وزير التعليم لأولياء أمور ذوي الهمم: أخرجوهم للمجتمع وافتخروا بهم    "النواب" يناقش تعديل اتفاقية "الأعمال الزراعية" غدا الأحد    جامعة حلوان الأهلية: تقديم كافة التيسيرات للطلاب خلال فترة الامتحانات    2772 فرصة عمل برواتب مجزية في 9 محافظات - تفاصيل وطرق التقديم    بنحو 35 جنيها، ارتفاع أسعار اللحوم السودانية بالمجمعات الاستهلاكية    بيطري الشرقية: مسح تناسلي وتلقيح اصطناعى ل 6 آلاف رأس ماشية    "معلومات الوزراء" يعلن أجندة وبرنامج عمل مؤتمره العلمي السنوي    صوامع الشرقية تستقبل 575 ألف طن قمح في موسم الحصاد    رصيف بايدن!    النمسا تستأنف تمويل الأونروا    قمة كلام كالعادة!    وزارة الدفاع الروسية: الجيش الروسي يواصل تقدمه ويسيطر على قرية ستاريتسا في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا    صحة غزة: استشهاد 35386 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر الماضي    ما أحدث القدرات العسكرية التي كشف عنها حزب الله خلال تبادل القصف مع إسرائيل؟    بالأرقام.. أفضل 5 لاعبين في بطولة EMEA ببجي موبايل    اليوم.. 3 مصريين ينافسون على لقب بطولة «CIB» العالم للإسكواش بمتحف الحضارة    إصابة 3 طلاب أحدهم ب 90 غرزة في مشاجرة أمام مدرسة بالغربية    الأمن الاقتصادي: ضبط 1710 قضية ظواهر سلبية.. و13 ألف سرقة تيار كهربائي    بعد عرضه في كان، مؤتمر صحفي لطاقم عمل Kinds of Kindness (فيديو)    سوسن بدر توجه رسالة ل ريم سامي بعد زواجها (صور)    لماذا يصاب الشباب بارتفاع ضغط الدم؟    بعد حادث الواحات.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكليتي الحقوق والعلاج الطبيعي    أستاذ طب وقائي: أكثر الأمراض المعدية تنتشر في الصيف    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    استكمال رصف محور كليوباترا الرابط بين برج العرب الجديدة والساحل الشمالي    جوري بكر بعد طلاقها: "استحملت اللي مفيش جبل يستحمله"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    طريقة عمل الكيكة السحرية، ألذ وأوفر تحلية    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    ياسمين فؤاد: تطوير المناهج البيئية بالجامعات في مباحثات مع «البنك الدولي»    جامعة كفر الشيخ الثالثة محليًا فى تصنيف التايمز للجامعات الناشئة    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    متاحف مصر تستعد لاستقبال الزائرين في اليوم العالمي لها.. إقبال كثيف من الجمهور    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    «السياحة» توضح تفاصيل اكتشاف نهر الأهرامات بالجيزة (فيديو).. عمقه 25 مترا    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    بنك الأسئلة المتوقعة لمادة الجغرافيا لطلاب الثانوية العامة 2024    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    بدء تلقي طلبات راغبي الالتحاق بمعهد معاوني الأمن.. اعرف الشروط    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    فانتازي يلا كورة.. تحدي الجولة 38 من لعبة الدوري الإنجليزي الجديدة.. وأفضل الاختيارات    "الصحة": معهد القلب قدم الخدمة الطبية ل 232 ألفا و341 مواطنا خلال 4 أشهر    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    معاريف تكشف تفاصيل جديدة عن أزمة الحكومة الإسرائيلية    تراجع أسعار الدواجن اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    مفتي الجمهورية يوضح مشروعية التبرع لمؤسسة حياة كريمة    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    بدء امتحان اللغة العربية لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة والدراسات الاجتماعية بالقاهرة    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمانة الكلمة..والمسئولية
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 03 - 2013

ان أمانة الكلمة, وأمانة المسئولية تحتل الصدارة في الدين وفي بيان الحكم الشرعي, بحيث يجب علي من يقوم بمسئولية الفتوي في الدين أن يتحري الحق والصواب ومعرفة القرآن والسنة وأسباب نزول الآيات,
وأسباب ورود الأ حاديث, و أن يعلم المطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ إلي غير ذلك من الأمور والضوابط التي شرعها الإسلام حتي لا يفتي أحد بما يخالف الدين. وعلي طالبي الفتوي الا يسألوا إلا أهل الذكر, قال الله تعالي: فاسألو ا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون سورة النحل(34). ومن لم يكن أمينا علي فتواه وكان جريئا عليها كان جريئا علي النار( أجرؤكم علي الفتيا أجرؤكم علي النار)
فالذين يفتون بحل الدماء أو غير ذلك مخطئون ويقعون في جريمة القتل حين يتسر عون, عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: بعثنا رسو ل الله صلي الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقان من جهينه, فادركت رجلا فقال: لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلي الله عليه وسلم فقال:( أقال لا إله إلا الله وقتلته؟) قلت يا رسول الله انما قالها خوفا من السلاح قال: أفلا شققت عن قلبه حتي تعلم من أجل ذلك قالها أم لا؟ من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة فمازال يكررها حتي تمنيت أن لم أكن اساءت قبل ذلك اليوم.. رواه أحمد البخاري وغيرهما.
