قلبي مع سوريا والسوريين..أشعر بمدي خطورة الأزمة التي يمرون بها وأشعر بمدي الخطورة التي تمر بها الأمة والجامعة العربية وحاضر ومستقبل العمل العربي المشترك.. ولكنني أنزف دمعا ودما أيضا علي ما يعانيه أشقاؤنا في سوريا العروبة من عمليات قتل وجرح وتدمير علي أيدي قوات الأمن والشبيحة يوميا علي مدار أكثر من ثمانية أشهر. ففي الوقت الذي يظهر فيه هذا المقال للنور يكون القرار الذي اتخذه وزراء الخارجية العرب بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ومنظماتها قد دخل حيز التنفيذ ويكون الغطاء العربي قد رفع عن سوريا العروبة التي شاركتنا حرب أكتوبر المجيدة ضد إسرائيل والتي طالما كانت ركنا أصيلا في العمل العربي وكافة القضايا المصيرية التي تخص هذه الأمة. وكم كنت أتمني أن يتجاوب النظام السوري عمليا مع بنود الخطة العربية للخروج من أزمتها المتفاقمة حتي تجد كل العرب يقفون بجانبها ويساندونها في أزمتها ويصدون عنها كيد المتآمرين والمتربصين الذين نؤمن أنهم لا يريدون خيرا لهذه الأمة ولا لشعوبها ولا قادتها. ولكننا- وأقولها بكل حزن وأسي- وجدنا مناورة تتلوها أخري دون أي تقدم ملموس علي صعيد حل الأزمة بل لمسنا مزيدا من عمليات القتل والتدمير وسفك دماء السوريين في حمص وحماة وريف دمشق وغيرها من أرجاء الوطن الشقيق!! فقد رفضت سوريا في البداية المبادرة العربية لنزع فتيل الأزمة ثم قبلتها واستقبلت أعضاء اللجنة الوزارية المعنية بهذا الأمر..لكن الواقع علي الأرض ظل علي ما هو عليه..وعندما علق الوزراء في اجتماعهم الطارئ الأخير عضوية سوريا وجدنا خروجا علي الأعراف الدبلوماسية وغضبا وهجوما بألفاظ نابية علي شخصيات سياسية وهيئات دبلوماسية لها وزنها واحترامها..ثم جاءت بعد ذلك المبادرة السورية الأخيرة بالمطالبة بعقد قمة عربية طارئة لمناقشة الأزمة..وهي في تقديري مناورة جديدة جاءت متأخرة كثيرا و لن يكتب لها النجاح بعد أن دارت العجلة إلي الأمام وأقر وزراء الخارجية العرب تعليق عضوية سوريا بأغلبية كبيرة لم تكن بمعزل عن موافقة واستشارة قادتهم وزعمائهم. المهم الآن أن تكف سوريا عن مناوراتها..وأن توقف آلة القمع العسكرية ضد مواطنيها المدنيين.. وأن تدرك أن أزمتها قد دخلت بالفعل مرحلة الخطر وأن شبح التدخلات الأجنبية يطاردها ويحوم حولنا.. وأنه لاسبيل للخروج من هذه المعضلة إلا بالتعاون بشفافية وإخلاص مع الآلية التي أقرتها الجامعة والمنظمات العربية المعنية بحقوق الإنسان لحماية المدنيين السوريين..كخطوة أولي نحو حل الأزمة.. وأيضا نحو رفع تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية واستعادة مقعدها ومكانتها في بيتها..بيت العرب الذي يعتز بها وتعتز به..ونتمني من أعماق قلوبنا ألا يدركنا الوقت وتفوت الفرصة ولا ينفع حينها البكاء علي اللبن المسكوب!! [email protected]