ضرب نيتانياهو عصفورين بحجر واحد عن حق هذه المرة. فقد نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بصعوبة في اولي خطوات تشكيل ائتلاف حكومي جديد بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة ولم يجد غير حزب الحركة وزعيمته تسيبي ليفني التي تعد من ألد أعدائه, أو علي الأقل هذا ما كانت عليه سابقا الآن, ليتفق معها علي تولي وزارة العدل ثم أسند لها مؤخرا ملف مفاوضات السلاممع الفلسطينيين في الحكومة المقبلة. ورغم التشكيك والانتقادات الواسعة سواء من الجانب الإسرائيلي أو الفلسطيني فإنه نجح حقا في ضم حليف جديد له ولو مؤقتا وإلقاء المسئولية مع قضية اكتفي بتحمل التنديد والتهديد بسببها وحده لسنوات طويلة. ولكن هل يظن حقا أنه بذلك أقدم علي خطوة ذكية لتسهيل المشوار الصعب؟. وقد يعد تعيين ليفني كبيرة المفاوضين الإسرائيليين في المفاوضات مع الفلسطينيين في الائتلاف الجديد دليلا علي وجود تغيير في النهج الإسرائيلي المتبع تجاه القضية الفلسطينية ومحاولة من جانب الحكومة الإسرائيلية لاستئناف محادثات السلام التي توقفت خلال السنوات الأربع الأخيرة. وكانت ليفني مسئولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين عندما شغلت منصب وزيرة الخارجية في حكومة إيهود أولمرت بين عامي2006 و.2009 وتمكنت آنذاك من إحراز تقدم كبير في الملف لحين توقفت المحادثات في نوفمبر2008 بعد اضطرار أولمرت للاستقالة بسبب تهم بالفساد. ويأتي تعيين ليفني بعد ظهور توقعات عن مبادرة جديدة للسلام بسبب اعتزام الرئيس الأمريكي باراك أوباما زيارة إسرائيل والضفة الغربية والأردن الشهر المقبل, التي تعد بمثابة بصيص أمل لتحقيق أي تقدم ملموس في عملية السلام المحتضرة. لكن اتفاقات أعداء الأمس تكشف في الوقت نفسه عن الكثير من العقبات التي تنتظر مهمة ليفني الجديدة لتحقيق السلام. ومن هنا فإن اتفاق الائتلاف هو شاهد علي علاقة حذرة بين ليفني ونيتانياهووقد صيغ فيما يبدو بطريقة تهدف الي طمأنة المتشددين في حزبه الليكود الي أن رئيس الوزراء الذي لا يثق فيه الفلسطينيون سيكون صاحب الكلمة العليا في نهاية المطاف. وفي حين أن تعيينها كمفاوضة يشير إلي مسعي جديد للسلام فإنه أثار تساؤلات عما إذا كانت ليفني لن تكون سوي ورقة التوت لنيتانياهو الذي كانت مواصلته التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية عاملا حاسما تسبب في الأزمة. وكما كشف المحللون السياسيون الإسرائيليون فإن نيتانياهو سيستغلها لتبييض وجهه كمسئولة علاقات عامة في الخارج. وسيرسلها كثيرا الي الأمريكيين والأوروبيين الذين يحبونها حتي تشرح مدي صعوبة سير الأوضاع داخل الائتلاف وصعوبة التعامل مع الفلسطينيين. وفي محاولة منها لمواجهة هذا التشكك أكدت ليفني من قبل لنواب حزبها ان كاديما كان سيصبح ورقة توت لسياسة قائمة لو كان قد حذا حذو فصائل أخري وانضم لحكومة نيتانياهو التي شكلها منذ أربع سنوات لكن جهود تشكيل الائتلاف الحالي لاتزال جارية, كما أن اتفاقها مع نيتانياهو والتزامه بالسلام هما خطوط استرشادية لتحديد سياسة الحكومة. ورغم تأكيداتها فإن بنودا رئيسية في اتفاق الائتلاف وضعت خصيصا لتلجيم أبرز امرأة في المشهد السياسي الاسرائيلي حيث جاء في نص الاتفاق أن ليفني ستنسق مع رئيس الوزراء الذي يتحمل المسئولية العليا ويوجه السياسات الخطوات التي تقترحها وترفع له تقارير دورية عن كل التطورات. ونص الاتفاق أيضا علي أن نيتانياهو سيتابع شريكته السياسية الجديدة عن كثب ويعين ممثلا رفيعا يصاحب كل المفاوضات ويشارك في كل اجتماع واتصال ونقاش يتصل بعملية السلام. وبمعني آخر يجب ألا يكون تعيين ليفني مجرد خطوة تكتيكية من جانب نيتانياهو تمهيدا لزيارة أوباما, فإن ليفني لديها خبرة في مفاوضات السلام لكن الأهم هو القرار السياسي الذي ستنفذه وهذا يتوقف علي سياسة حكومة نيتانياهو. لذا نعود إلي تصريحات كل من اسرائيل والولايات المتحدة التين قللتا فيها من احتمالات حدوث انفراجة في جهود إقامة دولة فلسطينية, كما أنه بسؤال ليفني عما إذا كان كان نيتانياهو قد وعدها بوقف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية نجدها قد تملصت من الإجابة مكتفية بالرد بأن استئناف محادثات السلام مسألة معقدة, إذن يمكننا الافتراض بأنه مادام نيتانياهو رئيسا للوزراء فإن أي من اتفاقاته مع ليفني أو غيرها لن تؤدي إلي شيء, فهو يتبع خطة مكررة لإطالة الوقت وهي لم يكن امامها خيار لاستعادة بريقها بعد أن سحقت عدة مرات في الانتخابات.