وكما تكون لأمانة الكلمة وأمانة المسئولية صدارتها في الدين فان لها أيضا أهميتها بين الحاكم والمحكوم وبين ولاة الأمر وبين الرعية.
فكم ترنحت مجتمعات وضاعت بسبب الصاق التهم ببعض الناس. والعجيب أن أهل الظلم والعدوان يسول لهم شيطانهم وانفسهم الامارة بالسوء أنهم علي حق, وأن غيرهم علي الباطل وانهم بهذا ينتصرون ويمكن لهم فيرتعون في بهتانهم ويطلون في عدوانهم سادرين.
وحفاظا علي صلاح المجتمع أمر القرآن الكريم بالتثبيت و التبين, إذا حمل فاسق نبأ فيه كذب يفتري به علي الناس فقال الله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين سورة الحجرات(6)
وحذر الرسول صلي الله عليه وسلم من أن يكون الرجل المسئول أذنا يسمع كل ما يقال, ويصدق كل ما يسمع ويحدث به فقال: كفي بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما يسمع رواه مسلم.
ووضح لأمته ان الله تعالي يكره قيل وقال, فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن الله يرضي لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا: فيرضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا, وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وان تناصحوا من ولاه الله أمركم ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال رواه مسلم.
إن واجب كبار المسئولين ان يصونوا سمعهم عن أصحاب قاله لسوء الذين يبغون الافساد بين الناس وهدم بعض شخصيات ليرتفعوا علي أنقاضهم.
ولطالما أغلق الرسول صلي الله عليه وسلم الباب في وجوه الذين ينقلون البهتان علي غيرهم فقال عليه الصلاة والسلام: لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا فاني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر رواه أبوداوود.
وحرصا من الإسلام علي العلاقات الإنسانية بين المسلمين نهي الإسلام عن عديد من الرذائل التي تؤثر علي علاقات الناس كرذيلة الظن السوء فنهي عنها وعن التجسس والغيبة والنميمة كل هذه الرذائل وأمثالها نهي الإسلام عنها لانها تؤثر علي علاقات المسلمين فيما بينهم فقال الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقو ا الله ان الله تواب رحيم سورة الحجرات(21)
لقد صور القرآن الكريم الذي يغتاب أخاه المسلم كأنما يأكل لحمه بعد ان مات
انها صورة مقززة, ولذا حذر الرسول صلي الله عليه وسلم من قلبه, لا تغتابو ا المسلمين, ولا تتبعوا عوراتهم فانه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته, ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته رواه أبوداوود
وأكد الإسلام علي تحريم الغيبة والبهتان حين يغتاب أحدهم الناس أو يبهت أحدهم الآخر, قال عليه الصلاة والسلام: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: ذكرك أخاك بما يكره, قيل: أفرأيت ان كان في أخي ما أقول؟ قال: ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته, وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته رواه مسلم وأبوداود وبعض الذين امتحنهم الله بالمسئولية يتخذون البهتان سبيلا لضرب الآخرين والافتراء عليهم وتلفيق التهم الظالمة حتي ينتقموا منهم, ويبرر شيطانهم لهم, وتبرر أنفسهم الامارة بالسوء الافتراء والكذب علي الناس ولو علمو ا عقوبتهم التي قررها الإسلام لامثالهم لكفوا عن بهتانهم.
