أسعار صرف الدولار أمام الجنيه اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    أسعار البنزين والسولار اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    جبران: تحرير 6185 محضرًا بشأن تراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا فقط    بكام الطن؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الجمعة 3-10-2025 في أسواق الشرقية    شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي لخان يونس    إسرائيل تعلن قتل ثلاثة من عناصر حزب الله في جنوب لبنان    أخبار مصر: الزيادة المتوقعة بأسعار البنزين، ترامب يهدد بإشعال أمريكا بسبب الإغلاق الحكومي، الكشف رسميًّا عن كرة مونديال 2026    الأقصر وأسوان الأعلى، معلومات الوزراء يرصد درجات الحرارة اليوم الجمعة    مقتل شاب علي يد عاطل بسبب خلافات مالية بطوخ.. والأمن يضبط المتهم    بسبب الحفلات المزيفة.. إجراء قانوني من الشامي بسبب حفل إسطنبول    هل تتحقق توقعات ليلى عبد اللطيف بثراء 4 أبراج فى أواخر عام 2025؟    هل تناول المكملات الغذائية فعال للجسم؟ نصائح للتأكد من فاعليتها    بوتين يحذر أمريكا من تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    القنوات الناقلة مباشر لمباراة مصر ضد تشيلي في كأس العالم للشباب 2025    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    تصريح صادم من سماح أنور عن المخرجة كاملة أبو ذكري    يحيى الفخراني: هوجمنا في قرطاج بسبب «خرج ولم يعد».. وهذا سبب بقاء فيلم الكيف    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على غرة الشهر الكريم وعدد أيام الصيام    اضطرابات في مطار ميونخ بسبب مشاهدة مسيرات    القبض على المتهم بالشروع فى قتل صاحب محل بالوراق    الشرطة البريطانية تكشف هوية منفذ هجوم مانشستر بالقرب من كنيس يهودي    رياض الخولي أثناء تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي: "أول مرة أحضر مهرجان .. وسعيد بتكريمي وأنا على قيد الحياة"    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    محافظ الإسكندرية عن التكدسات المرورية: المواطن خط أحمر ولن نسمح بتعطيل مصالحه    «عماد النحاس لازم يمشي».. رضا عبدالعال يوجه رسالة ل مجلس الأهلي (فيديو)    رسميًا بعد ترحيلها.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 وفقًا لتصريحات الحكومة    موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الموسم السابع 2025 على قناة الفجر الجزائرية    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 3-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    أمين عمر حكم لمباراة كهرباء الإسماعيلية ضد الأهلي    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    ناقد رياضي يكشف كواليس خروج حسام غالي من قائمة محمود الخطيب    ناقد رياضي: هزيمة الزمالك من الأهلي أنقذت مجلس القلعة البيضاء    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    أستاذ علوم سياسية: إعلان ترامب عن الموافقة العربية توريط لتمويل الخطة    اللواء محمد رجائي: إعادة «الإجراءات الجنائية» للنواب يُؤكد حرص الرئيس على قانون يُحقق العدالة الناجزة    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق مخزن وشقة سكنية بالخانكة    موعد إعلان نتيجة منحة الدكتور علي مصيلحي بالجامعات الأهلية    مدرسة المشاغبين، قرار صارم من محافظ القليوبية في واقعة ضرب معلم لزميله داخل مكتب مدير المدرسة    رسميا.. 4 شروط جديدة لحذف غير المستحقين من بطاقات التموين 2025 (تفاصيل)    «أفضل صفقة».. باسم مرسي يتغزل في مهاجم الزمالك    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    رابط التقييمات الأسبوعية 2025/2026 على موقع وزارة التربية والتعليم (اعرف التفاصيل)    الزمالك يعالج ناصر منسي والدباغ من آلام القمة 131    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    كراكاس تتهم واشنطن بانتهاك سيادة أجوائها    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    ضيفي ملعقة «فلفل أسود» داخل الغسالة ولاحظي ماذا يحدث لملابسك    ركّز على اللون وتجنب «الملمس اللزج».. 6 علامات تنذر بفساد اللحوم قبل شرائها    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقق السيناريو الكابوس يمهد للورقة الأخيرة لإنقاذ اليورو
