اصبحت مشاهد محطات الوقود خير دليل وتجسيدا واضحا لمعاناة المواطنين من نقص البنزين والسولار سائقين كانوا أو مواطنين, إنها الأزمة التي ما إن تلبث تختفي حتي تعود من جديد بأقوي مما كانت, والمواطن هو الضحية دائما سواء بالوقوف والانتظار بمحطات الوقود لساعات طويلة والمبيت أحيانا داخلها, أو بما يعانيه الموظفون والعاملون والطلاب من صعوبة في الوصول لمصالحهم لتوقف وسائل النقل بسبب عدم وجود الوقود وارتفاع اجرة المواصلات بشكل مبالغ فيه من قبل السائقين. تصاعد الازمة ادي الي قطع بعض السائقين طريق مصر اسيوط الزراعي, وغيرها من الطرق الرئيسية, وإضراب السائقين بمواقف العاشر من رمضان وأحمد حلمي وعبود وغيرها, اعتراضا علي تجاهل الدولة للازمة وللرقابة اللازمة علي( محطات الوقود) فضلا عن الشلل التام بكل الطرق نتيجة تدافع السيارات علي محطات الوقود الخالي معظمها منه, حيث وجه السائقون الاتهامات إلي المحطات بانها السبب الرئيسي وراء نقص البنزين والسولار بسبب تسريبه علنا الي السوق السوداء, وأيضا البيع بأعلي من الاسعار الرسمية رغم ان الوقود احد السلع المحدد سعرها رسميا من الدولة.
وبرغم ذلك لا تزال الأزمة مستمرة في غياب تلك الرقابة والتي بدورها تقوم بتنظيم عملية وصول الوقود الي المستهلك وحمايته من محاولات بعض محطات الوقود التلاعب به, حيث يقول حماده الساعاتي( سائق ميكروباص): كل محطات الوقود بطريق مصر اسيوط الزراعي من مدينة المنيب مرورا بالحوامدية والبدرشين والعياط لا تخضع لأي رقابة اطلاقا مما جعلنا فريسة سهلة لهم.. فاحيانا وبرغم وجود السولار فإن أصحاب المحطات يمتنعون عن بيعه لنا كخطوة نحو رفع أسعاره لاحقا عند تفاقم الازمة فنظل منتظرين لساعات طويلة مما نضطر إلي رفع الأجره علي المواطنين: من حقنا نرفع الاجره لما نقضي كل الوقت دا في الشارع واقترح ايضا ان يتم تشكيل لجان شعبية مثل التي كانت تشكل أيام الثورة علي أن تكون من سائقي الميكروباصات والاهالي فيقومون بتقسيم أنفسهم مجموعات علي محطات الوقود لمراقبة التوزيع وإبلاغ المسئولين عن أي عملية تهرب تتم او تلكؤ من المحطة في توفير المنتج, وشاركه في هذا الرأي عدد من الراكبين بالميكروباص وقالوا الخير كتير في البلد, والبنزين والسولار موجود بس ولاد الحرام ما خلوش لأولاد الحلال حاجه. وأضاف أيضا أن الأزمة لاتزال مستمرة برغم قرارات الوزارة الجديدة لان محطات الوقود( وطنية) غير موجوده إلا بأماكن محدودة, وناقلات السولار التابعة للوزارة التي تقوم بالتوزيع للعربات قليلة جدا ولا تغطي العجز اطلاقا مؤكدا انه لايزال هناك قصور في عملية التوزيع. وفي هذا السياق اضاف رافع عبد السلام... سائق: ان عمليات تهريب السولار والبنزين تتم علنا في وضح النهار حيث تأتي عربات كبيرة تحمل تنكات تصل أحيانا الي4000 لتر لتحميل السولار لبيعها بالسوق السوداء هذا غير اننا نقوم بشراء السولار بأعلي من أسعاره الرسمية وأحيانا بضعف أسعاره... وذكر أيضا أنهم يبيعونه مخلوطا بالماء أو الرصاص واحيانا نشتري بنزين80 علي انه90 أو92 كنوع آخر من الغش العلني.. وبرغم اننا نكون أحيانا علي علم بتلك المخالفات الا اننا مجبورون علي تقبلها لعدم توقف مصالحنا وأشغالنا. واقترح أيضا عمل قائمة سوداء تضم كل محطات الوقود التي ثبت قبل ذلك ارتكابها مثل هذا المخالفات وإعلانها للاهالي والسائقين لمقاطعتهما وللتسهيل علي المسئولين في مباحث التموين عند قيامهم بحملات تفتيش لمحاسبتهم. في ظل الاتهامات التي توجه إلي محطات الوقود بأنها السبب في الأزمة, يدافع الدكتور حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية عن الاتهامات الموجهة إلي أصحاب المحطات بقوله: نحن نرفض الاتهامات جملة وتفصيلا, والبينة علي من ادعي, ومن يري أن أصحاب المحطات هم السبب فلتتم محاكمتهم ويضيف د. حسام: نحن نتمني الشفافية والموضوعية بالنسبة للكميات المعروضة, وبيان توزيعها بالمحافظات. ويتساءل: هل يجوز أن تكون كل محطات مصر تعمل في السوق السوداء؟ وهل يجوز أن يتفقوا كلهم علي التلاعب في المنتج, هذا اتهام مباشر وصريح لا نقبله, ويؤكد تلك الاتهامات أن الوزارة اختصت محطات وطنية بالكم الأكبر من الوقود, فمحطات وطنية مع كامل الاحترام لها, لا تقل وطنية عن أصحاب المحطات الأخري. وعلق عرفات عن الدفع بسيارات التموين المتحركة بقوله, نتمني أن تكون السبب في حل الأزمة, وأن تكون موجودة بالفعل علي أرض الواقع, وتدخل حيز التنفيذ, ونعرف أماكنها.
ويستطرد إذا كانت الأزمة من أصحاب المحطات فلماذا أقال وزير البترول بعض القيادات مؤخرا, هذا دليل علي أن الأزمة من الدولة وليس أصحاب المحطات. بينما يري عفيفي بدوي صاحب محطة تموين وقود, أن السبب هو أن الكميات التي تأتي من الهيئة العامة للبترول إلي المستودعات نحو50% من المطلوب, وأن هناك محطات معينة تأخذ نصيب الأسد, وما تبقي يوزع علي باقي المحطات, مضيفا أن الحكومة تنفي وجود أزمة متهمة أصحاب المحطات, وأن دفعها سيارات توزيع السولار هدفه شو إعلامي. وقال عفيفي إن الأزمة بدأت في الحل منذ أمس الأول والسبب هو زيادة ضخ السولار من قبل الوزارة, مطالبا بالعودة إلي المعدلات سابقا بضخ35 ألف طن يوميا, وأنه تضاعف هذا الأسبوع إلي40 ألف طن حتي يهدأ الشارع ثم نعود إلي المعدل الطبيعي.