قد طمأن الله المظلومين الذي اسيء إ ليهم بأن ما حدث ليس شر ا لهم بل هو خير لهم, وأما الذين اساءوا وافتروا فلهم عذاب عظيم
قال الله تعالي: ان الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امريء منهم ما اكتسب من الاثم والذي تولي كبره منهم له عذاب عظيم, سورة النور(11).
الشكاوي الكيدية: ومن أخطر ما يهز استقرار المجتمع ان ترفع شكاوي كيدية لكبار المسئولين فتقع عقوبة بناء عليها ظلما علي إنسان أو يمنع من حق كان له, فيصبح هذا المظلوم كارها ساخطا غاضبا فاقدا ولولاءه وانتماءه بسبب الظلم الذي وقع عليه, ومن أجل ذلك زمر القرآن الكريم بالتبين والتثبيت كما في الآية السابقة:... ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين, ان هناك طبائع لبعض البشر الذين لا يرجي منهم خير ولا يؤمن منهم شر, ولا هم لهم إلا النيل من الناس وتجريحهم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( الا انبئكم بشراركم؟ فقالوا: بلي ان شئت يا رسول الله, فقال: شراركم الذين ينزل و حده و يجلد عبده ويمنع رفده) ثم قال: أفلا انبئكم بشر من ذلك؟ فقالوا بلي ان شئت يا رسول الله فقال: من يبغض الناس ويبغضونه, ثم قال أفلا انبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلي ان شئت يا رسول الله, قال:( الذي لا يقيل عثرة ولا يقبل معذرة ولا يغفر ذنبا) ثم قال: أفلا انبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلي يا رسول الله قال:( من لا يرجي خيره ولا يؤمن شره) وقال صلي الله عليه وسلم: من تنصل إليه فلم يقبل لم يرد علي الحوض) رواه الطبراني.
التقارير الظالمة: وكما يقع بعض العاملين في شكاوي كيدية فإن بعض المسئولين الذين ولاهم الله أمر مسئولين ما عندما يحملون علي بعض من ولاهم الله أمرهم, قد يحقون عليهم, وقد يقدمون تقارير ظالمة في حقهم من شأنها الإساءة إليهم وإيقاع الشقة بهم, عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فإشقق عليه, ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به رواه مسلم.
وحتي لا يتعرض الناس إلي قسوة من بعض المسئولين أفسح الإسلام للمعارضة وإبداء الرأي, وقدم الرسول صلي الله عليه وسلم من نفسه النموذج الأمثل لحرية الكلمة فعندما جاء إعرابي من أهل البادية قائلا في جراءة: أعطن, فليس المال مالك ولا مال أبيك فيبتسم النبي صلي الله عليه وسلم ويقول: صدقت إنه مال الله فيستفز الموقف عمر رضي الله عنه فيهم ليبطش بالأعرابي, فيرده الرسول صلي الله عليه وسلم في رفق وهو مبتسم قائلا: دعه يا عمر أن لصاحب الحق مقالا.
إن الإسلام وهو يشيد خير أمة أخرجت للناس يفسح لحرية الكلمة الطريق, ويؤكد علي أمانة الكلمة وأمانة القرار حتي لا يقع ظلم من أحد علي أحد, ولا بأس أن تنصح المسئول وتأمره بتقوي الله حتي لا يتجرأ الظالمون, لقد جري حوار ذات مرة بين عمر رضي الله عنه وبين أحد الناس, ولما تمسك الآخير برأيه وقال لأمير المؤمنين: اتق الله يا عمر وكررها كثيرا زجره أحد الصحابة الجالسين وقال له: صيه أي أسكت فقد أكثرت علي أمير المؤمنين, فقال له عمر رضي الله عنه: دعه فلا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها.
إن الله تعالي سائل كل وال عما استرعاه: حفظ أم ضيع فليتق الله كل من بيده مسئولية وأمانة في المجتمع كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وليحذر من تمكن له وظيفته أن يسيء إلي الناس أو يظلمهم أو يشوه صورتهم أو ينقل عنهم زورا وبهتاتا فإن الله تعالي لا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء, وإن الله تعالي ليملي للظالم حتي إذا أخذه لم يفلته ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.