ثمة ما يدفعني إلي الإحساس الآن بأن الحسم سيكون علي الأرض السورية لا غيرها, وبحيث سنجد أنفسنا أمام خريطة جديدة وشيكة تدفع إليها التطورات التالية أو تعتبر من تجلياتها: نحن أمام65 ألف مقاتل سني من29 دولة إسلامية في سوريا مسلحين بمعدات من كرواتيا وليبيا ضمنها مدافع عديمة الارتداد وقاذفات قنابل ميلكور, مولت شراءها بعض دول الخليج, وعند توقف القتال واطلاق الحوار سوف يبدأ تدوير فائض الطاقة القتالية في معارك أخري علي أراضي عدد من الدول المجاورة وهو ما وصفه نوري المالكي رئيس وزراء العراق( وأحد أصوات إيران) بأنه سيؤدي إلي حرب أهلية في لبنان وحرب طائفية في العراق وانقسام في الأردن( وهذا ما أراه اعادة انتاج لنموذج المرتزقة في بعض الدول الإفريقية, أو هو تكرار لموديل ما بعد حرب أفغانستان ضد السوفيت). نحن أمام ما يشبه ثقافة التطهير العرقي والمذهبي والطائفي سوف تنتشر في المنطقة, إذ إن الهتاف الأكثر شيوعا في سوريا الآن:( المسيحي إلي التابوت والشيعي والعلوي إلي بيروت), وهو ما رافق علي صعيد آخر قيام تنظيم دولة العراق الاسلامية بتوزيع منشورات في ديالي لقتل الشيعة ومحاربة عناصرهم في الجيش والشرطة, وقيام السنة في بلدة عرسال اللبنانية بتهريب السلاح إلي سوريا لضرب الشيعة في بعض القري الحدودية. روسيا رغم إصرارها( علي لسان وزير خارجيتها لافروف في مباحثاته مع كير) علي الحل السلمي, إلا أنها نبهت مرارا وتكرارا إلي أن إسقاط نظام بشار ينبغي أن يظل أمرا من اختصاص الشعب السوري وحده.. وبرغم ذلك فإن موسكو سوف تبدأ مواجهة ما أسماه بوتين الإخلال بالتوازن الاستراتيجي الناجم عن تصدير الراديكالية إلي تخومها, وبالذات في وسط آسيا يعني سترفع من قدراتها الدفاعية في تلك المناطق, وتقوم بمواجهة التطرف بنفسها بدلا من أن تضطلع به سوريا أو غيرها بالوكالة. علي الرغم من موقف طهران الذي يري الأسد رئيسا شرعيا لسوريا حتي الانتخابات المقبلة ويحق له دخولها فهناك محاولة لتثبيت ايران تتمثل في نتائج محادثات(5+1) والاتحاد الأوروبي في كازاخستان أخيرا والذي خرج منه علي أكبر صالحي وزير خارجية إيران .. يعني هناك محاولة لتنحية إيران مؤقتا وعبر ما يشبه التوافق حول ملفها النووي من مشهد المواجهات المتوقعة مع حزب الله في لبنان أو الصدامات بين الصحوات والشيعة في العراق الجارية الآن والقابلة للتطور وهو ما سوف تكون جماعات المقاتلين السنيين في سوريا عاملا أساسيا فيه مشتبكا في وقائعها, أو محرضا لسنة لبنان, أو صحوات العراق علي الاقتتال مع الشيعة فيها.. ونكمل غدا.