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 11 - 2011

انتقال ألسنة نيران أزمة الديون السيادية الأوروبية إلي إيطاليا كان أمرا توقعته الأسواق منذ أشهر عديدة‏,‏ لكن السياسيين الإيطاليين تجاهلوا كل التحذيرات‏,‏ وتقاعس القادة الأوروبيون عن بناء الدفاعات الواجبة للحيلولة دون وقوعه أو الاستعداد لتداعياته بتحصين البنوك ضده‏. الآن وقد تحقق السيناريو الكابوس بوصول الأزمة إلي ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وبلوغها مرحلة الأكبر من قدرة صندوق الاستقرار المالي الأوروبي علي احتوائه, والأخطر من حيث تداعيات فشله علي بقاء منطقة اليورو متماسكة يصبح السؤال المشروع هو هل يستيقظ السياسيون للإمساك بورقة الإنقاذ الأخيرة المتاحة وهي تدخل البنك المركزي الأوروبي بقوة فولاذية تصدم الأسواق أم تظل حركتهم مراوغة مترددة متأخرة عن حركة الأسواق وفاقدة المصداقية؟
من المهم للغاية في هذه الفترة الحرجة أن يكون توصيف الحالة دقيقا والدواء الموصوف قويا وناجحا. فرحيل سيلفيو بيرلسكوني الذي كان اصراره علي البقاء في منصب رئاسة الحكومة سببا في ذعر الأسواق وارتفاع أسعار الفائدة علي السندات السيادية إلي مستويات غير مقبولة(8%) يمثل حلا جزئيا للمشكلة, وبالتالي فإن اتجاه أسعار الفائدة إلي الانخفاض قد لا يستمر طويلا ما لم تثبت حكومة التكنوقراط الانتقالية التي سيشكلها ماريو مونتي المفوض الأوروبي السابق قدرتها علي تمرير الاصلاحات, وما لم تأت الانتخابات المقبلة بحكومة ديمقراطية شرعية قادرة علي إقناع الشعب الإيطالي بتنفيذها في الأمد طويل الأجل.
إيطاليا ليست اليونان حقيقة ثابتة فما تعانيه ليس إسرافا في الإنفاق العام, ولا انفجارا لفقاعة عقارية, ولا انهيارا مصرفيا ولكن حالة أنيميا أصابت معدل نموها بحيث لم يتجاوز متوسطه1% علي مدي15 عاما قبل أن يهبط بقوة في عام الانهيار المالي العالمي2009 ليستأنف بالكاد معدلا إيجابيا مصاحبا بارتفاع في معدل التضخم تجاوز3%, وتدهورا في القدرة التنافسية, وارتفاعا في تكلفة الأجور للوحدة المنتجة. والسبب أنه علي الرغم من ادعاء برلسكوني أنه رجل أعمال ليبرالي التوجه إلا أنه لم يفعل شيئا لوضع بلاده علي مسار الاصلاح الجذري.
ولذلك يري الكثير من الخبراء أن إيطاليا بدون برلسكوني أمامها فرصة للنجاة. الشواهد قصيرة الأجل قد تقول عكس ذلك. فهذه دولة تصل حجم مديونيتها إلي9,1 تريليون يورو ونسبة الدين إلي الناتج القومي الاجمالي ترتفع إلي120%. وقد اقترضت من الأسواق حتي الآن277 مليار يورو وستحتاج إلي اقتراض147 مليار يورو بنهاية ديسمبر فقط لسداد الفائدة المستحقة علي ديونها. والمشكلة أن نحو340 مليار يورو من ديونها ستستحق السداد أو التجديد علي مدي العام القادم أي ضعف الرقم المقدر لإسبانيا. وكل زيادة نسبتها1% في سعر فائدة الاقتراض الجديد يعني زيادة ثلاثة مليارات يورو في المبالغ المخصصة لخدمة الديون. وطالما ظل معدل النمو منخفضا فستظل نسبة الديون إلي الناتج المحلي الاجمالي في ارتفاع لتدور الدولة في الحلقة المفرغة.
ولكن في المقابل تختلف إيطاليا عن أقرانها في أن الأوضاع المالية العامة ليست سيئة للغاية. فنسبة العجز في الموازنة العامة مستقرة عند4% من الناتج المحلي الاجمالي ومتوقع لها أن تنخفض إلي3% إذا تم تطبيق التخفيضات المقررة في بنود الإنفاق في العام المقبل. كما أن نصف الدين العام مستحق محليا علي عكس اليونان. ولذلك فإن إيطاليا تبيع ديونها في السوق المحلية وهذا يعني أن الإسراف في الانفاق العام يقابله إدخار في القطاع الخاص خاصة من جانب تجمعات الأعمال الأسرية التي تسيطر علي الاقتصاد. ومن ثم فإن جوهر المشكلة ليس في ضخامة الدين العام أو نسبته إلي الناتج المحلي الإجمالي, ولكن في العبء الثقيل لخدمة هذا الدين انطلاقا من معدل نمو متدن. وبالتالي فإن الإلحاح علي حاجة إيطاليا إلي جرعة مكثفة من الوصفات التقشفية سيدفعها إلي ركود يزيد الأزمة عمقا, ويدفع مؤسسات التصنيف الائتماني إلي خفض تقديراتها للقدرة علي السداد لترتفع أسعار الفائدة مرة أخري, وستشهد البنوك تدافعا علي سحب الودائع لتنتقل الأزمة إلي باقي البنوك الأوروبية.
