اهتزاز ثقة المواطن المصري بالإعلام الحكومي جعل بالتبعية المشاهد العربي يفقد الثقة بهذا الإعلام بعد ان كان التليفزيون المصري يوما هو الرائد في العالم العربي وقوة ضاربة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وكان عنصرا مهما من عناصر القوة الناعمة في العالم العربي بجانب المسرح والسينما والدراما والأدب, فكانت إذاعة صوت العرب منذ نشأتها في الستينيات مصدر إلهاب لحماس الجماهير العربية, إضافة للإذاعات الموجهة كفلسطين وركن السودان والإذاعات الموجهة خارج القطر العربي بأكثر من38 لغة, وقد جعل هذا الانتشار الاعلامي المصري مؤثرا ورائدا ومساهما في حركات التحرر في العالم العربي والإفريقي, أما اليوم فقد أصبح تأثير الإعلام المصري الرسمي لا يذكر تقريبا, وانصرف المشاهد والمستمع العربي من حوله. وعن عودة ماسبيرو كقوة إعلامية رائدة يقول محمود عزت نائب رئيس قطاع الأخبار المسموعة انه رغم انهيار أداء الإعلام المصري الحكومي فإنه بقليل من الجهد والأداء الجيد قادر علي أن يستعيد دورة الريادي مرة أخري, فالعودة مرة اخري الي الدور التنويري للإعلام يجعله يعود للريادة, فهو بحاجه الي التزامه بالأداء المهني السليم والحيادية, وتأهيل كوادر إعلامية قادرة علي منافسة القنوات الأجنبية والعربية وخصوصا الإخبارية منها, أما الإعلام الخاص فان امتلاك بعض أصحاب النفوذ للقنوات الفضائية بهدف التأثير علي النظام الحاكم كان سببا رئيسيا في انحدار الإعلام الخاص ولكن ذلك لا يجعلنا ننكر أن برامج التوك شو التي ظهرت في تلك القنوات ومقدميها وجرأتهم في تناول الموضوعات الشائكة والمسكوت عنها جعلها تحظي بنسبة مشاهدة عالية نحت في التقليص من الاهتمام ببعض القنوات الإخبارية الخاصة كالجزيرة والعربية مثلا. ويقول د.صفوت العالم الأستاذ بإعلام القاهرة: إن موضوع الريادة يحتاج الي كوادر وأفراد علي درجة عالية من الثقافة والتعليم أولا, والأهم هو عودة مصر لسابق عهدها في الثقافة والمعرفة والسياسة والفنون, وكلها عناصر مكملة للوصول الي الريادة, فعندما كنا رائدين في السينما والثقافة والمسرح والدراما كنا رائدين في الإعلام, فالإعلام يعكس البيئة الثقافية والسياسية والفنية الموجودة في وقتها, لذلك كان رائدا عندما كان لدينا انتاج درامي غزير بينما كان الإنتاج متواضعا في الدول العربية, ورائدا في الإنتاج المسرحي بينما لم يكن هناك دولة عربية تنتج مسرحيات, وكان لدينا من المثقفين ورجال العلم يظهرون لتوصيل علومهم بينما كانت الدول المجاورة مازالت حديثة عهد بالثقافة والاهتمام بالعلوم, وكذلك كانت مصر دولة قائدة سياسيا مما جعل إعلامها رائدا لمتابعة مستجداتها والآن الوضع مختلف, ولكي ننهض بالإعلام ونجعل له دور الريادة يجب ان يكون هناك عناصر ننهض بها أولا ثقافية وسياسية وعلمية وفنية وان يعود ماسبيرو لدورة التنويري وان يتاح لديه انتاج معرفي وثقافي وفني مميز لان ما ننتجه اليوم في مصر مثلا ينتج مثله في الخليج والاردن وليس لدينا منتج اعلامي متميز قادر علي المنافسة والريادة.