا الحرفيين المهرة من مصر إلي القسطنطينية فانتكس الفن.ورغم عودة معظم هؤلاء الصناع والفنانين إلي مصر بعد موت سليم الأول الا انهم لم يستطيعوا إعادة التألق إلي الفن المصري في العصر العثماني وخلال القرن الثامن عشر تسرب تأثير الفن الغربي وخاصة طراز( الباروك) إلي الفن التركي الذي ظهر في عهد حكم أسرة محمد علي بمصر وتدريجيا انتهي عصر الفنون الإسلامية في مصر.بعد ذلك يتناول المؤلف معلومات سريعة عن متحف الفن الإسلامي بالقاهرة منذ وافق الخديو إسماعيل علي اقتراح بإنشاء مجموعة متاحف عام1863 ومنها متحف للفن العربي, ولم يبدأ تنفيذ الفكرة إلا عام1880 عندما بدأت الحكومة المصرية تجميع التحف المنقولة من المساجد والمنازل والقصور والأسبلة لحفظها في الديوان الشرقي بجامع الحاكم بأمر الله بشارع المعز لدين الله, ثم أقيم لها مبني صغير في صحن المسجد لعرضها وأطلق عليه اسم' دار حفظ الآثار العربية' وصدر أول دليل لهذه المجموعة عام1895 وظلت التحف بمكانها حتي تم نقلها إلي المبني الحالي للمتحف بميدان باب الخلق الذي افتتح في28 ديسمبر عام1903 وأطلق عليه اسم' دار الآثار العربية' ولأنه كان يعرض تحفا من بلاد إسلامية فقد تغير اسمه عام1952 إلي' متحف الفن الإسلامي' ومع قيام المتحف بسلسلة حفائر في موقع مدينة الفسطاط, وإضافة تحف عن طريق الشراء أو الإهداء تنوعت مصادر التحف المعروضة وعند افتتاح المتحف عام1903 كان عدد القطع المسجلة7028 تحفة لكنها زادت إلي780 ألف تحفة عام.1978 ويستعرض المؤلف بعد ذلك تصنيفات التحف المعروضة بالمتحف بعد تقسيمها إلي تحف معدنية ذهبية وبرونزية ونحاسية وفضية وأما المقتنيات من الأخشاب فتتنوع أنواعها وألوانها والنحت البارز والزخارف المحفورة وغيرها حسب العصر الذي انتجت فيه والحالة الاقتصادية العامة للبلاد وأما النسيج فتتنوع القطع المعروضة بين رسوم علي المحراب ومشكاوات وسجاد وقطعة نسيج من كسوة الكعبة صناعة مصرية من القرن17 أو.18 وبجانب هذه الفنون يبرز أيضا فنون الكتابة ورسوم الكتب والخط العربي ومخطوطات بها رسوم لنباتات وتشريح جسم الإنسان, ومصاحف علي هيئة البسملة أو علي لفافة ورقية ثم يتناول في ختام كتابه الموسوعي أعمال الفخار والخزف وشبابيك القلل وكلها تتميز بتنوعها وثرائها. nelashry.ahram.org.eg