إذا كان قرار المجلس الوزاري العربي بتعليق مشاركة سوريا في الجامعة العربية ومنظماتها يشكل ضربة قوية لنظام بشار الأسد, فإنه في الوقت نفسه يضع المعارضة السورية في مأزق كبير.+ فالحوار الذي ستطلقه الجامعة مع المعارضة اعتبارا من اليوم ينبغي أن يشمل جميع اطياف تلك المعارضة في الداخل والخارج, وهو أمر يثير تساؤلات كثيرة حول من ستتاح له الفرصة للمشاركة ومن سيستبعد, وكيفية تلافي الخلافات الموجودة بالفعل بين هذه الأطراف, والتي كان من مظاهرها حادثة التراشق بالبيض والعراك بين عدد من المعارضين أمام الجامعة العربية الأسبوع الماضي. ومنذ سنوات والنظام السوري يراهن علي أزمة الثقة الوطنية بين التيارات والقوي والمكونات المختلفة للشعب السوري, حيث يرتاب العرب بالكرد, ويخاف المسيحيون من المسلمين, ويتبادل السنيون والعلويون الكراهية وسوء الظن, ومثل ذلك بين العلمانيين والإسلاميين, وبين معارضة الداخل والخارج, وطالبي التدخل الخارجي ورافضيه. لقد فشلت المعارضة السورية متعددة الانتماءات والمصالح في تشكيل ائتلاف موحد ليكون بديلا عن نظام الأسد, وهي نتيجة طبيعية لخمسة عقود من احتكار العمل السياسي في البلاد. ويعد المجلس الوطني السوري الذي تم تشكيله في اسطنبول خلال شهر أكتوبر الماضي أهم قوي المعارضة لأنه يضم عديد من التيارات مثل: إعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي والإخوان المسلمين وأحزاب وقوي كردية وشخصيات وطنية مستقلة وزعماء عشائر. وهناك قوي أخري لا يمكن تجاهلها وخاصة في الداخل السوري, مثل هيئة التنسيق الوطني وبعض الشخصيات التي لعبت دورا معارضا خلال السنوات الأخيرة. لكن أزمة الثقة الوطنية ستظل هي التحدي الأقوي الذي تواجهه المعارضة السورية اليوم, وإذا لم تستطع التغلب عليه سيكون ذلك أهم سلاح يتحصن به بشار الأسد. المزيد من أعمدة فتحي محمود