عاشت الإسكندرية سنوات تحلم باستخراج كنوزها الغارقة تحت مياه البحر, وبالذات في منطقة الميناء الشرقي حيث أكدت كل الأبحاث والدراسات وجود أطلال حضارة مذهلة. وكانت منظمة اليونسكو العالمية قد استقر رأيها علي بقاء المدينة الغارقة في موقعها تحت مياه البحر وإنشاء متحف هو الأول من نوعه في العالم يحمل الزائرين إلي أعماق البحر حيث ترقد هذه الشواهد في سكون وصمت ووحشة بما تضم من قصور لملكة مصر الشهيرة كليوباترا, وقصور يوليوس قيصر, ومارك أنطونيو القائد الروماني بجانب مجموعة هائلة من الآثار الغارقة من العصور الفرعونية والبطلمية و الرومانية, بالإضافة إلي بقايا فنار الإسكندرية المعروف كأحد عجائب الدنيا السبع. كانت المنطقة قد شهدت علي مدار عام محاولات جادة تمكنت من رسم خريطة للمدينة الغارقة و التي تضم2500 قطعة أثرية بجانب36 تمثالا متحفيا لأبي الهول, وكانت مهمة إنشاء متحف تحت الماء شاقة إلي أقصي حد حيث كان الشرط الأساسي فيها هو تحقيق الأمان الكامل للزائرين خلال الرحلة الغامضة في أعماق البحر, ولذلك أعلنت اليونسكو عن تنظيم مسابقة عالمية لتصميم هذا المتحف المعجزة حيث اشترك أربعة من أعظم مصممي ومهندسي العصر في هذه المسابقة العالمية, وفاز تصميم المهندس الفرنسي العالمي جاك روجيريهوالذي حدد تكاليف إجمالية لإنشائه ب120 مليون دولار, وأن يتم تنفيذه خلال عامين فقط. كانت تفاصيل المتحف كما يشرح مصمم المشروع أن تكون الزيارة عبارة عن رحلة استكشافية عبر الزمن يعيشها الزائر مبهورا بمشاهدة المدينةالغارقة, وعلي أن يتكون المتحف من جزءين, المبني الرئيسي والذي يمتد كنافذة مفتوحة علي الميناء الشرقي, والذي يوصل إلي المبني الثاني المغمور كليا تحت الماء بعمق10 أمتار, وللإنتقال من المبني الأول إلي المبني الثاني يسير الزائر في ممرات تحت الماء بطول60 مترا حتي يصل إليصالات العرض الرئيسية, وهي أكثر صالات المتحف تشويقا حيث تمكن الزائر من خلال حوائطها الزجاجية من رؤية القطع الغارقة, وفي كل هذا تلعب الإضاءة دورا ساحرا. كان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قد أعلن في حضور افتتاح معرض الآثار الغارقة في باريس عن رغبة بلاده في مساندة مصرلتشييد هذا الصرح الثقافي المدهش, ولكن تبقي تساؤلات أهل الإسكندرية: من سوف يمول المشروع ؟ولماذا التأخير حتي الآن رغم اكتمال التصميم الفرنسي ؟ الدكتور إبراهيم درويش رئيس آثار الإسكندرية السابق يؤكد أن عددا من الشركات العالمية مازالت تعرض تمويل المشروع مقابل استثمار هذا المتحف عدة سنوات يعود بعدها للدولة, ويضيف درويش أن التأخير في التنفيذ يرجع إلي ضرورة عمل دراسات للبيئة البحرية في المنطقة المقرر عمل المتحف فيها ودراسات عن الضوء والتربة تحت الماء, وأيضا التيارات البحرية والرؤية تحت الماء وهذه مسئولية علماء علوم البحار المصريين وهم متأخرون لأن البعثة الفرنسية وضعت مليونا و200 ألف دولار تحت حساب عمل هذه الدراسات, ويقول درويش إنه مع إتمام كل هذه الإجراءات يبقي موافقة القوات المسلحة لعمل هذا المشروع التي لم تأتي حتي الآن, ويجري الآن عدة مشاورات مع الجانب العسكري. أخيرا سوف يستغرق تنفيذ المشروع من3 إلي4 سنوات.