من الواضح أيضا أن الموارد المتاحة حاليا لصندوق الاستقرار المالي الأوروبي(440 مليار يورو) حتي مع توسيع حجم الائتمان المتاح إلي مليار يورو لن تكفي لإنقاذ إيطاليا وبقية الدول الغارقة في الأزمات مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال وأيرلندا. وقد ثبت من اجتماع مجموعة العشرين الأخيرة في كان أن الاقتصاديات الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل ومعها صندوق النقد الدولي لن تدعم خطط الإنقاذ الأوروبية قبل أن تتثبت أولا من أن الدول القوية في منطقة اليورو تخصص كل ما لديها من موارد لإنقاذ المنطقة.
وهذا لا يترك سوي ورقة أخيرة فقط هي التدخل القوي والصريح والعلني للبنك المركزي الأوروبي لشراء السندات السيادية للدول المتعثرة وحقنها بموارد مالية جديدة تعيدها إلي مسار النمو الإيجابي وتدفع معدلات الفائدة علي ما تطرحه من سندات جديدة في الأسواق إلي الانخفاض لتتيح لها فرصة ترتيب أوضاعها واصلاح قدراتها التنافسية المتقلصة. قد يقال أن البنك المركزي يقوم بذلك فعلا وقرر خفضا في أسعار الفائدة لإنعاش الاقتصادات الأوروبية. ولكن تدخله في الأسواق كان خجولا ومحدودا وبتفويضات مؤقتة لا تكفي لامتصاص الذعر وطمأنة المستثمرين علي سيطرة منطقة اليورو علي أزماتها. وصول الأزمة إلي البوابة الإيطالية يعني أن المطلوب حاليا هو تعهد علني باستعداد البنك لبذل أقصي ما هو ممكن وبدون قيود أو حدود لبناء حائط دفاعي حول منطقة الأزمات.
المشكلة أن القادة الرئيسيين في منطقة اليورو وفي مقدمتهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيوكولاي ساركوزي لا يكتفون بإثارة العراقيل أمام قيام البنك المركزي الأوروبي بدور الملجأ الأخير للإنقاذ باعتباره المخول وحده بإصدار البنكنوت علي أساس أن هذا يبتطلب تعديلات في معاهدة ماستريخت المنظمة لقواعد العملة الموحدة, بل أنهم يصبون الزيت علي النار بتصريحهما بأن اليونان قد يترك لها خيار الانسحاب من منطقة اليورو إذا لم تلتزم بالقواعد, وهو ما أثار الشكوك في امكانية التضحية بإيطاليا أيضا. ويضاف إلي ذلك تلميحات صدرت في العاصمتين المؤثرتين تشير إلي احتمال قبولهما لانقسام منطقة اليورو إلي قلب قوي يمضي قدما علي خطوات الاندماج وحلقة تستظل بها الاقتصادات الهامشية الضعيفة علي مسار أكثر بطئا. ربما أراد الزعيمان اعطاء انطباعا للأسواق بأنهما لن يقبلا بأي تخاذل من جانب حكومات الدول الضعيفة علي الوفاء بتعهداتهما للاصلاح ولكنهما بالتأكيد زادا مهمة البنك المركزي لطمأنة المستثمرين علي بقاء منطقة اليورو متماسكة تعقيدا وصعوبة.
ربما تحقق سيناريو الكابوس الإيطالي مبكرا عن موعده المتوقع ولكن هذا قد يكون نعمة من حيث لا يدري أحدا لأنه وضع الجميع أمام حقائق لا يمكن الالتفاف حولها, وهي أنه إذا كان مقدرا أن تبقي منطقة اليورو متماسكة فلا بد أن تنجح عملية إنقاذ إيطاليا, وهذا يتطلب وضع حد للمهازل السياسية الداخلية واتخاذ خطوات اصلاحية قوية وتحمل التضحيات لاستعادة النمو والقدرة التنافسية, ودعم علني وصريح ومفتوح من البنك المركزي الأوروبي, وموقف لا يحتمل اللبس من ميركل وساركوزي بشأن بقاء منطقة اليورو في شكلها الحالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.